‘الكوريدور الإيراني ما هو.. كيف ولماذا عدلت إيران مساره؟’
31 مايو، 2017
أعلن القيادي في قوات “الحشد الشعبي” في العراق أبو مهدي المهندس في 29 مايو/أيار عن وصول هذه القوات إلى الحدود السورية مع العراق بعد استعادة عدد من القرى الإيزيدية من قبضة تنظيم “الدولة الاسلامية”، وأكد المهندس أن الحشد مستمر في القتال حتى تطهير كل الحدود العراقية – السورية وإنهاء وجود التنظيم في البلاد.
ويرى بعضهم أن وصول الحشد الشعبي إلى الحدود السورية يمثل خطوة كبيرة على طريق إقامة ممر بري يصل إيران بالبحر المتوسط مروراً بالعراق وسوريا والذي يعرف إعلامياً بــ”الكوريدور الإيراني”.
وكان الحشد الشعبي وبمساعدة مقاتلين إيزيديين يطلق عليهم اسم “الحشد الإيزيدي” قد سيطر يوم الأحد على المزيد من القرى والبلدات غربي الموصل شمالي العراق، قرب الحدود السورية وأهمها قرية “كوجو” الإيزيدية في قضاء سنجار (شنكال) والتي تعرضت لعمليات سبي نساء وقتل واسعة على يد عناصر التنظيم عام 2014.
الممر – الكوريدور
وصول الحشد إلى الحدود مع سوريا يعني أن الفرصة باتت سانحة أمام طهران للسير قدماً في إنشاء خط مباشر يصلها بالساحل السوري على البحر المتوسط عبر الأراضي العراقية والسورية مما يمكنها مستقبلاً مد نظام الأسد والمليشيات التي ترعاها في سوريا أو لبنان بالسلاح والعتاد والرجال.
تنفيذ هذا المخطط ووضعه موضوع التنفيذ مباشرة الآن يتوقف إلى حد بعيد على موقف أكراد سوريا الذين تدعمهم الولايات المتحدة في حربها ضد “تنظيم الدولة” في سوريا وموقف واشنطن التي أعربت في أكثر من مناسبة عن قلقها من دور المليشيات الإيرانية في سوريا.
والمنطقة الكردية في سوريا والتي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي تمتد من حدود إقليم كردستان العراق وصولاً إلى الغرب من مدينة منبج في محافظة حلب وهي متصلة جغرافياً بمناطق سيطرة النظام في ريف حلب. تعيش هذه المنطقة في ظل حصار اقتصادي فعلي مما يترك الباب مفتوحاً للمساومات بين طهران ونظام الأسد من جهة والإدارة الكردية في سوريا من جهة أخرى والتوصل إلى تفاهم ما يخدم مصالح الطرفين.
وفي حال لم تتوصل طهران ونظام الأسد والإدارة الكردية في سوريا إلى اتفاق أو تفاهم في هذا المجال، فلن يبقى أمام طهران سوى التوجه جنوباً نحو منطقة القائم.
وأقرب مواقع قوات النظام إلى الحدود مع العراق تقع في مدينة دير الزور وهذه القوات يحاصرها التنظيم منذ فترة بعيدة.
وكانت القوات الأمريكية قد قصفت قبل عدة أيام رتلاً من المليشيات الشيعية كان متجهاً من دمشق إلى المعبر الحدودي مع العراق في منطقة التنف في المثلث الحدودي الصحراوي بين سوريا والأردن والعراق. وتسيطر على هذه المنطقة قوات معارضة سورية تدعهما واشنطن وأقامت الأخيرة فيها معسكراً لقوات خاصة قوات أمريكية وبريطانية.
تعديل المسار
وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية في عددها الصادر في السادس عشر شهر من مايو/أيار 2017 إن قاسم سليماني وهادي العامري قد أمرا بتعديل مسار الممر مؤخراً بسبب عدم ارتياح طهران من التواجد المتزايد للقوات الأمريكية في شمالي سوريا.
وقالت الصحيفة إن نقطة دخول الممر إلى الأراضي السورية يقع على بعد 140 ميلاً جنوب المسار السابق مع الحفاظ على المسار الأصلي الذي يصل الحدود العراقية الإيرانية مروراً ببلدة جلولاء في محافظ ديالى متجهاً نحو الشمال الغربي إلى بلدة الشرقاط في محافظة صلاح الدين حتى الوصول إلى جنوب بلدة تلعفر غربي الموصل.
وبعد ذلك ينحرف إلى الجنوب الغربي بموازاة الحدود مع سوريا ودخول الأرضي السورية عبر المنطقة الحدودية الواقعة شمال شرق بلدة “الميادين” السورية، والتوجه منها إلى مدينة دير الزور وصولاً إلى مدينة تدمر الواقعة تحت سيطرة قوات النظام وسط سوريا، والانطلاق منها إلى العاصمة دمشق وبعدها إلى مدينة حمص وصولاً إلى الساحل السوري على البحر المتوسط..
أما المسار السابق فقد كان من المقرر أن يمتد من تلعفر إلى معبر “ربيعة” الحدودي بين سوريا والعراق والذي تسيطر عليه قوات البيشمركة ومنها إلى مدينة القامشلي والاتجاه بموازاة الحدود مع تركيا مروراً بمدينة كوباني (عين العرب) وصولاً إلى مدينة عفرين الكردية ومن ثم الاتجاه جنوباً نحو مدينة إدلب ومنها إلى حمص وسط سوريا.
وأعلنت مصادر في الحشد عن البدء بحفر خندق وبناء سواتر على الحدود بين العراق وسوريا لمنع تنقل الأفراد والعتاد بين طرفي الحدود.
وأكد القيادي في الحشد كريم الخاقاني أمس أن فريق “الجهد الهندسي بدأ اليوم بحفر الخنادق وإنشاء السواتر على الحدود العراقية” موضحاً أن “عمليات تطهير الحدود اتجهت جنوباً صوب الشريط الحدودي مع قضاء القائم أقصى محافظة الأنبار”.
نقطة تحول
وصول القوات الحشد الشعبي إلى الحدود السورية قد يمثل نقطة تحول في مسار القضية السورية كون ذلك يمهد لفصل مناطق التنظيم في العراق عن المناطق التي يسيطر عليها في سوريا.
وأصبح الحشد تحت إشراف وزارة الدفاع العراقية منذ أقل من عام بحيث بات تسليحه وتمويله يتم عبر موازنة وزارة الدفاع العراقية بينما يقوم مستشارون عسكريون إيرانيون بتقديم المشورة له وعلى رأسهم قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
ومن أبرز فصائل الحشد الشعبي قوات “بدر” بقيادة هادي العامري المقرب من فيلق القدس، وهي قوات منظمة جيداً وتمتلك مدافع ودبابات ومدرعات مما مكن هذه القوات من التوجه بسرعة إلى الحدود العراقية – السورية وقطع طرق الإمداد عن مقاتلي التنظيم في عدد من القرى والسيطرة عليها بسهولة.
وتسيطر وحدات من المقاتلين الإيزيديين (وحدات حماية سنجار) ومقاتلون من حزب العمال الكردستاني على المنطقة الواقعة غربي جبل سنجار حتى الحدود السورية بينما تسيطر البيشمركة الكردية على الحدود السورية العراقية الممتدة من سنوني إلى الشمال مروراً بمعبر ربيعة مع سوريا حتى مثلث الحدود العراقية السورية التركية.
وعلى الطرف الآخر من الحدود التي سيطر عليها الحشد تنتشر “وحدات حماية الشعب” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وهي تسيطر على أغلب مساحات محافظة الحسكة السورية باستثناء بعض النقاط التي توجد فيها مراكز حكومية في مدينة الحسكة، مركز المحافظة، ومدينة القامشلي التي يوجد فيها مطار القامشلي المدني الداخلي الذي تديره الحكومة حالياً.
وإذا توجهت قوات الحشد جنوباً بمحاذاة الحدود السورية فإنها ستكون في مواجهة مباشرة مع “تنظيم الدولة” داخل الأراضي السورية قريباً.
[sociallocker] [/sociallocker]