بعد تحريرها من داعش… مدينة الباب تنهض من جديد وأهالي حمص متفائلون


أسامة أبو زيد: المصدر

مدينة الباب إحدى أكبر مدن ريف حلب من حيث السكّان، والتي تبعد عن مدينة حلب 38 كيلومتراً شمال شرق، تعود لتنبض بالحياة من جديد، وذلك بعد ما عانت هذه المدينة من الحرب والصراعات، وأفسدها القصف والتدمير بشكل كبير، حيث تعرضت هذه المدينة في فترات طويلة لاعتداء من قبل طيران الأسد وصواريخه، ليدخلها داعش في كانون الثاني/يناير من عام 2014م، وينسحب منها في 23شباط/فبراير 2017م، تاركاً ورائه مدينة أشباح مدمرة لا تخلوا من منزل مصاب أو بناء مهدم بعد معارك شديدة في إطار عمليّة “درع الفرات”، التي انطلقت في 24آب/أغسطس 2016م.

أكوام الركام والطرق المحفورة والمنازل المهدمة، مظهر بات يضمحل شيئاً فشيئاً، أمام حركة الجرافات والشاحنات التي لا تهدأ في المدينة، فيما ينشغل سكان المدينة بترميم وتجهيز منازلهم ومحالهم المتضررة للعودة لسكنها والعمل بها من جديد.

الناشط بهاء الحلبي ابن مدينة الباب تحدث لـ “المصدر” عن نهضة مدينته التي أصبحت مثال لإعادة الحياة رغم صعوبتها، فمعظم المباني تدمرت وجميع الشوارع كانت مملوءة بالأنقاض، ولكن ما آلت إليه حال المدينة اليوم أفضل بكثير عما كانت عليه سابقاً من انتشار للمحال التجارية المطاعم والمباني المأهولة والازدحام بأهالي المنطقة والنازحين المهجرين من مناطق سورية أخرى.

وتابع “بهاء” قائلاً “مع أول أيام التحرير بدأ عناصر الدفاع المدني بعملية رفع الأنقاض ونقلها من الأماكن العامة ليبدأ بعدها أهالي المدينة بإعادة إصلاح المنازل بدايةً ومن ثم إعادة إعمارها ضمن ما يتوفر لديهم من إمكانيات”.

وأضاف “الحلبي” لطالما حلمت بعودة مدينتي إلى سابق عهدها وها أنا اليوم أتابع عودتها بكل فرح مستقبلاً المهجرين من أهلها الذين فروا من الحرب الطاحنة التي شهدتها المنطقة ليعودوا أخيراً إلى منازلهم وديارهم.

الحياة المدنية تعود للمدينة

تراقب هذه المدينة من بعيد فتجدها أشبه بخلية نحل يعمل من بداخلها ليل نهار دون كلل أو ملل، في حالة ترقب للمدينة من بعيد تجدها أشبه بخلية نحل يعمل ليل نهار دون كلل أو ملل، حركة سريعة في شوارع رئيسة وفرعية وأسواق شعبية مزدحمة وحركة عمرانية وتجارية بعد أن فتحت المحلّات التجاريّة أبوابها، وكذلك بائعو المحروقات والصيدليّات والأفران.

بينما تعمل فرق الصيانة لإعادة تأهيل مشفى الحكمة وتجهيزه، حيث يتوقّع افتتاحه خلال الأسابيع المقبلة، كما وتعمل الحكومة التركيّة على إصلاح المدارس وتعيد تأهيلها، وتمدها بالحاجات الأساسية من كتب وقرطاسيّة.

كما تم إنشاء مراكز شرطة مدنية مدربة في تركيا لتقوم على الأمن والسلامة للمدنيين داخل المدينة وتنشر حواجزها وعناصرها في معظم بقاع المدينة، تطلب المساندة من فصائل الجيش الحر عند الضرورة، كما ويوجد فرق هندسية لمسح الألغام التي تركها تنظيم داعش ورائه داخل مقراته وشوارع المدينة ومنازل المدنيين.

وتهتم الحكومة التركيّة بمدينة الباب، من خلال كثرة الوفود الرسميّة التركيّة التي تزور المدينة، والتي كان آخرها زيارة مسجد عمر ابن الخطاب وسط المدينة والذي أعيد تأهيله حديثا ليفتح أبوابه أمام المصلين، ومن المتوقع البدء بمشاريع أخرى على مختلف الصعد التعليميّة والطبّيّة والخدميّة وغيرها.

أزمة المياه والكهرباء في مدينة الباب

بينما يواجه السكان مشاكل عدة سببها غياب المياه والكهرباء, إذ يعتمد السكّان في تأمين المياه على صهاريج غير صالحة للشرب تباع لهم، من أجل الاستخدام اليومي, بعد تعبئتها من الآبار، بينما يستخدموا مياه عذبة تستورد من تركيا لتباع في أسواق المدينة، أما الكهرباء فمعاناة المولدات وضجيجها وأزمات الأمبيرات والتقنين الطويل إحدى أضخم المشكلات أيضاً بعد المياه، حيث يقطع النظام مياه نهر الفرات، منذ سيطرته على محطّة الخفسة في 8 آذار/مارس.

النازحون متفائلون

ومن الملاحظ أن هذه المدينة وقراها وعدد من مدن الشمال السوري قد أصبحت مكان لنزوح مئات الآلاف من المهجرين السوريين، كما وتنتشر عشرات مخيمات النزوح في تلك المناطق.

الناشط الحمصي “محمد السباعي” تحدث لـ “المصدر” عن تفاؤله وأهالي مدينته النازحين من حمص إلى مدينة الباب عندما يشاهدون هذه المدينة التي تتغير بشكل يومي وتتطور وتزدهر وتزدحم بعودة أهلها الذين هجروها بسبب الحروب.

وأضاف “السباعي” اليوم يرى أهالي مدينة حمص النازحين في مدينة الباب مثالاً لمدينتهم “حمص”، منتظرين رفع ظلم الطاغية ونظامه عنها، ليعود إلى الأحياء المدمرة وحمص القديمة وكامل بقاع المدينة أهلها وسكانها فيبدؤوا بملية الإعمار والترميم والعمل لنهوض مدينتهم وازدهارها حتى تعود كما كانت عاصمة للثورة السورية الأبية وسط البلاد.

وختم “السباعي حديثه بقوله “هذا البلد لنا، ولن يعمر إلا بأيدينا”.





المصدر