أستانا 5 على الأبواب والمعارضة لا تبدي كثيرَ تفاؤل


صبحي فرنجية

لا تبدي المعارضة السورية أي تفاؤل حول مفاوضات أستانا المزمع عقدها في الأيام القادمة، ولا سيما أن النظام السوري لم يألُ جهدًا في محاولات التقدم العسكرية في البلاد، وقصف المدنيين في مناطق، دخلت حيز تخفيف التصعيد في اتفاق أستانا الذي تم أوائل الشهر الماضي.

صعّد النظام في غاراته التي تستهدف المدنيين في حماة، فضلًا عن دخوله السباق نحو البادية السورية، وأرسل تعزيزات عسكرية إلى محاور مثلث الموت الذي يربط ريف درعا بالقنيطرة ودمشق، وذلك في محاولة منه لاستعادة ما خسره في جولات القتال السابقة.

ويرى رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، رياض سيف، أن “الهدف الروسي من إيجاد أستانا كان يتمثل في تقويض جنيف، وإيجاد مرجعية بديلة”، مشيرًا إلى أن “ذلك لم ينجح، بسبب الموقف التركي الذي لم يسمح بذلك، وأداء وفد فصائل الثورة الذي رفض مناقشة البنود السياسية والدستور”.

وقال سيف، في مقابلة مع (جيرون)، نُشرت يوم أمس: إن “لدى الروس رغبة متكررة في الإمساك بالملف السياسي بعد تدخلهم العسكري، ولكن بعد 4 جولات ثبت أن قدرتهم على ذلك ضعيفة، إذ لم ينجحوا في تثبيت وقف إطلاق النار أو منع النظام وحلفائه من خرقه، ولم يحققوا أي تقدم في الملف الإنساني، بل يمكن القول إنهم شركاء في عملية التهجير القسري التي طالت مناطق عدة في ريف دمشق وحمص”.

كما قال مصدر في المعارضة السورية لـ (جيرون): إن “مفاوضات أستانا القادمة لا يمكن التعويل عليها كثيرًا وسط كل الانتهاكات التي قام بها نظام الأسد بحق اتفاق مناطق تخفيف التصعيد، وكل ذلك يتم أمام الدول الضامنة التي لم تحرك ساكنًا لمنعه”.

وأشار إلى أن “ما تم التوصل إليه في الجولة السابقة يختلف تمامًا عما تم على أرض الواقع، وهذا يُفقد ملف أستانا الكثير من الصدقية وإمكان التعويل عليه. أستانا القادم لن يكون نقطة تحول، أظن أنه سيُكمل مسيرة سابقيه، اتفاق ورقي، ونظام ينتهكه أمام أعين العالم أجمع، دون تحرك لردعه”.

من جهته، قال رئيس وفد التفاوض في جنيف، نصر الحريري: إن هناك اجتماعًا للهيئة العليا للمفاوضات سيكون في الخامس من الشهر الحالي، يعقبه اجتماع مشترك بين الهيئة والوفد المفاوض، موضحًا أن أحد محاور البحث في الاجتماع سيكون “دراسة التطورات السياسية والميدانية… بعد الاجتماع الماضي حصلت تطورات كبيرة على الأرض، من ناحية استمرار التغيير الديموغرافي وخروق اتفاق وقف النار، حتى مناطق خفض العنف لم يلتزم بها النظام ولا إيران ولا روسيا”.

وأضاف الحريري، في تصريحات لصحيفة (الشرق الأوسط)، أن أهم التحفظات لدى المعارضة هو أن “يكون لإيران التي شاركت النظام التدمير والتهجير والتغيير الديموغرافي والحصار، دور ضامن أو دور مراقب في خطوط المراقبة والفصل المقترحة”، وتابع: “ما نريده التزام كامل بوقف النار على مستوى البلد وسورية، بحيث يتجمد في المناطق التي تسيطر القوى الثورية عليها بمن فيها من مدنيين عزل وبنى تحتية وخدمية ومراكز طبية، والتي تستهدف من النظام وإيران وروسيا”.

وأكد أنه “حتى هذه اللحظة لا تزال اللقاءات الفنية مستمرة بخصوص تفاصيل دقيقة لموضوع مناطق خفض التصعيد. هناك بعض القضايا الإشكالية التي تخص إيران بالذات، والإجراءات التي يجب أن تتخذ فيما لو حصلت خروق. القوى الثورية لا تطلب مزيدًا من الاتفاقات التي لا يُلتزم بها. لدينا قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة واتفاقات لوقف النار. كل هذا لم يُلتزم به”.

وشدد على أن “إيران دولة مارقة، وهي جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل. لديها عشرات الآلاف يقاتلون إلى جانب النظام. ارتكبت مجازر وانتهاكات بحق معظم المناطق السورية. شاركت حكومة غير شرعية في حربها ضد الشعب. تستخدم وتقوم بممارسات طائفية تسهِم في زيادة الشرخ بين مكونات الشعب السوري، وتُسهِم بفاعلية في الإرهاب الأسود. لا يمكن أن تُقبل إيران ضامنًا للاتفاق”.

وفي السياق ذاته، قال المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، الدكتور رياض حجاب: إنه يرفض ما تقرر في اجتماعات أستانا، وقال: “إن إيران وهي جزء أساسي من المشكلة، وبالتالي لا يمكن أن تكون ضامنًا ومراقبًا وقف إطلاق النار”.

ورأى حجاب، في تصريحات لصحيفة (الحياة)، أن “إيران ما تزال، حتى بعد توقيع اتفاقية تخفيض التوتر، تحشد وتصعد في شكل كبير جدًا في مختلف المناطق التي أُعلنَت ضمن نطاق اتفاق خفض التوتر. فهناك تهجير قسري مستمر في حمص في حي الوعر، وفي القابون وبرزة وحي تشرين، وفي مختلف المناطق السورية. كما يجري تغيير ديموغرافي”.

ونوه إلى أن “إيران والنظام يعملان على إفراغ مناطق من سكانها وإحلال سكان مكانهم كما حصل في أماكن عديدة في سورية، وهم ينقلون للأسف شيعة من مكان إلى مكان. هناك قدوم كثيف للشيعة العراقيين والأفغان والباكستانيين إلى سورية، وهذا خطر كبير ليس فقط لسورية بل للمنطقة ككل”.

وحول مشاركة الفصائل المعارضة في مفاوضات أستانا، قال حجاب: “شجعنا أشقاءنا في الفصائل للمشاركة في أستانا، وأرسلنا وفدًا تقنيًا مع الفصائل لمساعدتهم. كنا -وما زلنا- نقول إن التركيز هو على وقف إطلاق النار فحسب، وهذا ما فعله زملاؤنا في أستانا خلال الجولات الماضية وإلى الآن، والوضع على الأرض لم يتحسن كثيرًا”.

وأوضَح: “أنا لا أقول إنه لم يتحقق خفض في مستوى العنف، ولكن ما نتمناه أن تنفذ القرارات الأممية تجاه وقف إطلاق نار شامل ووقف إطلاق النار العشوائي والطيران والبراميل، وهذا ما يتناوله القرار 2254 والقرار 2268 الذي صدر في 2016 وفيه هدنة ووقف إطلاق نار شامل”.

وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية وعمليات الإغاثة الطارئة، ستيفن أوبراين، قد رأى، قبل أيام، أن اتفاق أستانا “أسهم في انخفاض كبير في أعمال العنف في سورية”، وحذر في الوقت نفسه من أن يواجه الاتفاق مصير اتفاقات سابقة.

وقال أوبراين، في إفادة له خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول سورية: إن “الصراع في سورية لا يزال يمزق الأسر ويسبب معاناة وحشية للأبرياء ويجعلهم يتضرعون للحصول على الحماية والعدالة… في الأسبوع الماضي فقط، أصيب 30 طفلًا وامرأة بجراح خطرة في الأحياء المحاصرة في دير الزور، فيما كان السكان يصطفون من أجل الحصول على المياه”.

يذكر أن مفاوضات أستانا السابقة أنهت جدولها بالاتفاق على إقامة ما أسمته مناطق تخفيف التصعيد، وبموجبه يتم نشر وحدات من قوات الدول الثلاث (تركيا، روسيا، وإيران) لحفظ الأمن في مناطق محددة بسورية. وبدأ الاتفاق (الذي واجه الكثير من خروقات النظام) منتصف ليل 6 أيار/ مايو الماضي.




المصدر