‘نعيش على نفقتنا ويعاملوننا كأننا قذارات.. اللاجئون السوريون في لبنان يدفعون تكاليف باهظة ويُقابلون بالعنصرية’
3 يونيو، 2017
يعيش اللاجئون السوريون في لبنان وسط ظروف اقتصادية صعبة، يزيدها سوءاً بعض المواقف العنصرية التي يتعرضون لها، والتي تغذيها مواقف سياسيين لبنانيين وخطاب إعلامي من بعض وسائل الإعلام للتجييش ضدهم.
ويعيش معظم اللاجئون السوريون داخل المدن اللبنانية ويعيشون على نفقاتهم الخاصة مكافحين لتأمين احتياجاتهم الأساسية لا سيما في ظل الغلاء الكبير الذي تعيشه لبنان.
فعلى سبيل المثال تدفع عائلة الطفلة السورية آيات حريري 700 دولار إيجار المنزل الذي يعيشون فيه، وهو ما يعادل نصف ما يحصله والدها، وتشير آيات في تصريح لموقع “DW” الألماني، أن ما تبقى لديهم من أموال يصرفونها على شراء الطعام، لكنهم غير قادرين على معالجة شقيقها الأصغر الذي يعاني مرضاً مزمنا في العين لعدم قدرتهم المالية على ذلك.
وتعيش عائلة آيات في منزل مؤلف من غرفتين بعيد عن بيروت، وهومسكن محشور بين أعمدة شقق الطبقة المتوسطة والمنخفضة الدخل من المجتمع حيث ينقطع الكهرباء بشكل دائم ويوجد نقص كبير في المياه.
ولكن الأسوأ من كل ذلك حسب آيات هو مواجهة أحكام القيمة الجاهزة من السكان المحليين، حيث قالت: “يتعاملون معنا وكأننا قذارات، وكأننا عبء مع أننا نصرف هنا كل ما نجنيه”.
هربٌ من الموت
ووصلت آيات التي يبلغ عمرها 15 عاماً إلى لبنان في ديسمبر 2012 بعد انتفاضة مدينتها درعا على نظام بشار الأسد، وأشارت إلى أنه لم يعد أمامها وعائلتها من خيار عندما بدأ النظام يقتل الأطفال بوحشية، وتضيف عن معيشتها في لبنان: “هنا كل شيء باهظ، ويعاملوننا بشكل سيء. نريد الذهاب إلى كندا، لكن الأمم المتحدة تقول إن الأولوية ليست لنا”. وتضيف “لا نستطيع العودة إلى سوريا الآن فحسب، ولكن إن شاء الله، سأعود يوما ما”.
ويشير الموقع الألماني إلى أنه غالباً ما “يلقي السياسيون اللبنانيون اللوم على اللاجئين السوريين بسبب المشاكل الاقتصادية الكبيرة في البلاد. وكل هذا ينعكس على الشارع اللبناني ويصل الأمر إلى اعتداءات على السوريين يصفونها بأنها مبنية على أسباب عنصرية”.
ويشتكي مسؤولون لبنانيون باستمرار في المحافل الدولية عبء اللاجئين السوريين، على الرغم من تلقي لبنان 51 مليار دولار سنوياً مساعدات مقدمة من جهات أجنبية مانحة مخصصة للاجئين السوريين، بالإضافة إلى مبالغ كبيرة من دول الخليج لذات الغرض، وفقاً لما أكده جاد شعبان أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في بيروت. ويضيف: “بالتالي الأمر ليس له تأثير سلبي بل يخلق توازناً”.
تأثير إيجابي بالاقتصاد
وساهم اللاجئون السوريون في لبنان بدفع عجلة الاقتصاد، فمثلاً زاد عدد المشتركين في خدمات الهاتف النقال من 2.9 مليون إلى 5.7 مليون مشترك، وارتفعت مبيعات المواد الغذاية بنسبة 12 بالمائة، وفقاً لشعبان.
ويشير “DW” إلى أنه لا توجد دراسة تقارن بين ما تنفقه الدولة اللبنانية على اللاجئين والانفاق الكلي للاجئين. ويقول وسام حركة، وهو اقتصادي من البنك الدولي: “المصاريف التي ينفقها لبنان على السوريين يتم الحديث عنها كثيراً بعكس ما ينفقه السوريون في لبنان. ويشمل ذلك الزيادة في الاستهلاك وما لذلك من تأثير إيجابي مضاعف”.
وبالإضافة إلى ذلك يتعرض سوريون للاستغال في سوق العمل اللبناني، إذ يمتلك نحو 21 بالمئة من اللاجئين إقامة قانونية، بينما الغالبية يضطرون إلى اللجوء للعمالة الرخيصة دون أية حماية اجتماعية لهم، ورغم ذلك يلقي لبنانيون اللوم على السوريين في الاستحواذ على فرص عملهم.
لكن شعبان يعتبر هذه الادعاءات غير صحيحة، ويقول: السوريون يشتغلون في القطاعات التي لا يرغب اللبنانيون العمل فيها”، ويضيف “إذا كان لبنان لا يريد هؤلاء فليقم بمنعهم من الدخول إلى البلاد، ولكن لماذا يتم انتقادهم وفي نفس الوقت استخراج أكبر فائدة ممكنة منهم؟ إن الأمر شبيه بما يفعله الأمريكان المعارضون للمكسيكيين”.
وفقا للبنك الدولي كان الاقتصاد اللبناني ضعيفاً حتى قبل وصول السوريين. وفيما ينادي خبراء الاقتصاد والنشطاء بضرورة مد لبنان بمزيد من المساعدات المالية، إلا أنهم يطالبون أيضاً بأن يكون هناك اعتراف بأن السوريين يدفعون ثمناً باهظاً للعيش في لبنان.
أموال باهظة يدفعها اللاجئون
وكانت الجامعة الأمريكية في بيروت، أصدرت الشهر الماضي إحصائية قالت فيها إن اللاجئين السوريين في لبنان يدفعون نحو 378 مليون دولار سنوياً فقط ثمن إيجارات المنازل التي يقطنون بها.
هذه الإحصائية نشر ملخصها، ناصر ياسين، مدير الأبحاث في معهد “عصام فارس” التابع للجامعة الأمريكية، وقال في تغريدة بحسابه على “تويتر” إن السوريين يساهمون في الاقتصاد اللبناني بمعدل 1.04 مليون دولار أمريكي يومياً.
وأشار ياسين إلى أن مجمل ما يدفعه السوريون خلال عام كامل هو 378 مليون دولار على السكن، ناهيك عن الأموال التي يدفعونها مقابل الحصول على الطعام والمواصلات والرعاية الطبية، فضلاً عن أن بعضهم افتتح مشاريع تجارية ووفر فرص عمل لشبان لبنانيين.
وفي هذا السياق، قال ياسين في حملته التي أطلقها باسم “حقيقة اليوم” إن اللاجئين السوريين ساهموا في توفير ما يزيد عن 12 ألف وظيفة بين اللبنانيين عام 2016، لافتاً أن هذه الوظائف التي يشغلها لبنانيون تتركز في الدوام المسائي لمدارس خصصتها الأمم المتحدة لأبناء اللاجئين السوريين، الذين يصل عددهم في لبنان إلى نحو 1.5 مليون شخص.
[sociallocker] [/sociallocker]