حقوقية بريطانية تتحدى ويلات الحرب لإنهاض السوريين

microsyria.com محمد الحمصي

هي الإنسانية، تفرض على أحدهم نمط جديدا من الحياة قد تكون للأخرين ضربا من الجنون، أو انتحارا للبعض الأخر، أنت في سورية أذا أنت في مستنقع لا مخرج منه من الموت والدماء والاغتصاب والحياة السيئة، أنت في سورية إذا عليك أن تفارق جميع مقومات الرفاهية من الكهرباء وحتى الأصدقاء.

لم تكن “راضية شاه” الفتاة الأجنبية المرفهة التي تنحدر من مدينة مانشستر في المملكة المتحدة لتستمع للأصوات البعيدة من أصدقائها الأوروبيين بأن لا تفعلها وتدخل الثقب الأسود المسمى سورية، ففي مشاهد الإعلام العربي والعالمي، هذه البلاد أخطر بلاد في العالم.

هي الإنسانية، إذا لا شيء أخر، بكل جرأة وتصميم وعزم على خوض المجهول في سبيل قضية ولهفة وحب للإنسان تدخل راضيا الأراضي السورية منتصف حزيران من عام 2015 لترى بأم عينها كيف يعيش ملايين من البشر التي صدمتهم لكمات الحرب في حياتهم وتركت أثرا نفسيا لا يقل قسوة عن تلك الإصابات في أجسادهم لتنطلق رحلة راضيا نحو هدف أسمى من أن تلامسه الأرض لحلم يكاد يكون مستحيل المنال بمساعدة مئات آلاف النسوة التي دمرت الحرب حياتهم وأنهكت نفسيتهم وأتلفت روحهم ومزقت مجتمعهم

تروي رضيا ابنة الثماني والعشرين ربيعا رحلة سنوات انطلقت بها منذ مطلع العشرينيات من عمرها كانت راضيا منذ طفولتها محط شغف وفضول إنسانيتها التي ولدت معها منذ أول عائلة ساعدتها في مدينتها منذ أن كانت راضية في مطلع السابعة عشر من عمرها تسرد راضيا قصتها بسعادة وشغف للإنسان قائلة “كنت أبحث عنهم في كل مكان أولئك الذين بحاجة مساعدة، مساعدة غير الطعام والشراب مساعدة لا تمت للمعدة بصلة، مساعدة روحية نفسية اجتماعية قادرة على النهوض بالإنسان ليكون مفيداً في محيطه لا عبئاً على مجتمعه.

بعد تخرج رضيا من كلية الحقوق انتسبت لمنظمه تدعى hand and heart يد وقلب تابعه لمنظمه في المملكة المتحدة تدعى one nation عملت رضيا في المجال انساني قبل قدومها لسوريا وسافرت الى غزه عدت مرات لمساعدة المحتاجين نفسيا ومعنويا ومهنيا وحرفيا واجتماعيا اختارت سوريا لأنه البلد الاكثر حاجه للعون وإن العامل الانساني يتجه بعمله دائما  للمكان الاكثر حاجه وخلال تواجدها في سوريا وجولاتها ضمن المخيمات لاحظت ان هناك الكثير من النساء المثقفات اللواتي لا يجدن فرصه للعمل هناك الارامل والايتام الذين لا يجدون من يعتني بهم وهناك المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة دون معيل هي لم تعتقد ان الوضع هنا هكذا كانت كل ما تشاهده على قنوات التلفاز مجرد صور سطحيه للواقع المرير في سوريا

رضيا وبعد فراق طويل الأمد افتقدت فيه طقوس العائلة واحتضان الأهل هي تشتاق كثيرا لمنزلها وعائلتها ومدينتها لكن هناك شيء أكبر من هذا الشوق والحنين يمنعها من العودة، إنها الإنسانية والضمير والمشاهد والدموع التي ذرفتها رضيا أثناء مساعدتها لـ200 شخص شهريا تبكي معهم تضحك برفقتهم تأكل وتشرب وتشاركهم مأساتهم وآلامهم العميقة وضعت رضيا على عاتقها أن تساعد أكبر عدد ممكن المحتاجين تتحدث رضيا عن سر قوتها قائلة “الأصدقاء والعائلة ودافعي الإنساني هو سر قوتي” وتحاول رضيا إخفاء دموعها بالقول “لا أحد منا لا يشتاق لأسرته لكن الصور التي شاهدتها على الإعلام العالمي كانت سطحيا جدا بالنسبة للواقع الذي يعيشه السوريون هنا

توجه رضيا رساله للعالم مفادها ان “هذا الشعب هنا هو شعب مثل كل شعوب العالم له كل الحق ان يعيش حياه جيده ينعم فيها بالأمان اولا وكل متطلبات الحياه من كهرباء وماء وبيت مريح وكل طفل وامرأه ورجل هنا له حق الحياه كباقي العالم” أهم المشاريع التي اقوم بها في سوريا تهدف لدعم الانسان السوري

أول مؤسسة عملت فيها هي “يد وقلب” من ثم أسست Spotlight Syria وهي تهدف لان توصل صوت المعاناة في سوريا للعالم اجمع وتهدف ان تساعد كل شخص حسب احتياجاته، وقمت بافتتاح المركز النسائي الأول من نوعه الذي يهدف الى دعم المرأة في كافه المجالات المهنية والحرفية وتنميه مواهبها وجعل هذا المركز فسحة للعالم لكي يشاهد سورية جميلة بعين حقيقية لا القتل والدمار والمستنقع الذي يصوره العالم عن سوريا، سوريا بلد جميل ولست نادمة أبدا على دخوله على العكس تماما إنني سعيدة لأنني أستطيع مساعدة الناس هنا وقد أحبوني جدا وأنا أحبهم ولم أعد أتخيل حياتي بعيداً عنهم

تتحدث أمنة المترجمة التي رافقت رضيا منذ دخولها لسوريا عن حياتها الشخصية والعملية مع رضيا وقالت “لم تعد رضيا بالنسبة لي تلك الفتاة الأجنبية الغريبة التي أتت من بعيد وكنت المسؤولة عن توضيح وشرح ما تقوله بلغتنا أصبحت رضيا جزء هاما من حياتي ننام ونعمل ونسافر ونذهب سويا نساعد المحتاجين في كل مكان نتعرض للمصاعب والأخطار ونواجهها بكل صلابة رضيا باتت أكثر من صديقة إنها أخت وأظن أنها من بقايا عائلتي التي فقدت معظمهم في الحرب الدائرة في بلادي