أحياء خالية.. و”كابوس” إعادة الإعمار جاهز للتنفيذ


مرّ على “عاصمة الثورة”، كما يطلق عليها كثير من السوريين، أكثر من 15 يوماً على تهجير آخر مجموعة من سكان حي الوعر، ممن فضّلوا أن يتركوا منازلهم على الرضوخ لشروط النظام وروسيا.

لم تتغير أجواء المدينة حتى اليوم، بحسب ابنة مدينة حمص حنين، التي قالت إن الحواجز الأمنية ما تزال تتواجد على الطرقات، والحواجز الإسمنتية لا تزال تغلق الكثير من الشوارع، وأحياء حمص القديمة خالية من سكانها كما كانت طوال العامين الماضيين، وأضافت حنين متحدثةً لـ صدى الشام: “حتى حي الوعر محاط بالحواجز بالرغم من الحديث عن أن من بقوا داخله أجروا مصالحة مع النظام، وحتى المدنيون المقيمون في الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام لا يفكرون مجرد تفكير بالدخول إلى الوعر”.

 

تفاصيل لا عموميات

 من بقوا في حي الوعر بحمص فضلوا ذلك على مخيمات اللجوء أو الانتقال للعيش في مناطق الشمال السوري في ظل أوضاعهم الاقتصادية السيئة الناتجة عن سنوات من الحصار الخانق، لكن خيارهم هذا لا يعني أنهم “نسيوا الجوع والموت والنزوح ومن هُجر من عائلاتهم”، يقول ناشط من حمص، طلب عدم ذكر اسمه.

ويضيف الناشط لـ صدى الشام أنه: “حتى تلك الأحياء التي يسيطر عليها النظام منذ بداية الحراك، فيها معارضون، إلا أن سطوة الأمن والمرتزقة المنتفعين من النظام تمنعهم من التعبير عن رأيهم”.

ويلفت الناشط في الوقت ذاته إلى أن “هناك كثير من العائلات النازحة في مناطق النظام تنتظر العودة إلى منازلها المحرومة منها بذريعة انعدام الأمان، إضافة إلى أن تلك المناطق تم نهبها بشكل تام، ولم يبقَ منها إلا هياكل البيوت”.

 

 

في الذاكرة

 مع إفراغ حي الوعر من المعارضين تطوى صفحة من تاريخ حمص وتبدأ مرحلة مختلفة، لكن يبقى في ذاكرة العديد من أبناء المدينة مراحل ومحطات مفصلية أخرى مرت عليهم ولا يمكن أن ينسوها، ففي فترة تولي محافظ حمص محمد إياد غزال، منصبه كان هذا الرجل حديث الأهالي بممارساته وفساده، خاصةً وأن غزال هو أحد المقربين من بشار الأسد الذي أقاله عام 2011، بعد مظاهرات طالبت بإقالة المحافظ وقوبلت بعنف شديد، آنذاك كانت المظاهرات فرصة للتعبير عن رغبة شعبية بالتخلص من غزال وخاصة بعد أن نجح بإقرار مشروع “حلم حمص” أو كما كانوا يطلقون عليه “كابوس حمص”.

وبينما جاء طرح المشروع بذريعة تحويل المدينة إلى “دبي سوريا”، كانت مقدماته تنذر فعلياً بتدمير المدينة القديمة ومحيطها، وتهجير سكانها وهم في الغالب الأهالي الأصليين لحمص، وذلك عام 2010.

ويتذكّر أهل حمص أيضاً كما بقية السوريين “مجزرة الساعة” التي وقعت في 18 نيسان 2011، وقتل خلالها أكثر من 300 شخص، وجرح وفُقِد المئات يومها خلال فض قوات النظام للاعتصام السلمي في ساحة الساعة، وتسارعت الأحداث عقبها فظهرت فصائل المعارضة تحت اسم “الجيش الحر” الذي سيطر على عدة أحياء منها حمص القديمة و”باب عمرو” و “الخالدية” و”دير بعلبة” أواخر 2011.

وعقب مجازر وحملات عسكرية قامت بها قوات النظام حينها، خضعت الأحياء لحصار شديد منذ منتصف عام 2012 تقريباً، ثم بدأت وتتابعت عمليات التهجير من تلك الأحياء الثائرة وصولاً إلى حي الوعر.

 

“حلم حمص”

فيما لا تتوفر معطيات رسمية توضح ملامح المرحلة القادمة لمدينة حمص، فإن الواقع يقول بأن جزءاً كبيراً من المدينة بحاجة إلى إعادة إعمار، وهو خالٍ من السكان، كما أن الكثير من الأهالي هناك ليس لديهم ما يثبت ملكيتهم لتلك العقارات، ومنهم من غادر المنطقة، ما يعني أنه إن عاد سيحتاج إلى إجراءات قانونية طويلة ليثبت حقه، وفي النهاية سيُقيّم تعويضه بحسب الوضع الراهن، أي أن التعويض سيكون ضئيلاً جداً في مقابل تغيَر الأسعار في المستقبل.

وتشير مصادر محلية، لـ صدى الشام، إلى أن “هناك معلومات بأن مشروع إعادة إعمار حمص جاهز للتنفيذ، وهو نفسه مشروع “حلم حمص”، وأن المحافظ السابق غزال، عاد إلى البلد كمدير شركة مقاولات، وسيكون له الحصة الأكبر من تنفيذ المشروع”، وتضيف المصادر أن “بقاء الحال على وضعه في ظل سيطرة النظام، الذي ينفذ مصالحه الخاصة بعيداً عن المواطنين، يعني أن هوية حمص وتركيبتها السكانية ستتغير”.



صدى الشام