التهجير.. سلاح نظام الأسد لتغيير الخريطة السكانية في سوريا

7 يونيو، 2017

ارتفعت أعداد المناطق التي شهدت عمليات تهجير لسكانها في سوريا إلى 14 مدينة وبلدة، مع تهجير المعارضين لنظام الأسد من سكان حي برزة شرقي دمشق، قبل أيام، فيما يتهدد التهجير مناطق أخرى محاصرة.

وتعود أول عملية تهجير إلى العام 2014، حيث تم تهجير نحو 3 آلاف من المدنيين والمقاتلين من مدينة حمص (وسط) بواسطة حافلات إلى مناطق سيطرة المعارضة (شمال).

فيما كانت العملية الأكبر في مدينة حلب، نهاية العام الماضي (2016)، وخرج فيها نحو 45 ألف مدني ومقاتل بعد حصار دام نحو عام، وقصف يومي مكثف أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف.

وكانت العاصمة السورية دمشق وريفها، المكان الأبرز لسلسلة طويلة من الاتفاقات، التي يسميها نظام الأسد بـ”المصالحات”، فيما تطلق المعارضة عليها اسم “تهجير”.

وشهدت دمشق حتى مايو/ أيار الماضي 8 عمليات تهجير بدأت بمدينة داريا (غرب دمشق) في أغسطس/آب 2016 ، مع إفراغ المدينة كاملة من المعارضين والسكان الذين تجاوز عددهم 8 آلاف نسمة باتجاه الشمال السوري، لتكون المدينة الأولى التي تم إخلائها بشكل تام من سكانها في العاصمة.

ولم يبق للمعارضة في محيط دمشق، بعد عمليات التهجير الأخيرة سوى أحياء صغيرة، جنوبي المدينة، وحي جوبر شرقها، خاضعة للمعارضة، فيما أصبحت الغوطة الشرقية المعقل الوحيد للمعارضة في ريف العاصمة.

وقد مارس نظام الأسد الإستراتيجية ذاتها في كل المناطق، التي تم تهجير سكانها، إذا يبدأ بشن عمليات عسكرية وقصف يتسبب بهروب معظم سكانها، ومن ثم فرض حصار خانق على من تبقى من السكان ومقاتلي المعارضة.

ويتسبب ذلك في حالات مجاعة مثل ما حدث في بلدة “مضايا” بريف دمشق الغربي، والتي فقد على إثرها أكثر 60 مدنياً حياتهم نتيجة الجوع بحسب مصادر المعارضة.

ويتزامن ذلك مع مواصلة القصف، وفي النهاية إنهاك مقاتلي المعارضة وإجبارهم على الإذعان لـ “المصالحة” أو “التسوية”، كما يسميها النظام.

وتسببت عمليات الحصار والتهجير في تغيير التركيبة السكانية للبلاد، حيث بات أكثر من نصف سكان سوريا بين لاجئ في الدول الأخرى، أو نازح في مناطق سيطرة المعارضة، أو مهجر بمناطق سيطرة المعارضة.

وتتخذ الاتفاقات التي يبرها النظام مع المناطق الخاضعة للمعارضة السورية، شكلاً موحداً تقريباً، حيث يتم من خلالها إخراج من لا يرغب بـ”المصالحة” خارج المنطقة المستهدفة باتجاه الشمال السوري.

فيما يبقى الموافقون، داخل بيوتهم مقابل “تسوية أوضاعهم” مع السلطات الأمنية، وإعطاء مهلة ستة أشهر للمطلوبين للخدمة العسكرية في قوات النظام أو الفارين منها لترتيب أمورهم.

وتتنوع معاناة السوريين، الذين فضلوا البقاء في بيوتهم وقراهم، من شتى صنوف الضغط والترهيب، التي تشهد تصاعداً متوتراً مع تراجع المساحة التي تسيطر عليها المعارضة.

وأكثر ما يقض مضجع المتبقين في مناطق الاتفاقيات المذكورة هو هاجس الخدمة الإلزامية في قوات نظام الأسد.

ويقول “رائد صالحاني”، رئيس تحرير موقع “صوت العاصمة”، إن شعبة التجنيد في مدينة “معضمية الشام” التي خضعت للاتفاق في أكتوبر/ تشرين أول 2016، أبلغت المتخلفين للالتحاق بالخدمة الإلزامية، وتضمنت القائمة ألفي اسم، بعد انتهاء مهلة الأشهر الستة.

وأضاف أن ذات الأمر تكرر في مدينة الهامة، التي وصلتها قوائم لـ 2400 مطلوب، إضافة إلى التحاق أكثر من 4 آلاف آخرين بما يعرف بـ”الدفاع الوطني”، وهي مليشيات محلية مساندة للنظام.

وبيّن “الصالحاني”، أن غالبية الشبان الذين يسلمون أنفسهم للنظام، يتم تحويلهم لمراكز تدريب مؤقتة، ومن ثم يتم إلحاقهم بمليشيات عديدة أهمها ما يطلق عليها “درع العاصمة”، و”درع القلمون” التي تقوم بمهام مراقبة المناطق التي خضعت مؤخراً لسيطرة النظام.

ويشير إلى أنه يتم استخدامهم في المعارك بالخطوط الأمامية في عدة مناطق، وأهمها المناطق القريبة من دمشق التي يعمل النظام على فرض “المصالحة” عليها كما حدث في أحياء دمشق الشرقية (القابون – تشرين)، وفق الصالحاني.

وأكد رئيس تحرير موقع “صوت العاصمة”، وهو موقع مختص بتوثيق ما يحدث من تجاوزات في دمشق وريفها، أنه ليست وحدها قضية “الخدمة الإلزامية” ما تواجهه المناطق التي خضعت بطريقة “المصالحة”، لكن غياب الأمن يعد الهاجس الأشد على النساء والأطفال.

ويشير “الصالحاني” إلى أن المناطق، التي خضعت لنظام الأسد حديثاً، تحولت إلى مرتع لعناصر الميليشيات الموالية للنظام، والفرقة الرابعة الخاضعة لماهر الأسد، شقيق رأس النظام بشار الأسد.

ويلفت إلى أن تلك المناطق، وبينها مدينة التل (شمال شرق العاصمة)، شهدت عمليات واسعة من السرقة والتشبيح واعتداء بالضرب.

أما فيما يتعلق بالشق الإنساني والإغاثي، فما زالت عدة مناطق تخضع لحصار من قبل النظام رغم إخلائها من المعارضين.

وضرب “الصالحاني” مثلاً مدينة التل، التي يقطنها وفق إحصائيات الهلال الأحمر الدولي، أكثر من نصف مليون مدني، وتعاني من منع لدخول المواد الإغاثية والأغذية، وفرض “اتاوت” (رسوم مرور غير شرعية)، ما يرفع أسعار المواد على السكان.

وما أن يتم تهجير المعارضين من تلك المناطق، يتم التعامل مع المنطقة بعدة سيناريوهات، منها إدخال النظام لمؤسساته داخل المناطق (المصالحة).

فيما كان مصير بعضها انحداراً أمنياً كبيراً، كما حدث في مدينة حلب (ِشمال)، حيث تسلمت المهام الشرطة العسكرية الروسية، التي فشلت في ضبط الأمن.

وتسبب ذلك في انتشار العصابات (يطلق عليها عرفاً الشبيحة)، ما جعل المتبقين في المدينة يعيشون في خوف دائم في ظل انقطاع الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء.

ويخشى معارضون تكرار سيناريو حلب، في حي “الوعر ” بحمص (وسط سوريا)، و الذي دخلته الشرطة العسكرية الروسية، قبل أيام، بحسب مصادر بالمعارضة.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]