البيئة الشامية في المسلسلات الرمضانية: استسهال يحد من النجاح


تعيش الدراما السورية بلا شك في أسوأ مواسمها، فعدد المسلسلات السورية التي أنتجت هذا العام، والتي تمكنت من التسويق لنفسها وإيجاد مكان لها على الشاشات والفضائيات العربية وصل إلى أدنى حد له في الأعوام الستة الأخيرة؛ وكان للأعمال الدرامية التي تعتمد على فضاء البيئة الشامية نصيب كبير من الإنتاج السوري هذا العام، فقد أنتجت ستة مسلسلات شامية للموسم الرمضاني الحالي، وتمكنت جميعها من إيجاد مساحة لها على الشاشات العربية باستثناء “وردة شامية”، الذي سيعرض خارج السباق الرمضاني، لكن ماذا عن هذا النوع من الدراما، هل لا يزال يشغل بال الجمهور؟

قناديل العشاق
يشاع بأن صناع الدراما السورية يلجأون في الوقت الحالي، إلى البيئة الشامية لتقديم أعمالهم، لأن الفضائيات العربية قاطعت الدراما السورية الاجتماعية، لكن هذا الكلام لا يبدو دقيقاً، بالنظر لأعمال البيئة الشامية في الموسم الحالي؛ فالمسلسل الشامي الوحيد الذي عُرض هذه السنة، ولا يستند بتسويقه لأجزاء سابقة، هو مسلسل “قناديل العشاق”، والذي اعتمد في تسويقه على الممثلة اللبنانية سيرين عبد النور. وبالنسبة للمسلسل، فإنه تمكن من جذب شريحة واسعة من الجمهور في الأيام الأولى، ولكن سرعان ما بدأ البعض يعزفون عن متابعته، بسبب إيقاعه البطيء، والاعتماد بشكل كبير على تقنية “الفلاش باك” وتداخل الخطوط الزمنية بشكل لا يقدم أي إضافة على صعيد المعنى أو الإثارة والتشويق؛ فالأحداث المؤثرة بحبكة متباعدة، ولقاء نجمي المسلسل تأخر حتى الحلقة العاشرة، بعد أن أرهقت مشاهد الذكريات الجمهور. ومسلسل “قناديل العشاق” يعرض على عدد من الفضائيات العربية.

خاتون 2
بدأ الجزء الثاني من “خاتون” بإيقاع سريع، تمكن من جذب الجمهور، فالمشاهد المؤثرة التي عُرضت في الحلقات الأولى والتي انتهت بحماية والد “خاتون” لابنته ومجازفته بكرسي الزعامة، كان لها دور بازدياد عدد متابعي المسلسل، فـ”خاتون” في الجزء الثاني يحظى باهتمام ومتابعة أكثر من الجزء الأول؛ ولكن ما يعيب المسلسل بشكل واضح هو التفاوت الكبير بين أداء الممثلين فيه، فهناك هوة واضحة بين أداء سلوم حداد وميلاد يوسف وسلافة معمار وكندة حنا، والأداء المتوسط لكاتب المسلسل طلال مارديني ومعتصم النهار؛ وفي مسلسل “خاتون” أيضاً يتواجد بعض الممثلين اللبنانيين، ليبدو إقحام النجوم العرب وكأنه بات شرطاً هاماً بالتسويق لأعمال البيئة الشامية، فيشارك في بطولة المسلسل ورد الخال وطوني عيسى.

باب الحارة 9
عاماً تلو الآخر، يحافظ “باب الحارة” على شعبيته وعلى نسبة المتابعة العالية، وتزداد الانتقادات الموجهة إليه، سواءً تلك الانتقادات المتعلقة بتشويه صورة دمشق في حقبة الاحتلال الفرنسي، رغم أن أغلب أعمال البيئة الشامية هي فانتازيا متخيلة ولا تقدم رواية تاريخية يمكن اعتمادها عن تلك الحقبة، بالإضافة لانتقادات تتعلق بتسييس المسلسل بأجزائه الأخيرة ليخدم فكر النظام السوري؛ ولكن المسلسل الذي فقد جزءاً من بريقه لا يزال يجذب الجماهير بشخصياته التي حفظها الناس وعاشوا معها لأعوام طويلة، وبالحس الفكاهي المتميز الذي تحمله بعض الشخصيات، مثل “أبو بدر” و”النمس”؛ وحاول المخرج الجديد في الجزء الحالي أن يثبت بصمته الإخراجية من خلال “التقطيع” السريع للقطات ترصد ردود الأفعال على الأحداث الرئيسية، ولكن الأداء الباهت لمعظم الممثلين لم يخدم التقنيات الجديدة المستخدمة، ولم يضف على العمل سوى المزيد من الكوميديا. و”باب الحارة 9″ يعرض على العديد من القنوات العربية، ومنها: “إم بي سي” و”إل بي سي” و”رؤيا” وغيرها.

طوق البنات 4
استفاد مسلسل “طوق البنات” بشكل واضح من نجاح الأجزاء السابقة للتسويق للجزء الجديد، ولا تزال حكاية “أبو طالب” و”لمعات خانوم” تجذب المتابعين؛ ويتميز “طوق البنات” عن باقي مسلسلات البيئة الشامية بحفاظه على البساطة والحوارات غير المتكلفة والبعيدة عن الآراء السياسية والإسقاطات على الحاضر؛ ولكن المشكلة الكبرى في المسلسل هي غياب نجوم الصف الأول عنه، فالأدوار الأولى أسندت لإمارات رزق التي لا تحظى بالشعبية الكافية، ورشيد عساف، الذي يلعب دور البطولة بالعديد من المسلسلات، وذلك ما يبعد الجمهور السوري عن هذه السلسلة. و”طوق البنات” يعرض حالياً على العديد من القنوات، ومنها: “إل دي سي” و”الجديد” و”سورية دراما” وغيرها.

عطر الشام 2
من الغريب حقاً أن شركة “قبنض” للإنتاج الفني تنتج سلسلتين من أعمال البيئة الشامية في الوقت ذاته، وتعطي دور البطولة في السلسلتين للممثل ذاته، رشيد عساف؛ ولكن الأغرب هو النجاح الجماهيري الذي تحققه هذه المسلسلات في الوطن العربي، فتواجد مسلسل “عطر الشام 2” بالقائمة التي أعدتها شركة “إيبسوس” للمسلسلات الأكثر متابعة في لبنان كان أمراً مفاجئاً بالفعل. و”عطر الشام 2″ يعرض حالياً على العديد من القنوات ومنها: “إل بي سي” و”سورية دراما” وغيرها.



صدى الشام