إعدام “نظام”


باسل العودات

لم تعرف سورية مَهانةً في تاريخها -القديم والحديث- كما عرفتها في ظل حكم نظام الأسد الابن، مهانة طالت السيادة والوطنية والكرامة والتاريخ والجغرافيا والإنسان والشرف، مهانة خلّفها نظام مجنون مأفون للجيل الحالي، وربما لأجيال كثيرة من بعده.

لم تعرف سورية مهانةً وإهانة كما هي عليه اليوم، إهانةً لم يجرؤ عدوٌ ولا صديق على توجيهها لسورية، إهانة لكل ما هو حضاري وإنساني وعقلاني، إهانة لتاريخ أقدم مدن العالم، وأكثر شعوب الشرق حيوية، وأكثر بلاد الشرق الأوسط مفصلية. وحدَه هذا النظام المهان أهانَها بعد أن انفلت من عقال العقل، وتصرف خبط عشواء، بشهوة غريزية للقتل، وهوس مرَضيّ للدمار، واستهانة بكل القيم التي صنعتها شعوب الأرض خلال قرون.

أوصل النظام السوري الحالي سوريةَ إلى أحطّ درجات المهانة والإهانة، فالحدود مستباحة، والسيادة منتهكة، والدولة مهلهلة، والجيش منهار، والدستور ملهاة، والقانون منتهك، والبلاد مُدمّرة، والأخلاق ضائعة، والفساد ينتفخ، والفوضى تضرب أطنابها، والعباد فقراء مشردون.

أوصل النظام السوري الحالي سوريةَ إلى أدنى درجات المهانة والإهانة، وفتح حدود سورية لكل قوى الإرهاب والشر، لتسرح وتمرح دون رادع أو وازع، وشرّع سماءها للطيران الروسي والأميركي والإسرائيلي والتركي، ليقصف ما يشاء وحيث يشاء ومن يشاء، دون أن يهتز له جفن، ودنّس أرضها بميليشيات إيرانية طائفية نتنة قذرة، وهو يدري تمامًا ما يفعل، وسلّم قراره السياسي والعسكري للحلفاء، أسوأ حلفاء، وراقب المجتمعَ الدولي الذي يتّخذ القرار تلو القرار حول سورية -دون سوريين- وهو يبتسم، وتحالف مع متآمرين شوفينيين عبثوا بالديموغرافيا، وشكّل العصابات المنفلتة لتعيث في الأرض فسادًا، وتاجرَ بمصائب البشر ومآسيهم، وتحالفَ مع أمراء الحروب -داخليين وخارجيين- وأفلت الحدود أمام المارقين، وأفرغ السجون من العتاة والجناة وملأها بالأحرار الشجعان، وهجّر البشر، ودمّر الحجر.

أوصل النظام السوري الحالي سوريةَ إلى أسفل درجات المهانة والإهانة؛ فجعل الجيش خدمًا، والسلطة عصابة، وشوّه مؤسسات الدولة ونخرها، ودمّر الاقتصاد والسوق، وفكك المجتمع وشرذمه، وأثار النعرات الطائفية والمذهبية والقومية والعصبية والمناطقية والعشائرية، وشوّه النفوس والقيم والأخلاق، واغتصب الوطن.

لم تعرف سورية مهانة وإهانة كما هي عليه اليوم، بفضل نظام شكّل ورعى وسلّح المرتزقة واللصوص وقطاع الطرق، لتخطف وتسرق وتغتصب، البشر والوطن. ودعا حلفاءه يُدمّرون وينتهكون ويسترخصون، البشر والوطن أيضًا، وهو لا يدري أنّ ما يقوم به عارٌ لن يزول، ودمار لا يحول، ونذالة لا تُمحى، وإن كان يدري، فالمصيبة أعظم.

من الواضح، أن على السوريين الذين انتفضوا وثاروا، قبل ست سنوات ونيف، لإسقاط نظامٍ طاغٍ باغٍ، شمولي بلا انتماء، منافق جبان مَهين، أن يتخلوا عن هذه الفكرة، على الرغم من أنها كفيلة بحل جزء كبير من المشكلة، لأن عليهم الانتقال إلى مرحلة أعلى من المطالبة بـ “إسقاط نظام”، وهي المطالبة بـ “إعدام نظام”، كرمى لعين وطنٍ أهانَه مُهان.




المصدر