أزمة قطر تزيد من متاعب شركات الطيران في الخليج


وجهت الأزمة التي نشبت بين مجموعة من الدول العربية وقطر ضربة لشركات طيران عملاقة تعاني بالفعل من تقلبات أسعار النفط، والحظر الأمريكي والبريطاني على استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمول على متن الطائرات.
ويكشف ذلك عن مدى حساسية مراكز حركة الطيران في منطقة الخليج عدم التيقن على الصعيد الإقليمي، مما يتيح فرصا جديدة لشركات الطيران المنافسة في الأجل القريب على أقل تقدير.
فقد أدى إغلاق معظم المجال الجوي في المنطقة أمام «الخطوط الجوية القطرية»، والقيود التي فرضت على سفر الرعايا القطريين، إلى تقييد حركة بعض المسافرين، بل وأجبر رئيس الشركة التنفيذي على مغادرة اجتماع لرؤساء شركات الطيران في المكسيك فجأة.
وقال الكسندر دو جونياك، رئيس رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي»إياتا» بعد أن رأس الاجتماع الذي شاركت فيه نحو 200 شركة طيران «كان ذلك مفاجأة تامة لنا جميعا».
ويوم الاثنين الماضي قطعت السعودية ومصر والإمارات والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع قطر بسبب ما وصفته بدعمها للمتشددين. وأغلقت المنافذ أمام وسائل النقل.
واضطرت «الخطوط القطرية»، التي وجدت نفسها في غمار أزمة دبلوماسية للمرة الثانية خلال ثلاثة أعوام، إلى تحويل مسار عشرات الرحلات بحيث تمر عبر المجال الجوي الايراني.
وكان هذا تحولا شديد الوطأة على الشركة، التي كانت تشهد نموا كبيرا، وأنفقت عشرات المليارات من الدولارات على شراء طائرات، واصطدمت بشركات أمريكية منافسة بسبب توسعها السريع.
وقال جون ستريكلاند، مستشار الطيران البريطاني «نموذج العمل كله قائم على كونها مركزا لحركة الطيران. فقد استثمروا في المطار واستثمروا في شراء أحدث طائرات. وهم يخسرون مصدرا رئيسيا لحركة الطيران من الأسواق المحلية الرئيسية».
وأضاف «في ظل حظر الطيران لا يسبب تحويل مسار بعض الرحلات صداعا فحسب، بل إنه يجعل الرحلات أطول بسبب المسارات الأكثر التفافا. وهو يزيد الوقت والتكلفة ويحدث اضطرابا في جدول الطيران من حيث ترتيب الربط بين الرحلات».
وقال ستريكلاند ان بعض الطلب ربما يتحول إلى شركات طيران أخرى. وقال مندوبون شاركوا في اجتماعات «إياتا» ان شركات طيران أوروبية وشركة الخطوط الجوية التركية ربما تستفيد، وكذلك شركتا «طيران الإمارات» و»الاتحاد» في دولة الإمارات العربية.
وبسبب الخلاف الذي دب بين الحلفاء الخليجيين أصبح نمو حركة الطيران في المنطقة عموما يبدو عرضة للضعف في أعين بعض مراقبي هذا القطاع، ورفع الغطاء عن التعقيدات السياسية الكامنة وراء السعي لتنويع الموارد الاقتصادية بعيدا عن النفط، والتحول إلى نقطة ترانزيت بين الشرق والغرب.
وقال بيتر هاربيسون، المفاوض الاسترالي السابق في مجال الطيران ورئيس شركة «كابا» الاستشارية «كان ذلك واقعا تكيفوا معه وتعايشوا معه. ومع ذلك فقد كان هناك قلق كبير دائما من أن صناعة الطيران في الخليج في وضع غير مريح، إن لم تكن في مهب الريح».
وعلَّق على التطورات في منطقة الخليج قائلا «من المؤكد أنها تهز استقرار الأمور بدرجة أكبر قليلا. فهل نصل إلى نقطة التحول؟ لا أعتقد ذلك».
ورفض الاتحاد الدولي للنقل الجوي الذي يضم في عضويته شركات طيران وطنية من كل الدول المعنية الحديث عن هذا الخلاف علنا. وقال دو جونياك «يمكن للدول في مختلف أنحاء العالم أن تغلق حدودها وأن تغلق (مجالها الجوي) أو تفتحه. لكننا نود عودة الاتصالات العادية لطبيعتها، وخير البر عاجله».
وفي حين أن السفر بين الدول تحكمه اتفاقات ثنائية، فإن حق الطيران في سماء بلد آخر لأغراض الطيران المدني مكفول في القانون الدولي من خلال اتفاقية مبرمة عام 1944.
غير أن السعودية ليست عضوا في تلك الاتفاقية، الأمر الذي يستدعي تسوية الخلافات من خلال التفاوض قبل ممارسة الحق في إغلاق المجال الجوي لأسباب محدودة.
مجال جوي مفتت
جاء قرار عزل الدوحة في وقت كان أكبر الباكر، الرئيس التنفيذي لـ»الخطوط القطرية» يتواصل فيه مع أعضاء «إياتا» في ساعة متأخرة يوم الأحد في كانكون. وقال مندوبون إنه سافر أثناء الليل بطائرة خاصة.
ودفعت هذه الخطوة مسؤولي صناعة الطيران من مونتريال إلى جنيف والخليج للعمل على فهم هذا الحظر، وإيجاد مسارات في مجال جوي مفتت، وهي عملية صعبة. وقالت «إياتا» الأسبوع الماضي ان شركات الطيران الخليجية شهدت تراجعا في حركة الطيران في أبريل/نيسان الماضي بسبب الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة وبريطانيا على حمل الأجهزة الالكترونية مع الركاب على متن الطائرات من بعض الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال أنغوس كيلي، الرئيس التنفيذي لشركة «إيركاب» إحدى أكبر شركات تأجير الطائرات والمالكة للطائرات في العالم «أعتقد أن من الممكن المبالغة في فهم حدث قصير الأجل. والسفر العالمي مرن. وقد شهدنا الكثير في العقد الأخير: روسيا والبرازيل ومنطقة اليورو وتركيا». وأضاف أن جانبا كبيرا من حركة الطيران اتجه إلى منطقة الخليج…وأدركت بعض شركات الطيران في الخليج منذ حوالي عام ونصف العام أنه لا يوجد نموذج لا نهائي للنمو بنسبة 15 في المئة سنويا».
وربما يكون لذلك عواقب على توقيت تسليم عشرات الطائرات عريضة البدن المطلوبة من شركتي «إيرباص» و»بوينغ». وتنبأ كيلي بأنه «سيتم تأجيل تسليمها وسيعود السوق إلى التوازن».
وكأن كل ما يحدث من خلافات وتشويش على حركة السفر الجو غير كاف،
تم أمس الأول انتخاب رئيس شركة الطيران الإيرانية «إيران إير» عضوا في مجلس «إياتا» للمرة الأولى منذ ما قبل قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
وقال خبراء الطيران ان خلفية التوترات بين السعودية وايران، التي طلبت 200 طائرة غربية بمقتضى صفقة مع القوى الكبرى، تعتبر عاملا أساسيا يؤثر على استقرار المنطقة، وربما يمتد تأثيرها إلى الطلب على السفر جوا.
وقال روبرت مارتن، رئيس شركة «بي.أو.سي أفييشن» لتأجير الطائرات في سنغافورة «للمرة الأولى من الواضح أن ايران ليس لديها فرصة للعودة إلى الصف وهذا جزء من الأمور التي تخلق توترا جديدا في الشرق الأوسط».



صدى الشام