البلوتوقراطية
10 حزيران (يونيو - جوان)، 2017
جيرون
يجمع هذا المصطلح الإغريقي بين كلمتين هما (بلوتوس) وتعني الثروة، و(كراتوس) وتعني الحكم، وبذلك يكون قد استخدم للإشارة إلى (حُكم الثروة).
وأُطلق هذا المصطلح على الطبقة الغنية التي تدير السلطة السياسية، حيث يمسك بمفاصل الحكم، ويديره عدد قليل من الذين يمتلكون المال، كما أُطلق على الطبقة التي حكمت روما قديمًا، وهم الأثرياء أو المُلاك.
يُقصي نظام البلوتوقراطية غالبًا الطبقةَ الوسطى؛ فيتراجع حضورها وعددها وتصبح جزءًا من الطبقة الفقيرة، لينقسم المجتمع إلى طبقتين متمايزتين، بشكل واضح وكبير، طبقة أصحاب الحكم والنفوذ وهم الأغنياء، وطبقة الفقراء.
وكانت الإمبراطورية الرومانية تمنع عامة الناس من المشاركة بالحكم أو الانتخاب، وتضع شرطًا بأن على الشخص أن يمتلك حدًا معينًا من الثروة، للسماح له بالمشاركة والانتخاب.
ساد هذا النظام من الحكم عبر الأزمنة والحقب المختلفة في كافة أنحاء العالم، حيث امتلاك المال يقود إلى امتلاك السلطة، وتصبح السلطة -أيضًا- مصدرًا لحماية ذلك المال وزيادته، وتكريس القوانين لخدمة أصحابه واستمرار نفوذهم، من خلال استمرارهم بالإمساك بزمام القرار.
كما شهد هذا النظام ردات فعل متفاوتة في عنفها من قبل الناس، وهو ما أطلق عليه بالثورات الشعبية التي كانت تسعى للإطاحة بتلك النظم التي تتحكم بقوتها وحقوقها.
بعض هذه الأنظمة ينحصر في عائلة أو أسرة واحدة، وبعضه يكون على أساس مجموعة تمتلك المال والقوة، وتتوزع النفوذ في ما بينها، وتعطي لنفسها ألقابًا وعناوين مختلفة تناسب عصرها، لتؤجل المواجهة مع الشعب، وتتستر بمفاهيم متبدلة مع تطور البشرية والفكر الإنساني، لكن محصلتها بالنتيجة واحدة، حيث تسود، بعد كل تغيير أو انقلاب سياسي وعسكري، طبقةٌ صغيرةٌ تمتلك الثروة والسلطة بعناوين مختلفة.
قد تكون الكثير من النظم السياسية في العالم حاليًا، هي من إنتاج تلك الحالة من البلوتوقراطية، لكنها تتلحف بشعارات تناسب العصر ظاهريًا، خلف شعارات تنادي بحقوق الإنسان وصيانتها، لكنها ضمنيًا تؤدي خدمات مختلفة لبقاء تلك الطبقة في الحكم، وذلك لإعادة إنتاج نفسها عن طريق المفاهيم السياسية، كذلك فإن بعض الشركات، تمددت في السنوات الماضية إلى أنحاء واسعة من العالم، وأصبحت بحد ذاتها قوةً حاكمةً من خلال الثروة التي بيدها، وتتمتع بنفوذ كبير على القرار السياسي والاقتصادي وغيره.
[sociallocker] [/sociallocker]