on
مواجهة إيران في سورية
الاتحاد
تسير الولايات المتحدة على خط رفيع في جنوب شرق سوريا، حيث تحاول مواجهة التوسع الإيراني من دون تأجيج النزاع أو توريط مزيد من الجنود الأميركيين، غير أن زحف مجموعات مدعومة من إيران مؤخراً نحو قاعدة يستعملها مستشارون أميركيون، أخذ يزيد من احتمالات اندلاع مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. وإذا كانت القوات الأميركية تستطيع دحر حلفاء إيران بسهولة، فإن هذه المقاربة تنطوي على مخاطر كثيرة، وبالمقابل، يجدر بواشنطن استغلال دعمها لجهود موسكو الدبلوماسية عبر المطالبة بإضافة منطقة التنف في جنوب شرق سوريا إلى المناطق الآمنة ضمن مخطط خفض التوتر الذي ترعاه روسيا.
التنف، التي تقع على مفترق الطرق بين سوريا والعراق، تربط الطريق السريع المركزي الرابط بين بغداد ودمشق. وكان تنظيم «داعش» قد استولى على المدينة من نظام الأسد في 2015، وبدورها، استولت قوات المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة على المنطقة في مارس 2016. ومنذ ذلك الحين، تكتسي المنطقة قيمة استراتيجية وتكتيكية بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها، حيث يستعمل المستشارون الأميركيون التنف كقاعدة للعمليات لتدريب ودعم قوات المعارضة التي تحارب «داعش» في شرق وادي الفرات، لكن في أوائل مايو، شنت مليشيات متحالفة مع الأسد بقيادة فيلق من الحرس الثوري الإيراني هجمات للاستيلاء على مناطق تسيطر عليها مجموعات «الجيش السوري الحر» المدعوم من الولايات المتحدة في جنوب شرق سوريا. زحف هذه المليشيات أخذ يقرِّبها من القوات الأميركية العاملة في المعبر الحدود السوري العراقي (التنف) وأوصلها في نهاية المطاف إلى داخل المنطقة العازلة التي يبلغ عمقها 55 كيلومتراً، والتي اتفقت الولايات المتحدة مع روسيا بشأنها. وفي الثامن عشر من مايو الماضي، وبعد تجاهل مليشيات مدعومة من إيران لطلقات تحذيرية، ضربت القوات الأميركية أحد مواكبها بهدف إرغامها على التراجع، ما أدى إلى مقتل ثمانية مقاتلين على ما قيل.
زحف إيران على التنف لديه هدفان رئيسيان: أولاً، السيطرة على المعبر ستعني إخضاع كل الطريق السريع الرابط بين بغداد ودمشق، وإن كانت السيطرة هناك لمجموعات مدعومة من طهران، فذلك سيسمح لإيران بزيادة وصولها ودعمها لنظام الأسد بشكل كبير، والذي تتنافس عليه هي وروسيا في صمت من أجل النفوذ، كما أنه من شأن ذلك أن يمنح طهران إمكانية غير مسبوقة للوصول إلى بيروت والبحر الأبيض المتوسط.
وبينما تواصل المليشيات المدعومة من إيران الاشتباك مع مجموعات معارضة مدعومة من الولايات المتحدة، تحقق إيران هدفها الثاني والأكثر واقعية، ألا وهو اختبار واشنطن. ذلك أن الفشل في دعم المعارضة والدفاع عنها بشكل كاف ضد إيران، سيضر بالجهود الأميركية الرامية لاستخدام هذه الجهود ضد «داعش».
ولئن كان كثيرون في واشنطن سيكونون جد سعداء بالانخراط في نزاع مباشر مع إيران في جنوب سوريا، فإن من شأن هذا ربما جر الولايات المتحدة إلى نزاع مباشر مع نظام الأسد، كما يمكن أن يؤدي إلى استهداف مليشيات مدعومة من إيران في العراق، مثل «قوات الحشد الشعبي» و«كتائب حزب الله»، للقوات الأميركية. باختصار: إن من شأن ذلك أن يعقّد بشكل كبير الجهود الأميركية ضد «داعش» في سوريا والعراق.
بيد أن لدى الزعماء الأميركيين خياراً آخر للتعاطي مع القوات المدعومة من إيران. ذلك أن الولايات المتحدة لديها فرصة حقيقية للتصدي لإيران دبلوماسياً في سوريا إنْ هي أحسنت التعامل مع روسيا.
ففي الرابع من مايو، وافقت تركيا وإيران على مخطط روسي لخفض التوتر في سوريا. ووفق هذا الاتفاق، فإن روسيا وإيران وتركيا ستكون «بلداناً ضامنة» تسهر على احترام وقف إطلاق النار في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة إدلب، وشمال ريف حمص، والغوطة الشرقية، وجزء من جنوب غرب سوريا، بما يشكِّل عملياً أربع مناطق آمنة.
(*) كاتبان أميركيان
المصدر