إعلام النظام يستضيف “عمران” ويكذّب بشار الأسد!


تُعد صورة الطفل السوري عمران دقنيش، عندما أصيب بغارة جوية على مدينة حلب، تلخصياً لصورة الإنسان السوري المعذّب، سواء داخل سوريا أو خارجها.

عمران كان قد ظهر في يوم 18 آب، من عام 2016، وهو ملطّخ بالدماء والتراب، بعد استهداف منزله في حي القاطرجي من قبل الطيران الحربي التابع لنظام الأسد، ثم ما لبثت صورته أن حقّقت انتشاراً عالمياً ووصلت إلى معظم وسائل الإعلام العالمية، ليتحول مع الوقت إلى أيقونة حقيقية، نظراً لما حملته صورته من عناصر تمثل حال السوريين الذين يواجهون كوارث حقيقية، أبرزها القصف والمجازر الممنهجة التي تقوم بها قوات نظام الأسد والروس والميليشيات الإيرانية، إضافةً إلى تحوّل سوريا إلى مسرح للصراعات الدولية.

 

 

الأب يدير اللعبة

عندما حصلت الغارة وتهدّم منزل عمران وظهرت صورته أمام العالم، رفض والده حينها أن يُدلي بأي حديثٍ لوسائل الإعلام أو الوكالات التي حاولت مراراً التواصل معه، ولم يُسجّل له أي ظهورٍ للتعليق على ما حدث لطفله أو بقية العائلة بشكلٍ عام.

هذا الأمر جرى تبريره بأن الأب لا يريد لصورة ابنه أن تنتشر أكثر في الأوساط الإعلامية، كون عملية النشر لم تكن محبّذة بسبب احتمال تأثيرها على نفسية الطفل حينما يكبر.

غير أن كل هذه الادعاءات تم نسفها، بمجرّد ظهور والد عمران مع وسائل الإعلام التابعة لنظام الأسد، وهو ما بدا أنه أنه لم يكن نتيجة تهديدٍ أو خوفٍ مسبق من حالة العنف التي قد يستخدمها النظام ضدّه، وإنما بناءاً على قناعة بالحديث لهذا الإعلام ورفض سواه، أو على أقل تقدير خوفاً من بطشٍ قد يتعرّض له من النظام، لاحقاً فيما لو خرج ليتحدث عبر وسيلة إعلامٍ معارضة.

 

 

تناقض يكشف التزييف

خلال المقابلة التي بثها التلفزيون السوري قال والد عمران: “إنه كان يجلس مع أفراد أسرته في المنزل، وإنه لم يسمع أصوات طائرات حربية أو صواريخ جوية استهدفت منزله، ولا يعلم كيف حدث ذلك سوى أنه خرج مع عائلته من بين الركام”.

ويشير كلامه الذي أدلى به لوسائل إعلام النظام إلى كمية التلقين التي يستخدمها هذا الإعلام لتوجيه الأحاديث وفقاً لسياسته ودعايته.

وأضاف والد عمران: “بعد تدمير المبنى ظهر أصحاب الخوذ البيضاء، واكتشفتُ أنهم صوّروا ابني، وأصيبت ابنتي أيضاً كباقي أفراد الأسرة، ولكن إصابة ابني الآخر (علي) هي التي كانت بالغة، واستشهد بعدها بثلاثة أيام”.

وتابع “لم أعلم في البداية أنهم صوّروه، لكن ما حدث بعد ذلك هو ما جعلني أفكر في سبب تصويرهم له”، موضحاً انه بعد انتشار الصور، بدأ يتلقى الكثير من العروض المادية من قادة مسلحين وجمعيات، حتى أن بعضهم عرض عليه أن يترك حلب، ويتّجه إلى منزل مؤمّن في تركيا أو الولايات المتحدة أو بريطانيا، مقابل اتهام الحكومة السورية بأنها المسؤولة عن مقتل ابنه” حسب تعبيره.

وأردف: “قال لي بعض الصحفيين الذين نعلم أنهم مقربون من تنظيم جبهة النصرة، بأن 26 مليون مسلم يعتمدون عليّ، فسألته: لماذا؟، فقال لي: إنهم ينتظرون تصريحك وتأكيدك بأن من قام بالقصف هو الحكومة السورية”.

لنفترض بحسب كلامه أنه لم يكن هناك طيران آنذاك- مع أنه ليس من الضروري أن يسمع صوته أو يشاهده كون التوقيت كان ليلاً- لكن والد عمران لم ينفِ أن المبنى الذي يعيش فيه تم دميره! وأن زوجته وطفله عمران أصيبا، أي أن الإصابة حقيقية، وهو ما يتناقض تماماً مع الحملة العنيفة التي شنّها إعلام النظام وبشار الأسد تحديداً والذي نفى وجود هذا الطفل من الأساس وادّعى أن صورته مزوّرة عندما عرضها عليه أحد الصحافيين في مقابلةٍ تلفزيونية عقب الحادثة.

 

متاجَرة إعلامية

كان الاتهام الذي وجّهه إعلام النظام، هو أن المعارضة حاولت المتاجرة بصورة الطفل عمران دقنيش، لكن السؤال هنا: وماذا كان يفعل إعلام النظام عند الطفل؟

لقد أرسل النظام إلى منزل عمران إعلاميته المعروفة كنانة علّوش التي تعرف بصاحبة “سيلفي الجثث” الشهيرة في سوريا. ليس ذلك وحسب بل إنه لم يبقَ أي جهةٍ إعلامية تعمل في صف النظام إلّا وقامت بالتصوير مع الطفل وعرضه من كل الزوايا واستحضار لحظات القصف والإصابة التي تعرّض لها؟ فمن يكون المتاجر في هذه الحالة؟



صدى الشام