(الغوطة واحد) نشاط مدني يواجه فوضى البنادق


جيرون

شكّل الحراك الشعبي، داخل الغوطة الشرقية، أحدَ أبرز معالم تصويب أخطاء الفصائل العسكرية وإيغالها في الحياة المدنية، وأدّى دورًا كبيرًا في تجنيب الغوطة التقسيم المناطقي، وحافظ، إلى حد بعيد، على وحدة المناطق والبلدات داخلها عسكريًا واجتماعيًا.

في هذا السياق أطلق مجموعة من الناشطين مؤخرًا حملة بعنوان (الغوطة واحد) للتأكيد على رفض الاقتتال الفصائلي وتداعياته من تقسيم وتقطيع أوصال الغوطة الشرقية، وفق الفصائل المسيطرة على كل منطقة.

وقالت الناشطة بيان ريحان – مدير مكتب المرأة في المجلس المحلي لمدينة دوما- لـ (جيرون): “إن أهم الأسباب التي دفعت لإطلاق هذه الحملة هو حالة الاقتتال الداخلي بين الفصائل في الغوطة الشرقية، وما نتج عنه من نشر للحواجز ورفع السواتر الترابية بين مدن وبلدات المنطقة؛ وكان له أثر كبير في مجمل مناحي الحياة، وطال مختلف المجالات التعليمية والإنسانية وغيرها، بالإضافة إلى ما رافق ذلك من إشاعاتٍ، روّج لها ما يمكن تسميته بالإعلاميين المأجورين والعاملين لحساب النظام السوري؛ فجاءت هذه الحملة لإعادة تصويب الأمور وفق إمكاناتنا”.

عن أهداف الحملة، أوضحت ريحان أن “أهم أهدافها التأكيد على رفض حالة التقسيم الناشئ عن حالة الاقتتال، وأن الغوطة الشرقية كتلة جغرافية واجتماعية واحدة ومصيرها واحد”، مشيرةً إلى أن الحملة اعتمدت على “تمويل ذاتي؛ ما جعلها تلقى ترحيبًا كبيرًا من الأهالي الذين فقدوا ثقتهم بالمانحين نتيجة سياساتهم الانتقائية والجائرة تجاه المناطق المحاصرة”.

ولفتت ريحان إلى أن أنشطة الحملة اعتمدت اعتمادًا رئيسًا على مجموعة من المتطوعين والمتطوعات، وتضمنت وقفات صامتة، حمل المشاركون/ت فيها لافتات تؤكد وحدة الغوطة الشرقية، ورفض التقسيم المناطقي، إضافة “إلى توزيع هدايا رمزية على الأهالي في المناطق التي استهدفتها الحملة”، وينتشر “متطوعو الحملة في وقت الإفطار داخل مدن وبلدات الغوطة، ويشرفون على توزيع الهدايا على شكل (صرر) فيها زجاجة عطر وبضع تمرات، ورسالة تؤكد على وحدة الغوطة”.

وأشارت إلى أن الحملة استهدفت حتى اللحظة مناطق (كفر بطنا، سقبا) الخاضعتين لسيطرة فيلق الرحمن، ومدينة دوما الخاضعة لسيطرة (جيش الإسلام)، ومستمرة في الأيام القادمة، لتشمل بقية مناطق الغوطة الشرقية.

وحول جدوى مثل هذه الحملات، ومدى قدرة الحراك الشعبي على إجبار الفصائل على إنهاء حالة الاقتتال وإزالة تداعياته، قالت ريحان: “الحراك الشعبي هو النموذج الذي انطلقت به الثورة السورية؛ بالتالي لا بدّ أن تستجيب الفصائل العسكرية لمطالب الأهالي المرهقين من الحرب والحصار، وأخيرًا يواجهون اقتتال الإخوة، وهنا أود التأكيد أننا أردنا، بهذه الحملة، التوجهَ إلى المدنيين داخل الغوطة الشرقية؛ لنزرع في داخلهم فكرة تعيد الثقة إلى مدى أهمية قرارهم وصوتهم في إيقاف الاقتتال الداخلي، وأعتقد أن مهمتنا الأساسية نحن -الناشطين المدنيين- هي تركيزُ إدراك الحواضن الاجتماعية إلى مكامن قوتهم وثقلهم”.

وأكدت ريحان أنّ اقتتال هذا العام هو أسوأ ما مرّ على الغوطة الشرقية، لأنه أثر بشكل كبير “في البنية الاجتماعية للمنطقة”، ومن هنا، فإن أهم المستهدفين من وراء هذه الحملة هو “الحاضنة الاجتماعية في الغوطة، والتي ينتمي أبناؤها إلى الفصائل العسكرية، وتحولوا إلى وقود لهذا الاقتتال، وفي الوقت نفسه استهدفت قيادات الفصائل العسكرية للوقوف في وجه أي سياسة لديهم لتقسيم الغوطة، والتأكيد على أنها وحدة جغرافية واجتماعية غير قابلة للتقسيم”.




المصدر