on
بعد تجاوزه أصعب اختبار… الاقتصاد التركي على قائمة الكبار
علاء كيلاني
على الرغم من أن محاولة الانقلاب التي تعرضت لها تركيا، في منتصف يوليو/ تموز 2016، قد وضعت اقتصاد البلاد أمام أصعب اختبار يواجهه. إلا أن مؤشرات البنك الدولي التي صدرت، مؤخرًا، تشير بوضوح إلى عدم تأثره، ونجاحه في تجاوز الأزمة، مستندًا إلى دعائم قوية، لم تثبت متانته فحسب، بل استعداده لدخول مرحلة جديدة، بحلول الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية، عام 2023.
في 6 أيار/ مايو، كشف رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، في كلمة له بمنتدى الأعمال التركي- المولدافي، في العاصمة كيشيناو، حيث شارك رجال أعمال من البلدين، عن عزم بلاده على رفع الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2023، إلى تريليوني دولار، ورفع متوسط دخل الفرد السنوي إلى 25 ألف دولار. مؤكدًا أن الدخل القومي لبلاده قد ارتفع من 230 مليار دولار في عام 2002، إلى 850 مليار دولار في عام 2016، كما ارتفع مستوى دخل الفرد من 3 آلاف و500 دولار إلى 10 آلاف دولار.
وتكتسب حصيلة ارتفاع مستويات الدخل القومي ودخل الفرد المعلن عنها، أهمية استثنائية، في ظل الظروف السياسية الداخلية والإقليمية الصعبة التي واجهتها البلاد في الأعوام الأخيرة، واستطاعت أن تتجاوزها، محققة نسبةَ نمو، وصلت العام الماضي إلى 3 بالمئة، متراكمة بشكل إجمالي، خلال السنوات الـ 15 الأخيرة بنحو 6 بالمئة.
البنك الدولي الذي رفع توقعه لنمو الاقتصاد التركي في عام 2017 من 3 بالمئة، إلى 3.5 بالمئة، عدّل بدوره في التقرير الذي نشره مؤخرًا، لتوقعات الاقتصاد العالمي، توقعاته أيضًا لنمو الاقتصاد التركي لعام 2018 إلى 3.9 بالمئة، ولعام 2019 إلى 4.1 بالمئة، بعد أن توقع نموه في العام الجاري بنسبة 3 بالمئة، وعام 2018 بنسبة 3.5 بالمئة، وعام 2019 بنسبة 3.7 بالمئة. مؤكدًا أن نمو الاقتصاد التركي شهد الارتفاع الأعلى، وذلك بسبب تعافيه بشكل أسرع من المتوقع، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وعلى نحو مماثل توقعت شركة (برايس ووتر هاوس كوبرز) PwC البريطانية للخدمات المهنية، أن يحتل الاقتصاد التركي المرتبة 12 عالميًا، بحلول عام 2030، ليتفوّق بذلك على كوريا الجنوبية وإيطاليا. وأوضحت الشركة المتخصصة في الأبحاث والدراسات الاقتصادية، في تقريرها الصادر مؤخرًا بعنوان “الوضع الاقتصادي العالمي في 2050″، أن من المنتظر حدوث تحوّل كبير في موازين القوى الاقتصادية العالمية، يتمثّل في تعاظم قوة اقتصادات الدول الصاعدة، وتراجع كبرى الاقتصادات العالمية المعروفة حاليًا. وأضاف التقرير أنّ الاقتصادات السبع الكبرى الصاعدة “E7″ (الصين، الهند، البرازيل، روسيا، إندونيسيا، المكسيك، وتركيا) ستحقق نموًا سريعًا يزيد على سرعة نمو مجموعة الدول الصناعية الثمانية G8″” (الولايات المتحدة الأميركية، اليابان، ألمانيا، روسيا الاتحادية، إيطاليا، المملكة المتحدة، فرنسا، كندا) بمرتين على الأقل.
واعتمد التقرير في تنبؤاته على الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، وقدّر معدّو التقرير أن تحتل تركيا المرتبة 12 مع حلول 2030، لتتفوق على كوريا الجنوبية وإيطاليا، وتتقدّم درجة واحدة مع حلول عام 2050، بحيث تتجاوز فرنسا، اقتصاديًا.
وعلى صعيد التضخم، فقد تراجع معدله السنوي إلى 11.72 بالمئة بعدما وصل إلى 11.87 بالمئة، في نيسان/ أبريل المنصرم، وفقا لبيانات المعهد الإحصائي التركي (تركستات). وفي الشهر الماضي، أعلنت الحكومة التركية عزمها خفضه تدريجيًا إلى رقم واحد مرة أخرى، وذلك بوقف الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية. وهي المعضلة الوحيدة المتبقية، بعد أن سيطرت على عوامله الرئيسية، كارتفاع الضرائب، وأسعار الطاقة، وسعر الصرف.
وسجلت الصادرات ارتفاعًا بنسبة 7.4 بالمئة، خلال نيسان/ أبريل الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب بيانات مؤسسة الإحصاء ووزارة التجارة في تركيا، بلغت عائدات الصادرات خلال الشهر ذاته 12 مليارًا و839 مليون دولار. كما ارتفعت خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، بنسبة 8.7 بالمئة، إلى 50مليارًا و674 مليون دولار، تبعًا للمصدر ذاته. فيما ارتفعت الواردات خلال الفترة ما بين كانون الثاني/ يناير ونيسان/إبريل، بنسبة 8.3 بالمئة حيث بلغت 68 مليارا و202 مليون دولار.
وأظهرت بيانات رسمية تراجع العجز التجاري، خلال شهر آذار/ مارس الماضي بنسبة 15.8 بالمئة على أساس سنوي، إلى 3مليارات و57 مليون دولار أميركي. وقال بيان صادر عن البنك المركزي التركي، بشأن معطيات ميزان المدفوعات، إن العجز تراجع بنحو 666 مليون دولار، نزولًا من 4.236 مليارات دولار عام 2016.
علاوة على ذلك، فقد تراجع عجز التجارة الخارجية في جدول ميزان المدفوعات خلال آذار/ مارس الماضي، بمعدل 793 مليون دولار، إلى مليارين و844 مليون دولار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016.
وفي حال أفضت توقعات نمو الاقتصاد التركي على المدى القصير والمتوسط والطويل، سياسات حقيقية كما هو المتوقع، وكانت أكثر من مجرد أرقام، فسوف نتعامل عندئذ مع اقتصاد قوي حمى نفسه من تداعيات الحرائق التي تشتعل في محيطه. واستطاع أن يتجاوز مخاطر وضع إقليمي معقد، فيه قلة من الحلفاء الموثوقين، والكثير من الأعداء المتربصين.
المصدر