بوتين لا يعتبر أميركا عدواً… ويتودد الى ترامب


سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى تخفيف قلق مواطنيه حيال تدهور الأحوال المعيشية، وأكد أن الاقتصاد الروسي «تجاوز مرحلة الركود» وتعهد تنفيذ برامج إصلاحية على مدى بعيد.
ورأى بوتين في حديث تلفزيوني مطول أن العقوبات الأميركية المقترحة ضد روسيا، هي نتيجة لصراع سياسي داخل الولايات المتحدة، مشيراً الى عوائق وضعت في طريق الرئيس دونالد ترامب. وأكد بوتين استعداد موسكو لحوار بناء مع واشنطن، مشدداً على عدم اعتبارها عدواً، ودعاها الى «تعاون في مواضيع من بينها، منع انتشار الأسلحة والأزمة السورية».
وكشف بوتين أن خططه المتوسطة الأجل في سورية، تشمل تحسين قدرة جيشها، ما يسمح بنقل القوات الروسية في البلاد إلى قواعدها الموجودة هناك.
وشغلت الهموم الحياتية للروس الحيز الأكبر من الحديث التلفزيوني لبوتين الذي بث على الهواء مباشرة لأكثر من أربع ساعات وأجاب خلاله على نحو 100 من أصل 3 ملايين سؤال وجهها مواطنوه عبر اتصالات هاتفية او عبر رسائل صوتية ونصية.
وتسببت تقنية عرض الرسائل النصية على شاشة التلفزيون خلال اللقاء، في إحراج الكرملين، إذ ظهرت عبارات مثل: «ألا يكفيك ثلاث ولايات رئاسية؟»، و «هل أنت مقتنع بأن الشعب يصدق هذا السيرك؟». وطالب بعضهم بمحاسبة مسؤولين بارزين، وكتب أحدهم: «فلاديمير بوتين وداعاً». ودفع ذلك منظمي الحوار الى حذف التطبيق الذي يستخدم للمرة الأولى في تاريخ الحوارات التلفزيونية المباشرة للرئيس.
وركز بوتين في إجاباته على خطط تحسين الأوضاع المعيشية، وقال إن روسيا تواجه ثلاث مشكلات كبرى هي: تراجع المداخيل وزيادة معدلات الفقر وتراجع فرص العمل. لكنه شدد على أن الاقتصاد الروسي «تجاوز مرحلة الركود وبدأ يحقق نمواً متواضعاً لكنه ثابت».
وأشار الى إفادة قطاعات الصناعة والزراعة في روسيا من العقوبات الغربية، لأنها بدأت تعتمد على ذاتها وتقدمت في اتجاه الاكتفاء الذاتي. وتجنب بوتين الإشارة الى نيته ترشيح نفسه لولاية رئاسية ثالثة، لكن إجاباته حول «برامج الإصلاح البعيدة المدى» حملت دلالات الى إطلاق الكرملين حملة الانتخابات الرئاسية مبكراً.
وتطرق الرئيس الروسي الى الاحتجاجات الأخيرة في البلاد، مشيراً الى أن منظميها تعمدوا القيام بأعمال استفزازية، واعتبر أن الفساد الذي شكل أبرز شعارات الاحتجاجات «لا يشكل تهديداً مباشراً للمستوى المعيشي للمواطنين».
وبدا بوتين لاذعاً كعادته في أكثر من إجابة، خصوصاً عندما تطرق الى ملف العقوبات الغربية، ورأى الى أن «موضوع (ضم) القرم ليس إلا ذريعة لإطلاق سياسات لردع روسيا»، معتبراً أن الغرب لطالما سعى الى «تطويق روسيا ومعاقبتها كلما نجحت في فرض وجودها وتعزيز مكانتها».
وأعرب بوتين عن أمل بلاده في تحسين العلاقات مع واشنطن التي قال إن «لدينا أصدقاء فيها». ورأى انه «كان على الطرف الخاسر في الانتخابات الأميركية أن يقر بالهزيمة بدلاً من افتعال معركة مع روسيا وتصويرها كعدو». وحمل إدارة الرئيس باراك أوباما المسؤولية عن «صناعة ظروف تجعل ترامب غير قادر معها على الوفاء بوعوده لشعبه».
وزاد أن الأطراف التي «تروّج لمزاعم عن التدخل الروسي في انتخابات بلدان أخرى، تتجاهل أن واشنطن تدخلت في كل مكان في العالم». وعلى رغم ذلك، شدد الرئيس الروسي على أهمية «التعاون الروسي – الأميركي في تسوية الملفات الملحة». وقال إن موسكو «لا تعتبر الولايات المتحدة عدواً، وهناك مجالات كثيرة تتطلب تعاوناً وثيقاً بين البلدين، بينها، منع انتشار الأسلحة النووية ومكافحة الفقر والتصدي للتغيير المناخي».
ولفت الى «استحالة تسوية الأزمة السورية والصراع في الشرق الأوسط، من دون تعاون بناء وتنسيق بين موسكو وواشنطن».
ورداً على سؤال حول ما تستفيده روسيا من التدخل العسكري في سورية، قال بوتين إن بلاده «حققت فوائد كبرى على المستوى العسكري»، أبرزها، أنها تمكنت من «تجربة أحدث طرازات الأسلحة والمعدات في ظروف حرب حية». وأضاف أن «قدرات الجيش الروسي تحسنت عموماً بفعل هذه التجربة المهمة».
وزاد أن أبرز مهمات القوات الروسية في المستقبل، المساعدة على إعادة تأهيل القوات السورية ودفع العملية السياسية لإيجاد مخرج لأزمة البلاد بمشاركة كل أطراف النزاع، ومساعدة الجيش السوري في مكافحة الإرهاب. وقال إن القوات الروسية ستقوم في المستقبل بحصر وجودها في سورية داخل مناطق تمركزها في قاعدتي «حميميم» و «طرطوس».



صدى الشام