فورين بوليسي: لقاءٌ حصريّ مع “مسعود برزاني”؛ لماذا حان الوقت حتى يستقل الأكراد؟


في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، أجرت صحيفة “فورين بوليسي” لقاءً مع زعيم “كردستان العراق”، الرئيس “مسعود بارزاني”. وفيما يلي نصّ الحوار الصحفي.

“فورين بوليسي”: تمّ تحديد موعد إجراء الاستفتاء فيما يخصّ نيل الاستقلال الكردي. ولقد قرأت العديد من التقارير التي أشارت إلى أنك منذ ذلك الحين تواصلت مع رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي”. فكيف كانت رد فعله حول إعلانك؟

“مسعود برزاني”: هذا صحيح، ولكننا ناقشنا هذه المسألة سابقاً. في الواقع، لقد تواصلت مع رئيس الوزراء “العبادي” للحديث معه حول هذه المسألة بالتحديد ولأفسّر له أنّ هذا الاستفتاء هو حقٌّ طبيعيٌّ وقانونيٌّ لشعبنا وأننا نريد بعد ذلك أن نتفاوض معه حول نتائج الاستفتاء بطريقةٍ سلميّةٍ من خلال الحوار. ولقد تفهّم ذلك. كما أخبرناه أننا نريد حلّ هذه القضية مع بغداد من خلال السلام وليس عن طريق العنف. وفي الحقيقة، كان متفهّماً ومُتقبّلاً للموضوع، كما بدا موقفه إيجابياً.

“فورين بوليسي”: لقد ذكرت أنّ أيّ تحرّكٍ نحو الاستقلال سيتم في إطار المفاوضات مع بغداد. في تلك المفاوضات، هل ستقبل بأيّ شيءٍ أقلّ من السيادة الكاملة؟

“مسعود برزاني”: الاستفتاء يعني الاستقلال. وسیتمّ طرح ھذا السؤال على الشعب وبالتالي سيكون وحده صاحب القرار.

“فورين بوليسي”: يجري هذا الاستفتاء دون وجود نيّةٍ لإثارة أيّ ردّ فعلٍ سواءً داخل النظام السياسي الكرديّ أو خارجه. هل يمكنك إخباري كيف سيكون تأثير هذا الاستفتاء؟

“مسعود برزاني”: تتعلّق قضية الاستفتاء بمصير شعبٍ برمته ولهذا السبب تعدّ هذه المسألة أكبر بكثيرٍ من أي إطارٍ سياسيٍّ آخر أو من أي أحزاب سياسية، أو مشاكل سياسية داخل النظام الحزبيّ. أنا متأكدٌ من أن أغلب الشعب في كردستان مع الاستفتاء. أما مؤيدو الأحزاب السياسية، فإن أغلبيتهم يؤيدون أيضاً الاستفتاء. عموماً، لقد عقدنا اجتماعاً كان يتّسم بالإيجابية مع جميع الأحزاب السياسية، وكانوا جميعاً يؤيدون ذلك.

“فورين بوليسي”: تَحدَثت عن تطلعات الشعب الكردي من أجل الاستقلال. ولكن هل هناك خطرٌ قد ينجم عن إجراء هذا الاستفتاء من دون وضع خطّةٍ رسميةٍ لما ستكون عليه الأوضاع بعد الظفر بالاستقلال؟ مما لا شك فيه أنك تطرقت لهذا السيناريو.

“مسعود برزاني”: أن نجري استفتاءً يعني أننا نكتسب شرعيتنا من الشعب لنظهر للأطراف الخارجية والداخلية ما الذي يصبو إليه الشعب الكردي. وبمجرد أن يقرر الناس ويصوتون، كما قلت، فإننا في المقام الأول سندخل في مفاوضاتٍ وحوارٍ جادٍّ وسلميّ مع بغداد، لتحقيق رغبات الشعب.

في الحقيقة، الاستفتاء سينجم عنه الاستقلال وأريد للآخرين أن يفهموا أننا لن نتخلى عن رغبات شعبنا بمجرد إجرائه وبدء الحوار. لذلك، فإن الاستفتاء هو الاستقلال ويجب أن يتمّ تنفيذ نتائجه.

“فورين بوليسي”: أُجري استفتاءٌ في سنة 2005، وصوّتت فيه الأغلبية الساحقة؛ أي حوالي 98 بالمائة لصالح الاستقلال، ولكنه لم يسفر عن ظفركم باستقلالكم. أود لو توضح لنا كيف سيكون إجراء هذا الاستفتاء مختلفاً؟

“مسعود برزاني”: في الحقيقة، لقد تم تنظيم استفتاءٍ سنة 2005 من قبل منظمات المجتمع المدني. أمّا الاستفتاء الذي سيجرى الآن، فهو استفتاءٌ رسميّ عقدته الحكومة والأحزاب السياسية مما يعني أنه ملزمٌ على عكس ما سبقه.

“فورين بوليسي”: هل تلقيت مساعدةً من قبل خبراء القانون الدولي حول كيفية تنظيم الاستفتاء ليكون له تأثيرٌ أكبر هذه المرة؟

“مسعود برزاني”: لسنواتٍ كنا نعمل مع بعض الخبراء الدوليين وخبراء القانون الدولي والخبراء السياسيين، لمساعدتنا على هيكلة هذا الاستفتاء. ومما لا شك فيه أنهم قدموا لنا الدعم وساعدونا كثيراً.

“فورين بوليسي”: إذا كنت على تواصل معهم لسنوات، فلماذا يجري الاستفتاء الآن؟

“مسعود برزاني”: منذ وقتٍ طويل، توصّلت إلى أنه من الضروري إجراء استفتاءٍ وإتاحة الفرصة للشعب ليقرر مصيره كما أنني منذ وقت طويل ظننت أن بغداد لا تقبل بالشراكة معنا ولا تعتبرها حقيقةً وذات مغزى. نحن لا نريد أن نُسلم ونقبل بأننا خاضعين لهم، ولكن ذلك كان من أجل الحيلولة دون حدوث مشكلةٍ أكبر، ومنع نشوب حرب دموية، وتدهور أمن المنطقة بأسرها.

ولهذا السبب نرغب الآن في إجراء استفتاء؛ لنسأل شعبنا ماذا يريد. وهذا سوف يساعدنا على منع زعزعة استقرار المنطقة في المستقبل أو نشوب قتالٍ دموي في حال استمر الوضع على حاله. بالطبع أنت على دراية بالوضع الأمني في المنطقة وعندما يقرر الشعب في هذا الاستفتاء، فنتوقع من جميع الأطراف الأخرى أن تحترم رغبة شعب “كردستان” وقراراته الديمقراطية السلمية.

للإجابة عن سؤالك المتعلق بالتوقيت، فإنه في مراحل عدة أردنا أن نجري الاستفتاء، ولكن بسبب الوضع العام في المنطقة وتطور مجريات الأحداث أجلنا هذا الأمر. في المقابل، إذا أجلنا الاستفتاء أكثر من ذلك لن يكون في صالح شعبنا وسيكون له تأثيرٌ سلبيٌّ على مصيره. وبالتالي، الآن هو الوقت المناسب لإجراء الاستفتاء.

“فورين بوليسي”: يقول النقاد أن حكومة إقليم كردستان تعاني الآن من تدهور الأوضاع الاقتصادية. وعلى الرغم من أنها قادرة على دفع رواتب بعض العاملين، إلا أن ثقة المستثمرين في الحكومة مازالت ضعيفة. علاوةً على ذلك، هناك انتقاداتٌ محلية للاستفتاء الذي يجري قبل عملية إصلاح البرلمان، فضلاً عن أن فترة رئاستك انتهت قبل عامين. فلماذا يُعتبر الاستفتاء أولويةً قصوى من بين كل هذه الأمور؟

“مسعود برزاني”: إذا كنا سننتظر حلول الوقت والوضع المثالي وأن يكون هناك حلٌّ لكل المشاكل حتى الصغيرة منها فإننا لن نجري الاستفتاء على الإطلاق. ونحن في أمس الحاجة لهذا الاستفتاء لنتحصل على استقلالنا وهو ما من شأنه أن يساعدنا على حلّ العديد من المشاكل بطريقةٍ تلقائية.

إذا نظرت إلى دراسة الحالة للعديد من البلدان (التي نالت استقلالها) فستجدهم أن جلّهم واجهوا مشاكلهم الداخلية ولم ينتظروا حتى إيجاد حلٍّ لها أو للاختلافات التي يعانون منها بغية نيل استقلالهم. نحن لن ننتظر حتى نجد حلولاً جذرية لجميع المشاكل قبل أن نقرر مصيرنا. هذه المسألة أكبر بكثير من تلك المشاكل. وسنجري الاستفتاء ومن ثم سنقوم بحلّ تلك القضايا.

“فورين بوليسي”: هل بإمكاني العودة إلى ما سيناله الشعب الكردي من هذا الاستفتاء، من جانب أنه “وسيلة”؟ بدأ عدد من السلطات، بصفةٍ علنيةٍ، ينفون صفة الشرعية عن الاستفتاء حتى قبل إجرائه. علاوةً على ذلك، أفاد الأمريكيون أنهم يناهضونه فضلاً عن تركيا التي نادت بصوت عالٍ واعتبرت أن ما يحصل يعد بمثابة فعلٍ “غير مسؤول” و”خطأ فادح”. فما الذي سيقدمه لك هذا الاستفتاء من نفوذٍ تفتقر إليه الآن؟

“مسعود برزاني”: في الحقيقة، لقد بذلنا قصارى جهدنا للحفاظ على وحدة “العراق”. ويمكنني القول إن علاقتنا مع بغداد مرت بمرحلتين رئيسيتين؛ أولهما بدأت مع إنشاء “العراق” عقب “الحرب العالمية الأولى” واستمرت هذه المرحلة إلى سنة 2003. أما المرحلة الثانية، فكانت خلال العلاقات بين بغداد وأربيل التي امتدت من ذلك الحين إلى الوقت الراهن.

لسائلٍ أن يسأل خلال المرحلة الأولى، التي امتدت من سنة 1920 حتى سنة 2003، ما هو نصيب الأكراد من حكم العراق؟ في الواقع، عقب سنة 2003، خفضوا من ميزانية كردستان ولم يلتزموا بالدستور العراقي. وبالتالي، سؤالنا للاعبين الدوليين على غرار “الولايات المتحدة” وغيرها؛ ماذا علينا أن نفعل في مثل هذا الوضع؟

عموماً، لقد عملنا بجد على وضع دستورٍ في “العراق” يكون ضامناً لحقوقنا وواجباتنا جميعاً، ولقد صوتنا على هذا الدستور. في المقابل، ينصّ هذا الدستور على أن وحدة العراق ملزمةٌ بموجب الدستور. لذا سؤالي إليهم: هل تم تنفيذ الدستور العراقي؟ بالطبع لا.

ولهذا السبب، من وجهة نظري ومن خلال ردّ فعل اللاعبين الدوليين، لا أظن أن أحدهم قد عارض علناً الاستفتاء. فهم يتعبرون أن هذا ليس الوقت المناسب لإجرائه نظراً لأن ذلك قد يخلق العديد من المشاكل وأنا أخالفهم الرأي فيما يتعلق بهاتين النقطتين. إن إجراء الاستفتاء لن يحدث أية مشاكل، ولكن في حال لم يجرى سيؤدي إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة. ولذلك، نحن نرغب في إجراء الاستفتاء حتى يتبّ الاستقرار في المنطقة.

وفي حال، كان هؤلاء اللاعبين الدوليين ضد هذا الاستفتاء، فهذا يعني أنهم ضد قيمهم ومبادئهم؛ الحق الديمقراطي السلمي للناس في التعبير عن آرائهم وأخذ قراراتهم بشأن مصيرهم. وبالتالي، إذا كانوا يقفون في وجه الاستفتاء، فهذا يعني أنهم ضدّ الديمقراطية.

“فورين بوليسي”: لكن على الرغم من ذلك، هذه وجهات نظرهم الخاصة بهم. كما أنه من المعروف أن اقتصادكم يقوم بالأساس على جيرانكم. وبالتالي، هل لديك خارطة طريق للفوز على جيرانك على غرار “تركيا”؟ لقد رأينا ما حدث مؤخراً في “قطر” عندما عزلتها جارتها، وبعد 10 أيام، أغدقت عليها “إيران” بالأطعمة. هل لديك خطةٌ واضحةٌ لنيل الظفر بدعم حلفائكم أو كيف ستستمر حكومتكم إذا تم عزلكم؟

“مسعود برزاني”: للأسف في الوقت الراهن، أصبحت العلاقات تقوم بالأساس على المصالح عوضاً عن الأخلاق والقيم الإنسانية. على سبيل المثال، قضية “قطر” التي ذكرتموها، إذ كانوا يتّهمون هذه الدولة برعاية الإرهاب، والآن ترى كيف تحصل على الدعم، بيد أن المشكلة مختلفةٌ تماماً. في الحقيقة، كانت أحد الأسباب التي قُدّمت لتبرير قرار عزل “قطر” يتمثل في رعايتها للإرهاب، ولكن بالنسبة لنا لقد كسرنا أسطورة الإرهاب، لقد ضحينا بدمائنا من أجل دحر الإرهاب ومحو هذه الأسطورة.

في الحقيقة، إنها فرصة رائعة لألقي هذا البيان؛ نحن نفضّل أن نموت جوعاً على أن نعيش تحت القمع واحتلال الآخرين لنا. وإذا تم أخذ القرار بعزلنا بسبب هذا الاستفتاء، دعوا شعبنا يموت. وسيكون ذلك بمثابة “فخرٍ” للعالم أجمع لأنهم قتلوا شعبنا من خلال تجويعه لمجرّد أن هؤلاء الناس قرروا مصيرهم من خلال وسائل ديمقراطية.

“فورين بوليسي”: هل تعتقد أن الناس سيقبلون العزلة مرةً أخرى؟ لقد تغيّر المجتمع هنا كثيراً منذ التسعينيات؛ لقد ربطت الأكراد بالعالم، وقد أنشأت المطارات الدولية، كما رفعت مستوى معيشتهم، وأنشأت لهم مراكز تسوق. هل تعتقد أنهم سيكونون على استعدادٍ للمعاناة في ظل الظروف التي عانينا منها خلال التسعينات؟

“مسعود برزاني”: لقد أخذنا كل شيء بعين الاعتبار، فضلاً عن أن ذلك يرتبط بالأساس بإرادة الشعب، وتصويت الشعب، وصوت الشعب. فهو يفهم جيداً السبب الذي سيصوّت من أجله. وربما يقرر الناس أنهم لن يصوتوا لاستقلال “كردستان” وبالتالي لن نتحمل نحن المسؤولية، تاريخياً. ولكن عندما يصوت الناس لصالح الاستقلال، فهذا يعني أن الناس مستعدون لقبول ذلك، ومواجهة أي خطرٍ ناجم عنه.

لقد ذكرت في سؤالك المطار. في الحقيقة لا تؤمن المنشأة العامة للطيران المدني العراقية، حتى اللحظة الراهنة، بالفيدرالية أو بتقاسم المجال الجوي. ويمكنها عندما تأتي طائرةٌ من أوروبا، أو من أيّ بلدٍ آخر، أن تمنعها من الهبوط. وتجدر الإشارة إلى أن أي دولةٍ تمتلك مثل هذه السلطة والصلاحيات.

“فورين بوليسي”: إذا فهمنا بشكل صحيح، سيتم عقد هذا الاستفتاء وبعد ذلك سيتم تفويضك لبدء المفاوضات للانفصال مع بغداد. إذاً إلى أي مدى تعتقدون أن برلماناً في بغداد سيوقع على اتفاق للموافقة على تغييرٍ جوهري في علاقته بإقليم “كردستان”؟

“مسعود برزاني”: سنبدأ المفاوضات معه، وسيبقى مستقبل “كردستان” رهيناً له، وذلك بغض النظر عما إذا تمكنا من التوصل إلى اتفاق معهم. ولكننا سنواصل التعاون معهم من أجل مكافحة الإرهاب. وسنواصل التعاون مع بغداد بكل الوسائل في هذا المجال. كما سنزيد التنسيق بين قوات “البيشمركة” والجيش العراقي. سنفعل كل ما هو ضروري لدعم رئيس الوزراء “العبادي” ليتمكن من تحقيق النجاح خلال فترة رئاسته.

“فورين بوليسي”: كيف سوف تتصرف إذا لم تتمكن من إقناع حكومة بغداد بالاستقلال؟

“مسعود برزاني”: إنه أمرٌ سابقٌ لأوانه. فنحن لم نقم بعد بإجراء الاستفتاء، ولم نبدأ بعد بالمفاوضات. وفي نهاية المطاف، هذا ليس قراري الشخصي الفردي. لدينا شعب، وأحزابٌ سياسية أخرى وقادة علينا أن نتشاور معها. ولذلك، ما سوف يحصل لن يكون قراري وحدي.

“فورين بوليسي”: هل أنت قلق من أن تحاول بغداد تغيير مسار القضية مرةً أخرى، مثلما فعلت خلال سنة 2014، عندما برزت قضية تصدير النفط بصفةٍ مستقلة؟

“مسعود برزاني”: ما الذي لم تفعله بعد؟ لقد فعلت كل شيء. لقد قطعت عنا الميزانية، وهذا يعني أنهم أخذوا منا قوت شعبنا. في الوقت الراهن، نحن لا نتلقى شيئاً من بغداد. ولكن ربما يمكنها القيام بشيءٍ واحد وهو إغلاق المجال الجوي. وإذا أقدمت على مثل هذه الخطوة ستكون لدينا ردة فعلٍ خاصة بنا، فنحن لن نقف مكتوفي الأيدي حيال ذلك. نحن نريد حقاً اللجوء إلى الوسائل السلمية والتفاوض والتفاهم. علاوةً على ذلك، نحن نريد تجنب إراقة الدماء والعنف ومن ثم سوف نرى كيف ستكون ردّة فعل بغداد التي سنتصرف فيما بعد على أساسها.

“فورين بوليسي”: وكيف ستكون ردة فعلكم؟

“مسعود برزاني”: أعتقد أننا تحدثنا بما فيه الكفاية عن هذا الموضوع.

“فورين بوليسي”: هل تعتقد أن الاستفتاء سيشكل سابقةً لتقرير مصير الأقليات الأخرى في العراق؟

“مسعود برزاني”: نحن ندعم جميع الأقليات الأخرى في “العراق” والطريق الذي يختارونه في السعي وراء تقرير مصيرهم سواءً أكانوا يريدون أن ينضموا إلى إقليم “كردستان”، أو في حال كانوا يريدون إقامة علاقاتٍ مع بغداد.

 “فورين بوليسي”: تملك الآن في المناطق التي تسيطر عليها، الصلاحيات التي تخولك لتطبيق المادة 140 من الدستور التي تسمح للأشخاص في المناطق المتنازع عليها بالتصويت على الانضمام إلى إقليم كردستان أو الحكومة العراقية. إذاً هل ستطلب من الناس، في المناطق المتنازع عليها، ما إذا كانوا يريدون أن تكون “كردستان” مستقلة؟ أو ما إذا كانوا يريدون أن يكونوا جزءاً من كردستان؟

“مسعود برزاني”: بالتأكيد، سوف نطرح نفس الأسئلة داخل المناطق المعنية بهذا الاستفتاء.

“فورين بوليسي”: إذن عندما يتم إجراء الاستفتاء، هل سيكون بإمكان الناس في الأراضي المتنازع عليها أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون أن يكونوا جزءاً من كردستان؟

“مسعود برزاني”: لن يكون هذا السؤال مطروحاً. فضلاً عن ذلك، هم يملكون خيار عدم التصويت. أما إذا كانوا بحاجةٍ إلى استفتاء آخر، ربما سنقرر ذلك فيما بعد. على سبيل المثال، إذا كان لا يريد بعض العرب والتركمان والمسيحيين، أن يكونوا جزءاً من إقليم “كردستان”، يجب أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم في استفتاءٍ آخر.

“فورين بوليسي”: ولكن لماذا لا تسألهم عما إذا كانوا يريدون أن يكونوا جزءاً من كردستان؟

“مسعود برزاني”: هذه قضيةٌ تقنية، فنحن لا نملك لجنة استفتاءٍ أو لجنة انتخابات. بالتالي، الأمر متروكٌ لهم، نظراً لأنه سوف يكون هناك سؤالٌ واحد في الاستفتاء.

“فورين بوليسي”: هل يمكنني أن أسألك عن “وحدات الحشد الشعبي”؟ هناك شائعات تدور حالياً، حول وجود ممرٍّ شيعيّ بين العراق وسوريا. ولقد رأينا “وحدات الحشد الشعبي” تسيطر على أجزاء كبيرةً من “نينوى”، والمناطق المحيطة بـ “سنجار”. إذاً كيف تنظرون إلى ذلك ونوايا “وحدات الحشد الشعبي”؟ وكيف تؤثر هذه التطورات على الأكراد؟

“مسعود برزاني”: نحن لا ننظر إلى “وحدات الحشد الشعبي” على أنها حزمةٌ واحدة، حيث أنه يوجد نوعان من “وحدات الحشد الشعبي”. يتكون النوع الأول من أولئك الذين قاموا بالفعل بتضحياتٍ جسيمة من أجل محاربة “تنظيم الدولة”، وأراقوا دماءهم ونحن بالفعل نقدر تضحياتهم. أما النوع الثاني، فتستخدم مظلة “وحدات الحشد الشعبي” كغطاءٍ لارتكاب الكثير من المخالفات.

ولكن يجب على الجيش العراقي والشرطة العراقية السعي إلى تحقيق الاستقرار وتأمين المناطق الحدودية. أما في حال أصرت “قوات الحشد الشعبي” على البقاء في هذا المجال وفرض هيمنتها فيه، فبالتأكيد سوف يخلق لنا ذلك الكثير من المشاكل.

“فورين بوليسي”: ما هو رأيك حول موضوع “وحدات الحشد الشعبي” التي توجد حول “سنجار”؟

“مسعود برزاني”: كان وجود “قوات الحشد الشعبي” جنوب “سنجار” يعدّ بمثابة انتهاكٍ كبيرٍ للاتفاق الذي أبرمناه مع الأمريكيين والعراقيين. وقد اتفقنا على نشر وحدة من قوات “البشمركة”، مع وحدةٍ من الجيش العراقيّ، في تلك المنطقة التي تتواجد فيها، في الوقت الراهن “وحدات الحشد الشعبي”. ولفترةٍ طويلةٍ كانت تلك المنطقة تحت السيطرة، بوجود القوات التي تحرسها ونظراً لأن الجيش العراقي منشغلٌ بعمليات الموصل، لم تلتزم “قوات الحشد الشعبي” بهذا الاتفاق وفرضت وجودها في تلك المنطقة.

وأنا أكرر قولي أنّه في حال أصرت “قوات الحشد الشعبي” على البقاء في هذا المجال وفرض هيمنتها فيها، فبالتأكيد سوف تخلق الكثير من المشاكل.

وفيما يتعلق بمكافحة “تنظيم الدولة”، فكلّ من يحارب “تنظيم الدولة” هو حليفنا. ولكن، في المستقبل يجب أن يكون لأهل أي منطقةٍ الحقّ في تقرير مصيرها، فضلاً عن أنه يجب على المجالس الإقليمية المنتخبة ومجالس المقاطعات والمقاطعات الفرعية فرض هيمنتها في تلك المناطق.

فضلاً عن ذلك، يجب أن يكون هناك جهاز شرطةٍ محليّ في تلك المناطق لحماية أهلها. كما ينبغي ألا يكون هناك مجالٌ يسمح لـ “وحدات الحشد الشعبي” أو أي قواتٍ أخرى بالبقاء في تلك المنطقة.

“فورين بوليسي”: هل يمكن للشعب “اليزيدي” في منطقة “سنجار” أن يقرر علاقته بهذه الجهات الفاعلة؟

مسعود برزاني: يجب على اليزيديين أن يكونوا أحراراً في تقرير كيفية تفاعلهم مع هذا الموضوع، فقد هدرنا دماء قوات “البيشمركة” لمنحهم حرية تقرير مصيرهم. ويجب أن يكون جميع الناس في هذه المناطق أحراراً، في اختيار ما يريدون والأطراف التي يدعمونها، ولن يقتصر الأمر فقط على اليزيديين.

“فورين بوليسي”: هذا يعود إلى مسألة الأراضي المتنازع عليها. وقد قلت أنّ هذا لن يكون جزءاً منفصلاً من أي استفتاء [في تلك المناطق]. ما هي الآلية التي يمكنهم استخدامها حتى تستطيع تلك الأقليات تقرير مصيرها؟

“مسعود برزاني”: إذا كانوا لا يريدون أن يكونوا جزءاً من إقليم كردستان، فهذا يعني، بصفةٍ آلية، أنهم يريدون أن يكونوا مع بغداد. وفي هذه المناطق، إذا قالوا “لا” في الاستفتاء، فهذا يعني أنهم يريدون البقاء مع بغداد. ونحن ليس لدينا مشكلة في ذلك.

“فورين بوليسي”: لذلك، لن تكون معارضاً إذا نظمت بعض هذه المجموعات استفتائها الخاص وقالت: “نحن لا نريد أن نكون جزءاً من كردستان”؟

“مسعود برزاني”: بالتأكيد. إذا كان سكان هذه المناطق يريدون تنظيم استفتاءٍ وصوّتت الأغلبية منها: “أنها لا تريد الانضمام إلى إقليم كردستان”، فسوف نحترم قرارهم.

“فورين بوليسي”: سوف تُجرى انتخاباتٌ في وقتٍ لاحق من هذه السنة بعد الاستفتاء. ماذا سيكون موقفك؟ هل ستسحب ترشحك؟

“مسعود برزاني”: لن أرشح نفسي للانتخابات

“فورين بوليسي”: ما مدى أهمية استقلال إقليم كردستان لتراثك؟

“مسعود برزاني”: ولدت من أجل أن أحقق استقلال كردستان. حينها، غادر كلٌّ من والدي وعائلتنا ناحية “برزان” للذهاب إلى منطقة “مهاباد” في “إيران” بهدف دعم جمهورية “كردستان” الأولى. لقد ولدت هناك وحملت السلاح عندما كان عمري 16 سنة. لقد كرّست جلّ حياتي من أجل استقلال كردستان.

وللمرة الأولى في التاريخ الكردي، كانت الجمهورية الأولى جمهورية “كردستان” في “مهاباد”. وعندما رفعوا العلم الكردستاني، أحسست كأنني ولدت من جديد. أما الآن، أريد أن أموت في ظل علم “كردستان” المستقلة.

“فورين بوليسي”: إذاً، هل يرتبط إرثك ارتباطاً وثيقاً بتحقيق الاستقلال الكردستاني؟

“مسعود برزاني”: كل الجهود التي بذلتها كانت من أجل تحقيق استقلال “كردستان”.

“فورين بوليسي”: كما قلت، لقد ولدت في جمهورية كردية، وقضيت حياتك وأنت تكافح من أجل تحقيق الاستقلال الكردي، إلى أي مدى تعتقد أنك سوف تموت على أراضي جمهوريةٍ كرديةٍ مستقلة؟

“مسعود برزاني”: سأكون سعيداً عندما أموت في “كردستان” المستقلة.

“فورين بوليسي”: هل تعتقد أن ذلك سوف يحدث حقاً؟

“مسعود برزاني”: نحن نبذل قصارى جهدنا لنعيش في “كردستان” مستقلة. كل الخطوات التي اتخذناها كانت من أجل تحقيق الاستقلال لكردستان.

ولكن يجب أن ألفت نظرك إلى أننا لا نريد استخدام العنف بل نريد أن نحقق ذلك من خلال المفاوضات والحوار السلميّ. وفي الحقيقة، نحن نرغب في أن نتوصل إلى اتفاقٍ متبادلٍ ونحقق المنفعة المتبادلة. وسنستمرّ وسنزيد من التعاون مع رئيس الوزراء “العبادي”، والتنسيق بين قوات “البيشمركة” والجيش العراقي من أجل القضاء على الإرهاب.

وندائي الأخير إلى العالم الحرّ هو ألا يقف ضدّ قيمه ومبادئه من خلال اصطفافه ضدّ حق تقرير مصير أمتنا وإرساء الحقوق الديمقراطية السلمية. وبالنسبة لأولئك الذين يعتبرون أن حصول إقليم “كردستان” على استقلاله سوف يزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، أقول لهم، على العكس تماماً، إن ما نريد القيام به هو وضع حدٍّ لعدم الاستقرار الموجود حالياً ولإراقة الدماء في المنطقة.

الكاتب: كامبل ماكديرميد

الصحيفة: فورين بوليسي

المصدر: http://foreignpolicy.com/2017/06/15/masoud-barzani-why-its-time-for-kurdish-independence/




المصدر