on
فرنسا تتجه لفوز ساحق لحزب "ماكرون" في الانتخابات التشريعية
يصوت الفرنسيون اليوم في الدورة الثانية من انتخابات تشريعية يتوقع أن تمنح غالبية ساحقة من النواب للرئيس "إيمانويل ماكرون"، مطلقة يده لتنفيذ إصلاحاته في مواجهة معارضة ضعيفة.
ومازال حجم انتصار حزب "الجمهورية إلى الأمام" الرئاسي موضع تساؤلات. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيفوز بما بين 400 و470 مقعداً نيابياً من أصل 577 في الجمعية الوطنية.
وستكون هذه من أكبر الأغلبيات حجماً في حقبة الجمهورية الخامسة التي بدأت عام 1958، ولن تترك سوى فتات للأحزاب الأخرى.
وقال "سامويل شريف زاده" (66 عاماً) لدى خروجه من مركز تصويت في حي فخم بغرب باريس "جئت لأصوت ضد هذه الظاهرة (موجة لصالح ماكرون)، إنها تضر بالديموقراطية".
وبتأهل 222 فقط من النواب المنتهية ولايتهم إلى الدورة الثانية ونسبة نساء مرشحات تصل إلى أربعين بالمئة، ستنبثق عن هذه الانتخابات جمعية وطنية تم تجديدها بعمق وتتسم بمشاركة نسائية كبيرة.
ورأت المدرّسة في "سانت أوان" بشمال باريس "ناتاشا دوماي" (59 عاماً) أن "الناس سئموا الوجوه ذاتها على الدوام".
غير أن نسبة المشاركة شهدت تراجعاً كبيراً عند الظهر مسجلة 17.75 بالمئة بالمقارنة مع 19.24 في الساعة ذاتها خلال الدورة الأولى في 11 يونيو/حزيران، بحسب أرقام وزارة الداخلية. وفي حال استمر هذا التوجه، فإن نسبة المشاركة قد تتراجع إلى حد أدنى تاريخي.
وستغلق مراكز التصويت في العاصمة في الساعة 16.00 بتوقيت غرينتش، وفي الساعة 18.00 بتوقيت غرينتش في المدن الكبيرة. ودعي أكثر من 47 مليون ناخب إلى التصويت.
وأدلى الرئيس "ماكرون" بصوته في الصباح في منتجع توكيه الساحلي حيث يمتلك مع زوجته بريجيت مسكناً ثانوياً. ولم تكن زوجته بجانبه، خلافاً للانتخابات السابقة. وبعد ذلك، قضى الرئيس وقتاً طويلاً يصافح الحشود ويلتقط صور "سيلفي" مع مؤيدين له، وعلى وجهه ابتسامة عريضة.
وبعدما كان مجهولاً تماماً من الرأي العام قبل ثلاث سنوات، بات أصغر رئيس عرفته فرنسا حتى الآن والذي فاز في سن 39 عاماً على شخصيات سياسية بارزة، على وشك كسب رهانه الأخير، وهو الحصول على غالبية واسعة في الجمعية الوطنية (مجلس النواب في البرلمان الفرنسي) تمكنه من الشروع في إصلاحاته الليبرالية الاجتماعية.
وأعلن عن ثلاث أولويات في مشروعه، هي فرض معايير أخلاقية على الحياة السياسية وإصلاح قانون العمل وتعزيز سبل مكافحة الإرهاب.
أين المعارضة؟
في الدورة الأولى، فازت الحركة التي أسسها "ماكرون" منذ عام فقط بـ32.3 بالمئة من أصوات المقترعين وأزاحت حزبي اليمين واليسار التقليديين اللذين كانا يهيمنان على الحياة السياسية الفرنسية منذ عقود.
واحتل المرتبة الثانية لكن بفارق كبير حزب الجمهوريين اليميني الذي حصل على 21.5 بالمئة من الأصوات، ثم اليسار الراديكالي (13.7 بالمئة) فاليمين المتطرف (13.2 بالمئة) والحزب الاشتراكي الذي حصل على 9.5 بالمئة من الأصوات. وهذا يعني أن المعارضة تشكل نسبة ضئيلة بسبب نظام الأغلبية الفرنسي.
وعنونت صحيفة "لوباريزيان" السبت "بحث يائس عن معارضة"، ملخصة بذلك القلق حيال جمعية وطنية يطغى عليها لون واحد.
وفي مواجهة "موجة ماكرون" لا يمكن لليمين أن يأمل سوى بستين إلى 132 مقعداً في الجمعية الوطنية، حسب التقديرات، مقابل أكثر من مئتين حالياً، في حين أن الحزب الاشتراكي الذي كان يشغل نصف مقاعد الجمعية الوطنية المنتهية خلال الولاية الرئاسية لـ"فرنسوا هولاند"، لا يمكنه الاعتماد على أكثر من بضع عشرات من النواب.
أما اليمين المتطرف واليسار الراديكالي اللذان كان كل منهما يطمح لقيادة المعارضة، فلم يتمكنا من الحصول على النتائج الجيدة نفسها التي سجلاها في الانتخابات الرئاسية.
فاستطلاعات الرأي ترجح فوز "مارين لوبن" زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف التي خسرت أمام "ماكرون" في الانتخابات الرئاسية، في معقلها الشمالي "اينان بومون"، لكنها قد تكون النائبة الوحيدة لليمين المتطرف في الجمعية الوطنية.
أما حزب فرنسا المتمردة بزعامة "جان لوك ميلانشون" والحزب الشيوعي، فيأملان في الحصول على عدد كاف من النواب (15) يسمح بتشكيل كتلة برلمانية.
ويبدي البعض استياءه من هذا التغيير الكبير والذي يتجلى في وجود عدد كبير من النواب الجدد، حيث أن نصف نواب "الجمهورية إلى الأمام" قادمون من المجتمع المدني ولم يسبق لهم أن شغلوا مناصب بالانتخاب من قبل.
وقال النائب الاشتراكي "أليكسي باشليه" الذي هزم في الدورة الأولى، لصحيفة لوباريزيان "يكفي إلصاق رأس ماكرون، ويصبح بإمكان أي فأر صغير إحراز 40 بالمئة" من الأصوات.
وصرح الخبير في الدستور "ديدييه موس": "قضينا على كل ما يمثل نظاماً سابقاً وإننا نختبر شيئاً مغايراً"، متوقعاً أن تؤدي الانتخابات إلى "أكبر عملية تجديد للطاقم السياسي منذ 1958 وربما منذ 1945".