on
التهجير وجع يضاف إلى ألام السوريين
بلال الخربوطلي
أخذ سيناريو التهجير والنزوح، خلال سنوات الثورة السورية، حيزًا كبيرًا من المعاناة والمأساة السورية. العمليات العسكرية وقصف نظام الأسد الممنهج واستخدام سياسة الأرض المحروقة لاقتحام مناطق سيطرة المعارضة والسيطرة عليها؛ كل ذلك أدى إلى تهجير ونزوح عدد كبير من العائلات السورية تاركين خلفهم أراضيهم ومنازلهم إلى مصير مجهول.
تكمن المعاناة الأكبر للعائلات التي تنتمي إلى مدن وبلدات محتلة من قبل العدو الإسرائيلي الذي دفعها إلى النزوح والتهجير منذ سنين، ولا سيّما أبناء القنيطرة والجولان السوري المحتل الذين واكبوا الثورة السورية، منذ انطلاقها وساروا في طريق الحرية والكرامة والمطالبة بالحقوق المسلوبة، تلك العوائل التي أُبعدت، عن مدنها الأم قسرًا من قِبل الاحتلال الإسرائيلي، عاد نظام الأسد في ظل الثورة السورية مستخدمًا الأسلوب الإجرامي الذي استخدمه من قبلُ الاحتلال الإسرائيلي؛ ليدفع أهالي تلك المناطق للنزوح والتهجير من جديد.
يقول أبو محمد المعتصم بالله، رئيس مجلس تجمع أبناء الجولان والقنيطرة في الغوطة الشرقية: إن “تلك العائلات قبل وخلال الثورة السورية كانت تقيم وتتوزع في مناطق القطاع الجنوبي ومناطق شرق الغوطة التي تعرضت لحملات عسكرية وحملات قصف عشوائية انتهى معظمها بسيطرة نظام الأسد عليها؛ مما دفعها للنزوح من تلك المناطق، كما يوجد عدد من العائلات التي كانت تقيم في أحياء العاصمة دمشق خاصة في (السيدة زينب، الحجر الأسود، الزاهرة القديمة، الحسينية) هذه العائلات تعرضت للملاحقات الأمنية نتيجة نشاطها المؤيد للثورة السورية؛ فكان الاعتقال والتعذيب مصير معظمها؛ ما دفعها إلى النزوح باتجاه بلدات الغوطة المحررة، أيضًا يوجد عدد من العوائل الشركسية التي أقامت في مناطق وقرى مرج السلطان، وهي من مدينة القنيطرة، كان مصيرها النزوح أيضًا من بلداتها التي سيطر عليها نظام الأسد”.
وعن الواقع المعيشي والإنساني لتلك العوائل أضاف أبو محمد: “خلّف نظام الأسد نتيجة حملاته العسكرية وقصفه المستمر لمناطقنا أكثر من 100 شهيد ونحو280 طفلًا يتيمًا. يبلغ عدد العائلات النازحة والمقيمة حاليًا في مناطق وبلدات الغوطة، وقد وثقها المجلس المحلي لأبناء الجولان والقنيطرة، نحو 165 عائلة، واستطاعت المجالس المحلية المسؤولة عن المناطق التي نزحت اليها العوائل تأمين سكن لمعظمهم إلا أن المأساة مستمرة في تأمين سكن مناسب لعدد منها، وفي الجانب المعيشي تعاني جميع تلك العوائل من الحصار الذي تمر به الغوطة الشرقية؛ ذلك بأنها عاجزة عن تأمين المتطلبات والاحتياجات اليومية من الغذاء والمواد الأساسية والإنسانية والرعاية الصحية، وتتفاقم الأزمة بشكل أكبر في فصل الشتاء الذي يتطلب توفير التدفئة واللباس والمسكن الملائم لهم. كل ما سبق يجري في ظل غياب شبه كامل للدعم المتاح لهذه العائلات، من قِبل المؤسسات والمنظمات إلا بنسب قليلة جدًا لا تلبي الاحتياجات المستمرة.
وبالنسبة إلى عمل المجلس ونشاطه قال: “استطاع المجلس الحصول على اعتراف رسمي من مجلس المحافظة في ريف دمشق، بوصفه الممثل الرسمي لأهالي هذه المناطق، إلا أن المجلس يتبع إداريًا إلى مجلس محافظة القنيطرة الحرة، المجلس الذي لم يقدم أي دعم لهذه العوائل، خلال السنوات الفائتة حتى اليوم، ونحن بدورنا نقوم بتوثيق كافة هذه العائلات وإحصائها مع الحالات الإنسانية الخاصة بها، وفق بطاقات وجداول”.
وأضاف موضحًا: “إن المجلس أيضًا لا يستطيع إلى الآن تفعيل باقي مكاتبه لغياب الدعم”، وأكّد على “ضرورة النظر في حال هذه العوائل التي تعدّ عنصرًا رئيسًا من عناصر النسيج السوري”.
المصدر