درعا عقدة الأسد ورئته أيضًا


حافظ قرقوط

صمد المقاتلون في حي المنشية بدرعا، خلال الأسبوعين الماضيين، أمام أعنف هجوم شنّته قوات النظام والميليشيات الداعمة لها، واستخدمت فيه كافة الأسلحة، بغطاء كثيف من طيران روسيا والنظام، واستطاع مقاتلو (البينان المرصوص) إيقاعَ خسائر فادحة بالأرواح والعتاد في صفوف قوات الأسد التي استخدمت حتى النابالم المحرم دوليًا، لإحراز تقدم، وكانت تفشل في كل مرة؛ ما دفعها إلى إعلان هدنة 48 ساعة، برعاية روسية أميركية أردنية، قابلة للتمديد. وهذا يدل على أن النظام يستميت للسيطرة على حي المنشية.

قال الناشط خالد الدوس لـ (جيرون): إن الأهمية الاستراتيجية لحي المنشية تكمن في موقعه الجغرافي، حيث “يحيط به 9 حارات وتجمعات سكانية”، ويقع في “منطقة مرتفعة عن درعا البلد، تشرف على مواقع حساسة جدًا، وتتحكم بطرق استراتيجية بين شرق حوران وصولًا للسويداء، وغرب حوران إلى للقنيطرة، وجنوبًا تجاه الحدود الأردنية وشمالًا درعا المحطة”.

وأضاف مفصّلًا: يوجد في المنطقة عدة “ثكنات عسكرية، ولواء دبابات، وكتيبة مدفعية تحوي مستودعات للأسلحة الثقيلة، وفرع الأمن العسكري، والمساكن العسكرية، وكتيبة الهجانة المركزية، والجمرك الحدودي مع الأردن جنوبًا، والقاعدة الجوية صواريخ غربًا”، ويفصلها عن درعا المحطة “تضاريس صعبة وقاسية، وهي وادي الزيدي”، وأوضح أن “نظام الأسد سيطر على المنطقة في 25 نيسان/ أبريل 2011، وحولها إلى ثكنة عسكرية وقَطّع أوصالها بالحواجز”. وحصّن النظام أسطح البنايات العالية غرب المنشية، وحوّلها إلى مواقع “يتمركز فيها عشرات القناصين”، كذلك باتت الأبنية عبارة عن “مقارّ عسكرية، ومفارز أمن جوي وعسكري وسياسي، ومقارّ لحركة النجباء العراقية، وغرفة عمليات ضخمة تقع قرب الإرشادية”.

أكد الدوس أن “للنظام نحو 32 حاجزًا في تلك المنطقة، ترتبط ببعضها عبر شبكة أنفاق تحت الأرض محصّنة ومجهزة، وكل حاجز منها مدجج بالأسلحة الثقيلة من دبابات، وعربات مصفحة، ومنصات مضادة للدروع، ومضادات 23-14.5 وعربات شيلكا، وراجمة صواريخ، وعربات دوشكا، إضافة إلى مدافع من عيارات مختلفة، وأجهزة رؤية ليلية، وعدد كبير جدًا من مرتزقة الأسد وإيران”.

خاضت فصائل الجيش الحر عدة معارك طاحنة، خلال السنوات الأربع الماضية على تخوم الحي، لكنها “لم تحقق أهدافها نتيجة التحصين الهائل، ووجود قوات نخبة، وخاصة القوات الخاصة من الفرقة 15″، لكن موازين القوى في الحي انقلبت لصالح قوات المعارضة أخيرًا، يومَ أعلنت الفصائل معركة (الموت ولا المذلة) في شباط/ فبراير الماضي، المعركة التي “تطلبت نحو عام وثلاثة أشهر من التخطيط، والإعداد، وحفر الخنادق والأنفاق، وتجهيز العمليات الحربية”، وأشرف عليها غرفة عمليات (البنيان المرصوص) “بدعم ذاتي داخلي”.

لفت الدوس إلى أن الثوار نجحوا في “السيطرة على نحو 90 بالمئة من الحي”؛ الأمر الذي أدى إلى عرقلة عمليات النظام العسكرية، و”سقوط عدة مواقع عسكرية للنظام ناريًا لقربها من الحي، وأنهى حلم الأسد بالوصول إلى المعبر السيادي على الحدود الأردنية، ومحاولة فصل شرق حوران عن غربها، كون حي المنشية يتواجد فيه الطريق الوحيد الرابط بين أجزاء حوران”.

أبرز المعارك التي أعلنتها الفصائل حول الحي هي: “معركة شهداء الخندق، ومعركة الوليد، ومعركة العباس، ومعركة عواد الهلال الأولى والثانية، ومعركة جامع بلال، ومعركة البنايات، وغيرها”، لكن بلا نتيجة.

ثم جاءت معركة (عاصفة الجنوب) في حزيران/ يونيو 2015 كمحاولة أخرى للسيطرة على الحي، حيث خصصت لها “غرفة عمليات”، لكن لم يتم تحريره، وتوقفت المعركة. الآن “تقلب (البنيان المرصوص) الطاولةَ على الأسد وحلفائه”. ختم الدوس.




المصدر