ميليشيات (رامي مخلوف) تنتشر في السويداء تحت غطاء الإغاثة


ميلاد عيسى: المصدر

قبل ستة سنوات خرج وللمرة الأولى (رامي مخلوف) الذراع الاقتصادية لعائلة الأسد على وسائل الإعلام متحدثاً عن خطته الاقتصادية الجديدة في سوريا، وانتقاله للعمل (الخيري) وتخصيص حصته في شركة (سيريتل) والتي تبلغ 40 في المئة من رأس مال الشركة الأكبر في سوريا لصالح جمعية (البستان) التي يملكها مخلوف وكان قد أسسها نهاية عام 1999.

إلا أن ما لم يعرفه السوريون حينها أن مخلوف انتقل بهذا الإعلان من سرقة قوت يومهم، إلى سرقة حياتهم، وبأن وعود مخلوف ببناء ضواحي سكنية جديدة للسوريين، هي بداية لتدمير مدن السوريين فوق رؤوسهم، وكان هذا الخروج إعلان عن بدء عمل واحدة من أكثر الميليشيات إجراما في سوريا وهي ميليشيا جمعية (البستان) التي استغلت الأوضاع الاقتصادية للسوريين وجندت الآلاف للقتال إلى جانب جيش النظام، والزجّ بهم على الجبهات المشتعلة.

في السويداء

الناشط سامي الأحمد قال لـ “المصدر” إن ميليشيا جمعية (البستان) بدأت عملها الفعلي في محافظة السويداء مطلع عام 2012، تحت حجة العمل الخيري وتقديم المساعدات للأهالي، لكن الهدف الرئيس من دخولها للمحافظة كان مختلف تماماً، حيث أنها بدأت بتسليح المتطوعين فيها وزجهم على جبهات القتال ولاسيما في محافظة درعا.

وأضاف أن الجمعية في المنطقة يقودها (أنور كريدي)، ويقدر عدد مقاتليها بحوالي 300 مقاتل فقط بعد فشلها في استقطاب الشبان من أبناء المحافظة على الرغم من الامتيازات المالية التي تقدمها الجمعية للمنتسبين لها، فراتب المنتسب للجمعية يعادل أربعة أضعاف راتب الموظف في المؤسسات العامة التابعة للنظام.

وعن أماكن تواجد المنتسبين للميليشيا في السويداء، قال الأحمد إنهم يقاتلون على أكثر من جبهة في سوريا، ولاسيما جبهة البادية، فالمغريات المالية تشجعهم للانتقال إلى الجبهات في ريف حمص الشرقي، ومؤخراً نقلت الجمعية قسماً كبيراً منهم لمعارك شرق السويداء، وذلك بعد رفض معظم الميليشيات التشبيحية في السويداء القتال إلى جانب قوات النظام في معارك شرق السويداء، بينما توجه مقاتلو الميلشيات المقربة من (إيران) للقتال هناك، وخاصة جمعية البستان والحزب القومي السوري وحزب التوحيد.

ولفت الناشط أيضاً إلى أن الميليشيا توقع عقوداً لمدة ستة أشهر للمقاتلين في صفوفها، ووفق العقد فإن من حق الميليشيا نقل المقاتلين إلى أي مكان تريد في سوريا، وهذا الأمر هو عكس باقي الميليشيات في المحافظة ولاسيما (الدفاع الوطني) بقيادة (رشيد سلوم) حيث أن عدد المنتسبين للميليشيا يقدر بحوالي أربعة آلاف عنصر، لكنهم غير ملزمين بالقتال إلى جانب قوات النظام.

العلاقة مع باقي الميليشيات

وعن علاقة الميليشيا التابعة لرامي مخلوف في السويداء، تحدث الناشط خالد القضماني، ابن محافظة السويداء، لـ “المصدر” عن تباين كبيرٍ ظهر بين الميليشيات الموالية للنظام في السويداء، خاصةً أن أهداف هذه الميليشيات تختلف كلياً عن بعضها البعض، فميليشيا “الدفاع الوطني” مثلاً باتت تهتم باستغلال الأهالي في المحافظة على صعيد الاقتصادي من خلال سيطرتها على المعابر التجارية وعلى حواجز الترفيق. في المقابل، تعمل ميليشيا جمعية البستان وفق أوامر تصدر عن قيادتها العليا.

هذا التباين، وفق القضماني، ظهر من خلال اشتباكاتٍ حصلت بين ميليشيا “الدفاع الوطني” و”جمعية البستان” مطلع أيار/ مايو الماضي، عندما منعت الأخيرة رتلاً يتبع “الدفاع الوطني” من التوجه إلى منطقة الحدود مع الأردن جنوب السويداء، فاعترضت ميليشيات “مخلوف” الرتل في بلدة “ذيبين” في المنطقة.

وأكد القضماني وجود حساسية كبيرة بين الميليشيات الموالية في السويداء عموماً وتلك التابعة لرامي مخلوف، فالأهالي هناك يتهمون القائمون على الأخيرة بالعمل على نشر المذهب (الشيعي) في المحافظة، من خلال علاقة الميليشيا بسفارة (إيران) في دمشق.

العلاقة مع داعش

بدوره قال الناشط عمر الشعراني لـ “المصدر” إن ميليشيا (جمعية البستان) وميليشيا (الحزب القومي السوري) في السويداء على علاقة وثيقة بتنظيم (داعش) مستدلاً بإدخال المحروقات القادمة من مناطق سيطرة التنظيم في الشمال السوري إلى الجنوب، والذي يتم عن طريق هذه الميلشيات.

وأوضح أن الميليشيات الموالية كانت تتسلم المحروقات من ريف السويداء الشرقي إبان سيطرة تنظيم “داعش” على المنطقة خلال الأعوام الماضية، قبل انسحابه مؤخراً، وبعدها تُنقل المحروقات إلى أسواق درعا والسويداء والقنيطرة، وبشكل وسطي يدخل قرابة خمسة آلاف برميل يومياً من قبل هذه الميليشيات، ما يعني مكاسب تُقدر بـ 50 مليون ليرة سورية (قرابة 92 ألف دولار) يومياً.

جانبٌ آخر لتمويل الميليشيات كشف عنه الشعراني، من خلال عمليات تهريب الشباب من أبناء درعا نحو الشمال السوري مقابل مبالغ مالية كبيرة تفرضها على الراغبين بالتوجه شمالاً، فتتولى الميليشيات مهمة شراء الحواجز التابعة للأجهزة الأمنية في محافظة السويداء وإيصال الشبان إلى مناطق سيطرة تنظيم (داعش) في البادية السورية، مقابل مبلغ 200 دولار أمريكي عن كل شخص.

ويقدر الناشط عدد الشبان الذين هربتهم الميليشيات عبر حواجز النظام إلى مناطق “داعش” بأكثر من أربعة آلاف شابٍ من محافظة درعا خرجوا إلى الشمال السوري عبوراً بمناطق النظام ثم “داعش”.





المصدر