واشنطن لطهران ودمشق: لا تجرّبونا


الرأي

بدأت «بشكل غير رسمي» حرب السيطرة على البادية شرق سورية مع انخراط قوات الرئيس السوري بشار الأسد والميليشيات المتحالفة معه، والموالية لإيران، في مواجهة عسكرية ضد حلفاء الولايات المتحدة، وفي طليعتهم «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) ذات الغالبية الكردية.
وبعد ثلاث محاولات على الأقل قامت بها الميليشيات الايرانية، على مدى الاسابيع الماضية، للتقدم باتجاه قاعدة التنف على الحدود السورية – العراقية – الاردنية، ما دفع المقاتلات الاميركية الى تدميرها، وبعدما طردت القوة الجوية الاميركية مقاتلات تابعة للأسد حاولت اختراق الاجواء فوق التنف، شنت قوات الأسد مع حلفائها، أول من أمس، هجوماً متواصلاً ضد «قسد».
وعلى الفور، فتحت القيادة العسكرية الأميركية خطوط الاتصال مع نظيرتها الروسية للطلب منها ردع حلفائها ووقف تقدمهم تجاه المناطق المتفق على أنها تابعة للنفوذ الاميركي، حسب اتفاقية أستانة لـ «خفض التصعيد». ووعد الروس الأميركيين بوقف فوري لتقدم قوات الأسد وحلفائه، لكن الساعات مرّت، واستمر تحالف الأسد – إيران بمحاولة التوغل شرقاً، فيما عاودت مقاتلاته استهداف مواقع تابعة لحلفاء أميركا.
في هذه المرحلة، تضاربت الأنباء في واشنطن عن كيفية اتخاذ القرار باستخدام القوة الجوية الاميركية لنزع التفوق الجوي لقوات إيران والأسد. ويقول بعض المطلعين ان الرجل المسؤول عن قرار إسقاط مقاتلة الأسد هو الجنرال المتقاعد مستشار الرئيس دونالد ترامب لشؤون العراق وسورية ديريك هارفي، وهو من المقربين من بطل حرب العراق ومدير «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي) السابق الجنرال ديفد بترايوس.
وأصدر هارفي أمراً من البيت الابيض بتقديم الغطاء الجوي لحلفاء واشنطن شرق سورية، فنفذته وزارة الدفاع. لكن القيادة العسكرية، بدءا من وزير الدفاع الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، مروراً بقائد الاركان جو دانفورد، وصولاً إلى قائد القيادة الوسطى في الجيش ماكس فوتيل، وقائد عملية «العزم الصلب» الجنرال ستيفن تاونسند، عقدوا لقاء هاتفيا مع هارفي، وعارضوا قراره بالتصعيد. وقال بعض المطلعين ان القادة العسكريين شتموا هارفي أثناء المحادثة ووصفوه بـ «ابن الكلب المخادع».
وعلى الرغم من الانقسام بين البيت الأبيض وهارفي، الراغبين بـ «تصعيد شرس للحرب في سورية ضد إيران وميليشياتها»، وبين القيادة العسكرية الاميركية الراغبة في السيطرة على الاراضي السورية التي تنهار فيها سلطة تنظيم «داعش» شرق الفرات وغرب الحدود العراقية، يبدو ان الطرفين الاميركيين يتفقان على ضرورة إفهام الأسد وإيران ضرورة البقاء خارج المنطقة المتفق على أنها تحت السيطرة الاميركية.
ونقل المطلعون عن المصادر العسكرية الاميركية انها، بإسقاطها المقاتلة التابعة للأسد، ترغب في إرسال رسالة الى إيران والأسد مفادها «لا تجربونا».
وتعتقد واشنطن انه يمكن الإمساك بشرق سورية عن طريق دعم حلفائها مالياً وتسليحياً، وتوفير غطاء جوي لهم، وتقديم مشورة عسكرية عن طريق قوات أميركية خاصة منتشرة بينهم، إلا أنه إذا تعذر مزيج القوة الاميركية المحلية من وقف زحف قوات إيران والأسد شرقاً، لا يبدو ان القيادة العسكرية الاميركية ستتراجع، بل هي في الغالب لا تمانع بزج قوات عسكرية أميركية في المعركة لتأكيد إبقاء تحالف إيران – الأسد على مسافة بعيدة من المناطق التي تسيطر، وستسيطر عليها، الميليشيات المتحالفة مع الولايات المتحدة.




المصدر