فزغلياد: الإنذار الروسي يجبر البنتاغون على تقليص مجاله الجغرافي


سمير رمان

الصورة: كيم هونغ- جي/ رويتر

المحتوى

مقدمة………………………………………………………………1

أستراليا “الحلقة الأضعف” في التحالف الغربي……………………2

مناطق النفوذ العسكرية تتحوَّل إلى مناطق نفوذٍ سياسي……………..3

 سورية لا تستحق مواجهة نووية بين الدول العظمى……………….4

مقدمة

وفقًا للتقارير العسكرية، لم تعد طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية تتخطَّى الخط الذي ستكون بعده هدفًا لوسائل الدفاع الجويّ الروسية. وللمرَّة الأولى منذ “الهجوم على بريشتينا” تضطَّر الولايات المتحدة إلى التراجع تحت ضغط العسكريين الروس. وأستراليا، تخلَّت نهائيًّا عن تحليق طائراتها فوق الأجواء السورية؛ والسؤال اليوم، هل ستكون مناطق النفوذ العسكرية في سورية متطابقةً مع مناطق النفوذ السياسية.

بالفعل، قلَّص التحالف الغربي مجال عملياته القتالية يوم الثلاثاء في سورية، بعد أنْ هدَّدت روسيا، قبل ذلك بيوم واحد، باعتبار طائرات ومروحيات التحالف الغربي “أهدافًا جويّة”، إذا تخطَّت نهر الفرات غربًا. ويناقش الخبراء مسألة ما إذا كان غياب طائرات التحالف الغربي مصادفةً أو أنَّه جاء نتيجةً للتحذير الروسي.

تتّضح حقيقة أنَّ التحالف الغربي لم يعد يتجاوز نهر الفرات، خلال الأيام الأخيرة، من خلال التقارير العسكرية اليومية المنشورة يوم الثلاثاء. ففي يوم الأحد، نُفّذت 15 ضربة جوية قرب مدينة البوكمال على الحدود السورية مع العراق، بينما تقع مدينة دير الزور شمال شرق سورية، ومدينة الرقة شمال سورية. وفي يوم الإثنين وقعت 13 غارة جوية، وكانت كلٌّها في منطقة الرقة. في حقيقة الأمر، لم يصدر أيُّ تأكيدٍ رسمي حول تقلّص جغرافية العمليات الغربية المرتبط بالأحداث الأخيرة، وكان التحالف قد تعهَّد سابقًا بمواصلة الغارات “في كلِّ سورية”.

يحذِّر رئيس قسم دراسات النزاعات في الشرق الأوسط والقوات المسلَّحة في المنطقة في معهد التطوير الإبداعي، أنطون مارداسوف من أنَّ إطلاق التصريحات العلنية قد يؤدي إلى انفصال اللاعبين في النزاع السوري عن الواقع. ويرى أنَّ تقليص جغرافية عمليات التحالف الغربي هو مجرد مصادفة. وبرأيه، أنَّ الطلعات الجوية الأميركية فوق غرب سورية قد تقلَّصت من قبل، وأنهم الآن يركِّزون على الرقّة، شرق نهر الفرات.

بخلاف مارداسوف، يبدو للخبير العسكري فيكتور ماراخوفسكي أنَّ قرار الولايات المتحدة الأميركية قد جاء نتيجةً مباشرة لتحذيرات موسكو. “يشعر الطيار في قمرة القيادة بتوترٍ شديد، عندما تبدأ أجهزة الملاحة تهتزّ وتضيء الأضواء الحمراء بالوميض على المؤشِّر متعدد المهمات، محذرةً من الترددات الرادارية”، شرح الخبير لصحيفة (فزغلياد). وبحسب موراخوفسكي، إذا رغب أحدٌ ما في التواجد غرب الفرات، فإنَّه سيعرف هذا الشعور في السماء. وأوضح: “نحن نرى أنه لم يحدث أيَّ خرق حقيقي من طائرات غريبة، فوق المجال الجوي الذي حددته روسيا، والذي ستعمل ضمنه وسائل دفاعاتنا الجوية وطائراتنا وكذلك قوات الجيش السوري”.

 أستراليا “الحلقة الأضعف” في التحالف الغربي

يلاحظ موراخوفسكي أنَّ بعض دول التحالف، من باب الاحتياط، قد صرَّحت علنًا بأنّها لن ترسل طائراتها إلى هذه المنطقة (غرب الفرات). بينما “آخرون، ربما لم يصرحوا علنًا، ولكنَّهم بالتأكيد يؤيدون وجهة النظر هذه”، يقول الخبير.

 بالفعل، أظهرت القيادة العسكرية الأسترالية وجلًا غيرَ متوقَّع بإعلانها يوم الثلاثاء، أنَّها حظرت على طائراتها التحليق فوق كلِّ الأجواء السورية، وليس فوق منطقة غرب نهر الفرات وحسب. وتنقل وكالة (رويترز) تصريح وزارة دفاع تلك الدولة، حيث جاء فيه “كإجراءٍ احترازيٍّ، نوقف بشكلٍ مؤقَّت عمليات شنِّ ضرباتٍ جوية من قبل قواتنا المسلَّحة في سورية”.

وكانت كانبيرا تشارك بفاعليةٍ في جميع عمليات التدخُّل الأميركيّة في كافة أرجاء العالم، ومن ضمنها في العراق وسورية. ولكنَّها لم توجِّه أيَّ تهديد بحقِّ موسكو، وكانت تدعو لاتِّخاذ أقسى الإجراءات ضد بلادنا (روسيا). على سبيل المثال، بعد تحطُّم طائرة الركَّاب “بوينغ” الماليزية فوق منطقة الدنباس شرق أوكرانيا، خلال لقاء قمة “العشرين الكبار” خريف عام 2014، أظهرت السلطات الأسترالية برودًا واضحًا عند التقائها ببوتين.

 ويتكوَّن الآن انطباعٌ بأنَّ السلطات الأسترالية قد خافت، ببساطة، أنْ تتورّط في اشتباكٍ مع الطائرات الروسية في سورية. وبالمناسبة، أستراليا لا تخشى على الإطلاق أنْ تبقى وحدها وجهًا لوجه مع روسيا؛ لأنها من الناحية العسكرية في حلفٍ دفاعيٍّ مع الولايات المتحدة الأميركية، مع أنًّها ليست عضوًا في الناتو.

يعتبر مارداسوف أيضًا أنَّ قرار كانبيرا جاء نتيجةً للتهديد الروسي. ويفترض أنَّه “إذا كانت الطائرات الأسترالية متمركزة في قاعدة (إنجيرليك) العسكرية جنوب تركيا، فإنَّ خطَّ طيرانها إلى سورية سيكون فوق المناطق التي تغطيها وسائل الدفاع الجوي الروسية. ولهذا، ربما ارتأى الأستراليون أنَّهم بغنًى عن صدامٍ محتملٍ مع الروس. وحتى أثناء ولاية أوباما، كانت أستراليا قد شاركت مرَّةً واحدة في غاراتٍ على القوات الحكومية السورية. ولهذا قرروا “هذا يكفينا”، ويريدون ترقّب التوصل إلى تسويةٍ للمسألة.

مناطق النفوذ العسكرية تتحوَّل إلى مناطق نفوذٍ سياسي

وبهذا، أصبحت الأجواء السورية مقسَّمةً تقسيمًا واضحًا بين القوات الروسية والأميركية بحسب مجرى نهر الفرات. والمفارقة الجغرافية تكمن فقط في أنَّ التحالف الغربي يسيطر على شرق سورية، بينما روسيا على العكس فتسيطر على الجزء الغربي منها؛ وبهذا المعنى يمكن أن يتحول نهر الفرات إلى حدودٍ سياسيةً جديدة، تفصل بين أجزاءٍ مختلفة ما زالت رسميًا من دولة سورية الواحدة. ولكنّ مصير جنوب سورية لم يُحدّد بعد، حيث دارت عليه معارك أقلّ كثافةً (حتى الآن) من المعارك التي وقعت شمال-غرب، وشمال-شرق البلاد.

يوم الثلاثاء، نقلت وكالة  France-Pressعن عسكريين أميركيين قولهم إنَّ قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية أسقطت طائرة بدون طيار تابعة للقوات الحكومية السورية جنوب البلاد. وتقول   Fox News إنَّ مقاتلة أميركية أسقطت، جنوب البلاد، طائرةً إيرانية بدون طيار تعود إلى ميليشيات موالية لدمشق. وادعت القوات الأميركية أنّ الطائرة الإيرانية كانت تحلِّق بالقرب من قواتٍ معارضة مدعومة من قبل البنتاغون.

أدانت موسكو بشدَّة قيام الولايات المتحدة بتعزيز قواتها العسكرية في الجنوب السوري. وحول هذا الأمر، صرَّح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف بأنَّ “هذا عملٌ غير قانوني أبدًا. لا يوجد قرارٌ من في مجلس الأمن، وليس هناك طلبٌ من السلطات الشرعية في الجمهورية العربية السورية”. وقد عُلمَ في وقتٍ سابق أنَّ البنتاغون قد نشر منصَات أنظمةٍ صاروخيّة في قاعدته في الجنوب السوري في منطقة التنف؟

يشير مارداسوف أنَّ جنوب سورية يقع تحت سيطرة قبائل سنيَّةٍ معارضة، تلقى الرعاية من الأردن. وبحسب بعض المعلومات، فقد نُقلتْ قواتٌ من (قوات سورية الديمقراطية) من شمال سورية إلى هذه المنطقة. وبحسب الخبير، خضع هؤلاء لتدريباتٍ خاصَّة، بإشراف خبراء أردنيين.

مناطق النفوذ السياسية الأُخرى في سورية، قد أصبحت مرسومةً عمليًا. فإذا كانت المناطق الشمالية الغربية تحت سيطرة دمشق، كما هو معلوم، بمساعدة القوات الروسية والإيرانية، فإنَّه في شرق البلاد، في محافظة الرقة ودير الزور، يقع تحت سيطرة (قوات سورية الديمقراطية) من التحالف الكردي-العربي. ويحذَّر مارداسوف في مقابلته مع صحيفة (فزغلياد)، قائلًا: “يُلاحظ نفوذٌ أميركي قويّ. وتستطيع الولايات المتحدة الأميركية فيما بعد الحدَّ من تواجدها ونقل السيطرة إلى العشائر العربية، ولكنهم لن يتركوا هذه المناطق دون رقابتهم. وكلَّما تناقصت المساحة التي يسيطر عليها تنظيم (الدولة الإسلامية)، برز السؤال عمَّن وبأيّ شكلٍ ستدار هذه المناطق”.

الخبير على قناعةً من أنَّ “مناطق النفوذ هذه ضروريةٌ في سورية؛ لأنَّه بدونها سيكون هناك فوضى عارمة. ولولا الدعم الذي تقدِّمه (إسرائيل) للدروز الذين يسكنون سورية، من خلال أجهزة استخباراتها الخاصَّة، لتمكنت (جبهة النصرة) منذ عام 2015 من ذبح جميع الدروز”.

سورية لا تستحق مواجهة نووية بين الدول العظمى

“تفترض الدول الغربية أيضًا أنَّ على روسيا والولايات المتحدة تقاسمَ مناطق المسؤولية في سورية. ولحلَّ الأزمة السورية، من الضروري التوافق مع روسيا على استراتيجيةٍ جادَّة”، يقول الباحث العلمي في أبحاث السياسة الخارجية في معهد (بروكينغز)، مايكل أوهينلن، وبرأيه لا يمكن طرد روسيا من سورية بالوسائل العسكرية؛ ولهذا “يجب البحث عن طريقةٍ للتوصل إلى حلٍّ وسط”، تقول RT.

اسم المقالة الأصليРоссийский ультиматум вынудил Пентагон «сузить свою географию»

كاتب المقالةأندريه ريزجيكوفمكان وتاريخ النشرصحيفة فزغلياد. 20 حزيران 2017رابط المقالةhttps://www.vz.ru/world/2017/6/20/267919.html

ترجمةسمير رمان


المصدر