أدب نكبتين

25 حزيران (يونيو - جوان)، 2017
5 minutes

إبراهيم صموئيل

[ad_1]

لكأنَّنا، ونحن نتابع ما يصدر ويُعرض من أعمال أدبيّة وفنيّة يقدمها السوريون -منذ بضع سنوات إلى الآن- نعاود قراءة ومشاهدة موضوعات ومضامين مُنجز التجربة الإبداعيّة الفلسطينية ذاته الذي عرفناه إثر النكبة، ومن وَحْيها.

فالنكبة التي حلَّت بالشعب الفلسطيني تُعاد وقائعها ومشاهدها وطرائق كوارثها وأحوال ناسها ومنافيهم وحكاياتهم وعذاباتهم.. كما لو كانت الحياة قد شاءت حدوث نكبة نظيرة لنكبة فلسطين -بما داخَلها وتداخل معها ونتج عنها- ولكنْ على الأرض السوريّة، وفي حياة السوريين، وتاريخهم الحديث.

المُدقّق -وحتى القارئ والمشاهد العابر أيضًا- سيُلاحظ بيسرٍ التشاركَ بين أعمال أدبيّة ونصوص سرديّة، وكذا أعمال متنوّعة في ميدان الفن، أُنجزتْ في سياق المواجهات والمشاهد الدامية التي خاضها الشعب الفلسطينيّ، في نضاله ضد القوة الغاشمة المغتصبة لأرضه؛ وبين ما يُنتجه الكتّاب والفنانون السوريّون من نصوص وأعمال، في سياق المواجهات والمشاهد الدامية التي يخوضها الشعب السوريّ في نضاله ضد القوة الغاشمة المغتصبة لحرّيته وكرامته وحقوقه.

وكما قرأنا وشاهدنا العديد جدًا عن مفاصل ومحطّات ومعالم محنة الشعب الفلسطيني التي تمثَّلت في ملاحقة وقتل الفلسطينيين داخل بلدهم، وأعمال اقتلاعهم من أرضهم، وإجبارهم على الهجرة إلى مختلف البلدان والمناطق، ومن ثمَّ معاناتهم في الغربة والمنافي والمخيَّمات، جرّاء نظرة الازدراء إليهم، أو الشفقة المُهينة، وكذا في وقوفهم طوابير للحصول على المعونات، وآلام الفقر والبؤس في حياة اللاجئ الفلسطيني.. كذا نعاود قراءة ومشاهدة مفاصل محنة الشعب السوريّ.

وعلى هذا النحو، يجد الكتَّاب والفنَّانون السوريّون -والصحافيّون منهم أيضًا- أنفسَهم إزاء نكبة جديدة شديدة الشبه بنكبة أخرى أقدم، سبق لهم أن عايشوا وقائعها مع إخوتهم الفلسطينيين، وشاركوهم التعبير عن آلامها ومآسي شعبها وآماله.

وبسبب من التشابه بين النكبتين، سنقع على الكثير من التقاطع والتقارب والتلاقي، والتوأمة -أحيانًا- بين الموضوعات والأحداث والوقائع والمضامين المُعالجة، بين الصور والتشبيهات والتعبيرات والاشتقاقات والرموز، بين الشخصيّات ومواقفها وأطوارها ومآلاتها الواردة في منجز الإبداع الفلسطينيّ إثر النكبة.. وبين العديد من الأعمال الروائية والقصصية والشعرية والأخرى الفنيّة السوريّة التي راحت تظهر تباعًا، منذ آذار 2011.

ولعله من الصعب العثور على سمات خاصّة، كبيرة الاختلاف، في ما يُبدَع سوريًا، بعد قيام الثورة ووقائع تداعياتها المروّعة، على يد السلطة الطاغية؛ وفي ما كان تمّ إبداعه فلسطينيًّا، بعد اغتصاب فلسطين ووقائع تداعيّات ذلك، سواء في المجازر المُرتكبة ضدّ الشعبَين، أو في التعبير عن اللوعة بسبب غياب الأحبّة، أو الحزن العميق لترك الدُّور والمنازل والأحياء، أو الحنين البالغ للعودة، أو الكآبة المُرَّة في المنافي، أو استعادة صور البلاد، أو الآمال بالعودة، أو العيش مع تداعيات ذاكرة الماضي، أو المعاناة من ضعف الاندماج والتآلف في بلدان اللجوء… أو الكثير مما شابه ذلك.

وكيف لا يكون التقاطع والتشابه والتقارب والتوازي -بل والمماثلة أحيانًا- في التعبير السردي والشعري والفنّي؛ والحال أن المحنتَين الواقعيَّتين على الأرض، في كلا البلدين العربيين: فلسطين وسورية، تدانتا وتماثلتا في سيرتيهما من حيث هدر دماء الناس المدنيين، وهم في منازلهم ومشاغلهم ومزارعهم، وزجّ الآلاف منهم في السجون والمعتقلات، وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها، وإحراق المزارع، وقتل الماشية، وإكراه الملايين على الهروب، وأحوال التشرّد في بلدان العالم، واكتواء اللاجئين بنار المهانة ولظى التشرّد، إضافة إلى التشابه في تعاون دول عديدة على التصدّي للشعبين، بعد أن سطا عليهما وعلى بلديهما وعلى حقّهما في الحياة قوّتان قاهرتان بقِناعين ومُسمَّيين متغايرين، ولكنْ بجوهر واحد: تقويض حقوق الإنسان، وتدميره؟

[ad_1] [ad_2] [sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]