مطالبات حقوقية لكشف مصير المعتقلين الفلسطينيين في سجون الأسد


غسان ناصر

أحيَا العالم، في العشرين من حزيران/ يونيو الجاري، اليومَ العالمي للاجئين، في تقليدٍ بدأته المفوضيّة العامة لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، منذ العام 2001، لتسليط الضوء على قضايا الملايين من البشر الذين أُجبِروا على الفرار من منازلهم، وترك بلدانهم، طلبًا للأمان والحماية.

وقد خص المجتمع الدولي مسألة اللجوء الفلسطيني، منذ بدايتها بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، بمكانة متفرّدة، وأسس من أجلها دونًا عن لاجئي العالم، منظّمة خاصة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تعرف اختصارًا بـ (الأونروا).

تعرّف (الأونروا) اللاجئَ الفلسطيني بأنّه “الشخص الذي عاش في فلسطين بين أعوام 1946 و1948، وفقد منزله ومورد رزقه نتيجة الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948″، إلا أنّه ينضوي على الكثير من التحريف، من حيث عدم إظهاره للتهجير فعلًا احتلاليًا متعمّدًا من قبل العصابات الصهيونية، وتبيان الأمر كما لو أنّه قد تمّ نتيجة حرب اعتيادية بين دول، إلا أنّ إرجاع سبب فقدان المنزل ومورد الرزق للحرب، لا بدّ أن يعني أنّ انتهاء تلك الحرب يؤدي إلى انتهاء اللجوء، وهذا ما لم يتم نتيجة سكون المجتمع الدولي وتواطئه مع التعنت الإسرائيلي، في رفض القرارات الدولية القاضية بعودة اللاجئين.

بحسب تقرير صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء، في رام الله، والتابع للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فقد بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المُسجّلين لدى (الأونروا) في عام 2016 نحو 5.9 مليون لاجئ، وهذا الرقم هو الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، وطُرد ونزح من الأراضي التي سيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 نحو 957 ألف فلسطيني، أي ما نسبته 66 بالمئة من إجمالي الفلسطينيين الذين كانوا يُقيمون في فلسطين التاريخية، عشية حرب عام 1948، وذلك حسب تقديرات الأمم المتحدة عام 1950.

واستعرض التقرير أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين والدول العربية المجاورة بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الذي يُصادف 20 حزيران من كل عام، وأوضح التقرير أنّه صدرت عدة تقديرات رسميّة حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين، عشيّة حرب عام 1948 من مصادر مختلفة، إلّا أنّ تقدير الأمم المتحدة عام 1949 يُشير إلى أنّ عددهم بلغ نحو 726 ألف لاجئ، وتقدير آخر يُشير إلى أنّ عددهم 957 ألف لاجئ بناءً على تقديرات عام 1950.

ووفقًا للتقرير الذي نشرته وسائل إعلام فلسطينية محلية، يُشكّل اللاجئون الفلسطينيون في الضفة المحتلة ما نسبته 17 بالمئة من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث، مقابل 24 بالمئة في قطاع غزة، وعلى مستوى الدول العربية بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المُسجّلين لدى الوكالة في الأردن 39.1 بالمئة من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت النسبة في لبنان 8.8 بالمئة، وفي سورية 10.6 بالمئة.

وبشأن المخيّمات المعترف بها لدى وكالة الغوث، أورد التقرير أنّه يوجد في قطاع غزة 8 مخيّمات، وفي الضفة الغربية 19 مخيّمًا، وفي سورية 9 مخيّمات، لبنان 12 مخيّمًا، وفي الأردن 10 مخيّمات.

وفقًا لبيانات عام 2016، أشار التقرير أن نسبة السكان اللاجئين في فلسطين المحتلة بلغت 41.5 بالمئة من مجمل السكان الفلسطينيين المُقيمين فيها، و26.2 بالمئة من الضفة الغربية هم لاجئون، في حين بلغت نسبة اللاجئين في قطاع غزة 65.3 بالمئة.

في دراسة أعدّتها مؤسسة “FAFO” حول الأوضاع المعيشيّة في المخيّمات الفلسطينية في الأردن لعام 2011، أظهرت أنّ 39 بالمئة من سكان المخيّمات دون سن 15 سنة، في حين بلغت لمن هم 65 سنة فأكثر 4.3 بالمئة، وبلغ متوسط حجم الأسرة في المخيّمات 5.1 فردًا، ونسبة الأميّة بين الأفراد 15 سنة فأكثر 8.6 بالمئة.

أمّا البيانات حول الفلسطينيين المقيمين في لبنان عام 2011، فأظهرت أنّ نسبة الأفراد دون سنة 15 سنة 31.1 بالمئة، ونسبة من هم أعمارهم 65 سنة فأكثر 6.1 بالمئة، ونسبة الجنس 98.2 ذكرًا لكل مئة أنثى، ومتوسط حجم الأسرة الفلسطينية بلغ 4.4 فردًا.

مقتل 3521 لاجئًا فلسطينيًا في سورية

من جهة أخرى، قالت (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية) إنها وثقت مقتل 3521 فلسطينيًا منذ بداية الحرب في سورية. ووفقًا لـ “المجموعة” الحقوقية التي تتخذ لندن مقرًا لها، ولديها شبكة من المراسلين في عدد من المخيّمات الفلسطينية في سورية، أن القصف أدى إلى مقتل 1146 لاجئًا فلسطينيًا، فيما قضى 885 لاجئًا بسبب الاشتباكات المتبادلة بين الجيش النظامي والمعارضة السورية المسلحة، في حين قضى تحت التعذيب في سجون ومعتقلات النظام 462 لاجئًا. و196 نتيجة حصار مخيّم اليرموك بسبب الجوع ونقص المواد الغذائية الأساسية والطبية، يضاف إليهم المئات من اللاجئين الفلسطينيين داخل وخارج المخيمات الفلسطينية؛ سقطوا بسبب الاشتباكات أو الإعدام الميداني أو الاستهداف المباشر.

إلى ذلك، طالبت “المجموعة”، بمناسبة “يوم اللاجئ العالمي”، نظامَ الأسد بالكشف عن مصير المئات من المعتقلين الفلسطينيين داخل سجونه.

وأشارت “مجموعة العمل” إلى أنها تمكنت منذ بداية عام 2011 من تسجيل بيانات وأسماء 1611 معتقلًا فلسطينيًا في سجون النظام السوري، منبهة إلى إمكانية أن تكون أعداد المعتقلين وضحايا التعذيب أكبر مما أُعلِن عنه، بسبب غياب أي إحصاء رسمي صادر عن النظام السوري، بالإضافة إلى تخوف بعض أهالي المعتقلين والضحايا من الإفصاح عن تلك الحالات خوفًا من ردة فعل الأجهزة الأمنية في سورية.

وأفادت “المجموعة”، في بيان لها، أنها رصدت عمليات اعتقال مباشرة لأشخاص على حواجز التفتيش أو أثناء الاقتحامات التي ينفذها الجيش داخل المدن والقرى السورية، أو أثناء حملات الاعتقال العشوائي لمنطقة ما، وبعد الاعتقال يتعذر على أي جهة التعرف على مصير الشخص المعتقل، وفي حالات متعددة تقوم الجهات الأمنية بالاتصال بذوي المعتقل للحضور لتسلم جثته من أحد المستشفيات العسكرية أو الحكومية العامة.

اتهامات لمكتب (الأونروا) في سورية

على صعيد آخر، أكدت شبكة (بوابة اللاجئين الفلسطينيين)، ومقرها بيروت، أنّ كبير المستشارين في المكتب التنفيذي لدى (الأونروا)، حكم شهوان، يُتابع قضيّة فلسطينيي سورية في غزة ومناشدتهم بشأن المساعدات المُقرّة لهم، على أمل أن يكون الحل بأسرع وقت.

وكانت لجنة متابعة شؤون اللاجئين من سورية إلى غزة، قد أطلقت الثلاثاء الماضي 20 حزيران/ يونيو، نداءً ناشدت المعنيين بقضيّتهم و(الأونروا)، بشأن المساعدات المقررة لهم، مُوجّهين التُهم إلى مكتب (الأونروا) في سورية بأنّه المسؤول عن تعطيل صرف المساعدات الخاصة بهم.

وطالبت “اللجنة” بإيجاد آلية منتظمة لتقديم المساعدة المُقرّة للاجئين الفلسطينيين الذين قدموا من سورية إلى قطاع غزة قبل سنوات هربًا من الأحداث الدائرة هناك.

أما بشأن الفلسطينيين القادمين إلى غزة من اليمن والعراق وليبيا، فقد أفادت مصادر إعلامية فلسطينية أنّ قضيتهم صعبة الحل، بسبب عدم توفر تمويل، على حد تعبير المصادر التي تحدثت عن عزم (الأونروا) تقديم بدل إيجار لهؤلاء اللاجئين.

ويُشار في هذا السياق، إلى أنّ أماكن وجود هؤلاء اللاجئين قبل قدومهم إلى غزة (ليبيا، اليمن، والعراق) لم تكن إحدى مناطق عمل الوكالة الدولية، وبالتالي فإن هؤلاء اللاجئين لم يكونوا مسجلين قبل ذلك لدى (الأونروا)، وربما هذا سبب صعوبة قضيتهم.

ويوجد في قطاع غزة نحو 465 عائلة قدموا من عدة دول عربية (سورية، ليبيا، اليمن، والعراق) عقب الأحداث التي اندلعت فيها، ويتراوح عدد أفراد هذه العوائل بين 3000 و3500 لاجئ، من بين هذه العوائل 215 عائلة من سورية.

ودعتْ هيئة التنسيق المشتركة للاجئين من الدول العربية إلى غزة، في وقتٍ سابق، دعت دائرةَ شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية إلى تحمّل مسؤوليتها الإنسانيّة والأخلاقيّة والمهنيّة تجاههم، وتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في الخامس من نيسان/ أبريل 2016 والمتعلّق بحل مشكلة السكن والعمل.

وأكّدت “الهيئة” أنّ أحوال اللاجئين من الدول العربية إلى غزة، تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، منذ ما يزيد عن خمس سنوات، إذ يعانون من التهميش واللامبالاة من قبل الحكومة الفلسطينية في غزة، وحكومة السلطة الفلسطينية في رام الله، ومنظمة التحرير الفلسطينية والوكالة الدولية (الأونروا).




المصدر