في حلب.. العيد حكرٌ على الأحياء الغربية والشرقية تبحث عن قبور أبنائها
26 يونيو، 2017
زياد عدوان: المصدر
مضى اليوم الأول من عيد الفطر المبارك ومدينة حلب ترزح تحت سيطرة ميليشيات النظام، ولم تشهد الأحياء الشرقية والجنوبية مظاهر احتفالٍ بالعيد سوى أداء الصلاة صباح اليوم الأول.
واقتصر الاحتفال بعيد الفطر في حلب على الأطفال وعائلات العسكريين في صفوف قوات النظام، ولم يشهد اليوم الأول زيارة قبور الشهداء من مقاتلي كتائب الثوار الذين تم دفنهم في حدائق الأحياء الشرقية والجنوبية لمدينة حلب، حيث تعمد عمال البلدية ومن خلال الأوامر التي فرضت عليهم بطمس معظم القبور التي تعود لمقاتلي كتائب الثوار خصيصا، بعد رمي أنقاض البيوت المهدمة فوق تلك القبور.
العديد من المدنيين الذين فضلوا البقاء في مدينة حلب وعدم الخروج منها، أمضوا يومهم الأول من عيد الفطر المبارك دون الخروج من منازلهم، وذلك للعديد من الأسباب، وأهمها انعدام مظاهر الاحتفال بعيد الفطر وعدم التحضير للعيد بسبب تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، كما أن العديد من السكان اعتبروا أن عيدهم والاحتفال بالعيد هو يوم الإعلان عن سقوط وانهيار النظام.
وقال “أم سمير”، والتي فقدت أولادها الثلاثة جراء غارةٍ جويةٍ استهدفت منزلها في حي الشعار في شهر تموز من العام الماضي، “لم أستطع مغادرة مدينة حلب بالرغم من دخول ميليشيات النظام والسيطرة عليها، وذلك بسبب عدم وجود أقارب لي خارج المدينة، وبعد مقتل أولادي الثلاثة، سمير، محمد، وآية، جراء القصف الجوي الذي استهدف حي الشعار في 17 تموز من العام الماضي، وبعد دفنهم أصبحت لا أطيق مغادرة المدينة وبقيت في نفس الحي الذي تعرض للقصف مرات عديدة”.
وأضافت “أم سمير” في حديث لـ (المصدر): “في صبيحة اليوم الأول من العيد حاولت البحث عن قبورهم، ولكن لم أستطع إيجادها، وذلك نتيجة انهيار معظم الشواهد الموضوعة على القبور بفعل فاعل، ولكن بالرغم من ذلك فإنني لازلت متمسكة بالبقاء في مدينة حلب”.
لم تنصب مراجيح العيد مثل كل عام خلال فترة سيطرة كتائب الثوار على القسم الشرقي وأجزاء واسعة من القسم الجنوبي لأحياء حلب، واقتصرت مظاهر الاحتفال بالعيد فقط على موالي النظام، وممن رجعوا إلى بيوتهم وكانوا سابقاً يقطنون في مناطق سيطرة النظام أثناء تعرض أحيائهم للقصف الجوي والمدفعي والصاروخي، حيث التزمت العديد من العائلات بيوتها خلال اليوم الأول، معلنة حظراً تلقائياً للتجوال.
وبالرغم من أن عشرات العائلات في أحياء حلب الشرقية تمتلك القدرة على شراء الملابس الجديدة وشراء ضيافة العيد، إلا أنها قررت عدم الاحتفال بالعيد، حيث اعتبرت مشاركتها في أجواء العيد هي خيانة لدماء الشهداء من كتائب الثوار الذين ارتقوا خلال تصديهم لهجمات ميليشيات النظام والميليشيات الموالية لها لاحتلال المدينة.
“فراس نعسان” أكد لـ (المصدر) أن “النظام يحاول من خلال تصوير حركة المدنيين في أحياء حلب الشرقية خلال فترة العيد أن يرى العالم أن المدنيين يعيشون حياتهم بشكل طبيعي جداً وخاصة بعد خروج مقاتلي كتائب الثوار وسيطرته على تلك الأحياء، ولذلك فإن النظام يستغل الحركة الكثيفة للمدنيين واحتفالهم بعيد الفطر من خلال تسويقها على أن يظهر أنه حرر تلك الأحياء من الإرهاب، لذلك كان علينا أن نبقى في بيوتنا وخاصة خلال فترة العيد”.
وفي المقابل شهدت الأحياء الغربية لمدينة حلب حركة كثيفة للمدنيين خلال وقفة عيد الفطر، كما زار العشرات من المدنيين المقابر المدفون فيها أبناؤهم الذين قتلوا خلال المعارك في صفوف قوات النظام، فيما كثفت الأفرع الأمنية التابعة للنظام من دورياتها تحسباً لوقوع أي طارئ في الأحياء الغربية للمدينة، بعكس إهمال الجانب الأمني للأحياء الشرقية.
وشهدت بعض الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها ميليشيات الإدارة الذاتية إلى جانب حي الشيخ مقصود انتشاراً أمنياً مكثفاً تخوفاً من حدوث أي طارئ، ولم يكن حال المدنيين في تلك الأحياء أفضل من الأجزاء التي تسيطر عليها ميليشيات النظام، فمظاهر العيد اقتصرت على ميسوري الحال فقط، أما المدنيين الذين فقدوا أحد أقاربهم جراء القصف أو بسبب الاعتقالات التي شنها عناصر المخابرات التابعة للنظام، والميليشيات الكردية سابقاً أمضوا يومهم الأول من عيد الفطر وهم يستذكرون أبناءهم أو آباءهم الذين فقدوا خلال فترة الاعتقالات.
وقال “رشاد حسين”، أحد سكان حي الشيخ فارس، لـ (المصدر): “مضى على فقدان والدايّ أكثر من سبعة أشهر ونصف بعد عملية التهجير التي طالت الأحياء التي تسيطر عليها ميليشيات الإدارة الذاتية، ولا نعلم إن كان على قيد الحياة أم تمت تصفيته أو قتل تحت التعذيب، وسبب اعتقاله أنه كان يعمل صواج سيارات، وكان يصلح السيارات التابعة لمقاتلي كتائب الثوار أثناء سيطرتهم على تلك الأحياء، كيف لي أن احتفل بالعيد وأبي مفقود ولا نعلم عن مصيره شيء؟!”.
خلال سنوات سيطرة كتائب الثوار على مدينة حلب كان الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى المبارك لا يقتصر فقط على المدنيين ميسوري الحال، وذلك نتيجة قيام الجمعيات الخيرية بتوزيع المساعدات الإنسانية خلال شهر رمضان عدة مرات وقبل العيد بيومين من أجل إدخال البهجة على العائلات الفقيرة في تلك الأحياء، الأمر الذي تجاهله النظام كلياً ليمر عيد الفطر على العديد من العائلات مرور الكرام.
[/sociallocker]