أجواء استثنائية تشهدها مدينة جرابلس في أيام العيد


جيرون

تشهد مدينة جرابلس الواقعة شمال شرق محافظة حلب أجواءً استثنائية، في أول عيد فِطرٍ لها، بعد تحرير المدينة من تنظيم (داعش)، حيث يرى كثيرٌ من المواطنين أنّ هذه المناسبة أشبه بولادة جديدة للمدينة التي عانت، طوال عامين ونصف، من ظلم التنظيموقهره،بعد أن حوّل المدينةَ إلى معتقل كبير، ودفع نسبة كبيرة من أهلها وأبنائها إلى مغادرتها، بعدما كانت، طوال فترة الثورة السورية، ملجأً للفارين من بطش النظام السوري، من مختلف المناطق السورية؛ بحكم موقعها الجغرافي المحاذي للحدود السورية التركية.

وتحدث ناشطون عن ازدحام شديد تشهده المدينة خلال أيام عيد الفطر، وعن نشاط اجتماعي واقتصادي، لم تشهده المدينة في السابق حتى قبل انطلاق الثورة السورية، ويعزو الناشطون هذا النشاط الاستثنائي إلى عودة قسم كبير من أبناء المدينة، لقضاء عطلة العيد، بعد سماح الحكومة التركية لهم بقضاء عطلة العيد في سورية، والعودة بعد ذلك إلى تركيا، إضافة إلى النازحين الذين قدموا إلى المدينة وأقاموا فيها، وفاقت أعدادهم سكان المدينة وريفها.

عبّر كثيرٌ، من العائدين إلى مدينة جرابلس، عن فرحتهم بلقاء عوائلهم وأقاربهم، بعد غياب دام نحو ثلاثة أعوام، وشكّل ازدحامُ المدينة والازدهار الاقتصادي الملحوظ مفاجئةً سعيدة لمعظم العائدين، وقال حسام أبو حسان -وهو أحدُ أبناء المدينة العائدين في عطلة العيد- لـ (جيرون):”شكّل التطور الذي تشهده المدينة، على كافة المستويات، مفاجئةً سارة، وكلّ ما كان يُشاع عن حال عدم الاستقرار وفوضى أمنية أمرٌ مبالغٌ فيه إلى درجة كبيرة، إذ إن مظاهر التعافي الأمني الذي تشهده المدينةتبدو واضحة؛ وهو ما ينعكس بصورة جلية على كل مظاهر الحياة في المدينة الاقتصادية منها والاجتماعية، لكن ما تزال هناك بعض الأمور السلبية التي تحتاجإلى بعضالوقت لمعالجتها، مثل مشكلة الكهرباء، إضافة إلى تأمين خدمات أفضل للاجئين”.

وأضاف أبو حسان واصفًا شعوره بالعودة إلى المدينة، بعد خمسة أعياد أُجبِر على قضائها بعيدًا عن أهله:”إنه شعورٌ لا يمكن وصفه”، وتمنىأن يأتي اليومُ الذي يعود فيه كلّ المهجّرين إلى ديارهم وأهليهم، بعد سنوات المحنة التي يمر بها الشعب السوري.

من جانب آخر، قال أحد عناصر جهاز الشرطة العاملين في مدينة جرابلس، لـ (جيرون):إن الشرطة ضباطًاوعناصر استكملوا كافة الاستعدادات من أجل تأمين المدينة وريفها؛ لتجنّب حدوث أي خرق أمني من قبل التنظيمات الإرهابية، كتنظيم (داعش) وميليشيات (قوات سورية الديمقراطية)، وقد وُزّع عناصر حراسة على كل المخيمات، إضافة إلى قوات التدخل السريع، لمنع حدوث أي خلل أمني، وبخاصة في أثناء أيام العيد.

وأضاف أن الشرطة نبهت المواطنين إلى عدم إطلاق الأعيرة النارية، وإلى أن عقوبة من يطلق النار هي السجن مدة 48 ساعة؛ وجاء ذلك لكيلاتتعرض سلامة المواطنين للخطر، وخصوصًا في ظل الازدحام الكبير الذي تشهده المدينة.

من جهة أخرى، أفاد محمد شيخ أحمد، نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة جرابلس، أن تعداد منطقة جرابلس تضاعف عدة مرات، في الفترة التي تلت تحريرها من تنظيم (داعش)، حيث يُقدّر عدد المقيمين في مدينة جرابلس وريفها بـ 200 ألف نسمة في أدنى تقدير، بينما لم يكن يتجاوز عدد سكان جرابلس وريفها، قبلَ الثورة السورية 70 ألف نسمة، فمدينة جرابلس التي كان عدد سكانها 25 ألف نسمة قبل الثورة، يقطنها الآن نحو 90-100 ألف نسمة، جلّهم من نازحي حمص والرقة ودير الزور ومنبج، يُضاف إليهمنازحو ناحية الشيوخ تحتاني والناصريةالذين يُعدّون من أهل المنطقة، بعدما هُجّروا من ديارهم في الضفة الشرقية لنهر الفرات،إلى الضفة الغربية (جرابلس وريفها)، على يد ميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية.

وأضاف شيخ أحمد أن “المجلس المحلي يبذل قصارى جهده بالتعاون مع الحكومة التركية؛ لتأمين المستلزمات الأساسية للمواطنين، ولا سيّما المواد الغذائية والاستهلاكية التي تتوفر بشكل كبير في الأسواق،ويسعى المجلس المحلي، بالتعاون مع المنظمات الإغاثية التركية والمحلية، لتأمين المساعدات العاجلة للنازحين”،وأكد على أهمية الدور الذي تؤديه الشرطة المحلية في ضبط الأمن والاستقرار، وبخاصةفي فترة العيد.

يُذكر أن هذا العيد هو عيد الفطر الأول لمدينة جرابلس، بعد تحريرها من تنظيم (داعش)، وهي تعدّ من أولى المناطق المحررة،بعملية “درع الفرات” التي أطلقتها فصائل المعارضة السورية، بدعم من القوات التركية لطرد تنظيم (داعش) من المنطقة الممتدة بين مدينتَي جرابلس وإعزاز على الحدود السورية التركية.




المصدر