وجهة نظر الغارديان حول سقوط الرقة: المرحلة الأكثر دموية


أحمد عيشة

يتشدد الخناق حول تنظيم “الدولة الإسلامية”، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط اضطرابات. ويمكن أن تؤدي الحسابات الخاطئة، أو الحوادث العرضية إلى إثارة صراع أوسع نطاقًا، لا يمكن لأحد أن يتحكم في تأثيره المتصاعد.

مسجد مدمر في الرقة، سورية. تدخل سورية في مرحلة مشؤومة من الحرب متعددة الأوجه، والمتطورة، تجاوزت الست سنوات تقريبًا. تصوير: يوسف ربيع يوسف/ وكالة حماية البيئة

يشكّل الهجوم على الرقة، عاصمة “الدولة الإسلامية”، على ضفاف نهر الفرات في سورية، بدايةَ مرحلةٍ جديدة، وخطيرة في واحدةٍ من أخطر مناطق القتال في العالم. إنَّ الاستيلاء على عاصمة الخلافة التي أعلنت عنها (داعش)، سيكون في جزء منه رمزيًّا (نهاية منبع الإرهاب) وفي جزئه الآخر ماديًّا: ستوفر الرقة كنزًا من المعلومات عن أعمال (داعش). ما هو واضحٌ أنّه عندما يتم طرد (داعش)، فهناك سباقٌ للسيطرة على الأراضي التي ستُخلى. إنّ التصادم بين القوات يعني أنّ المسؤولية تتطلب أن تضمن بألا تتصرف القوات برعونةٍ، يمكن أن تشوش على حكمٍ جيد.

سورية هي ساحة قتالٍ بين نظامٍ، ومعارضةٍ مسلحة، وقوى إقليمية، وروسيا، والغرب. وهي تدخل مرحلةً مشؤومة في الحرب متعددة الأوجه، والمتطورة، تجاوزت الست سنوات تقريبًا، ودمرت البلد بأكمله. من بين المعارك الكثيرة بين الوكلاء أو العملاء، ربما يكون الأمر الأكثر إثارةً للقلق هو الاشتباكات بين القوات التي تدعمها الولايات المتحدة، وشركاؤها في التحالف، والمجموعات المدعومة من إيران التي تدعم نظام الأسد مع روسيا كحليفٍ قوي. وهناك دلائلٌ بأنَّ الأشهر الخمسة، من رئاسة دونالد ترامب، تشير إلى أنَّ خطر المواجهة العلنية بين الولايات المتحدة، واللاعبين الآخرين يزداد يومًا بعد يوم.

في يوم الإثنين 19 حزيران/ يونيو، ردًا على إسقاط الولايات المتحدة لطائرة مقاتلة تابعة للحكومة السورية، أعلنت روسيا، للمرة الأولى، أنّها ستتعامل مع أيّ طائرةٍ للتحالف أو طائرة من دون طيار، تحلق غرب نهر الفرات، باعتبارها “هدفًا”. وقال مسؤولون في البنتاغون: إنهم تصرفوا وفق قواعد “الدفاع عن النفس”، بعد أنْ هاجمت قوات الأسد المقاتلين السوريين، والأكراد المتوجهين، إلى الرقة، الذين تدعمهم الولايات المتحدة. وسواء أكانت كذبة أم لا، فإنَّ التحذير الروسي شهد تصعيدًا في المواجهة المتوترة أصلًا. وذكرت الأنباء أنَّ طائرة مقاتلة روسية اقتربت إلى مسافة خمسة أقدام من طائرةٍ حربية أميركية فوق بحر البلطيق. والتطور الآخر، المثير للقلق، وغير المسبوق، هو إطلاق إيران سبعة صواريخ (كروز) على دير الزور في شرقي سورية، حيث تسيطر (داعش)، يوم الأحد 18 حزيران/ يونيو، ردًا على الهجمات التي وقعت على البرلمان الإيراني، وضريح “آية الله الخميني”. ويتعيّن وضع ذلك، بجانب حقيقة أن القوات الأميركية قامت مرتين، خلال 12 يومًا، بإسقاط الطائرات الإيرانية المسلحة من دون طيار. وقد اشتدت المنافسة بين الجهات الفاعلة الرئيسة: كيف سيكون حال سورية بعد (داعش)؟ من سيسيطر عليها؟ إن الديناميات الشغالة هي طريقة عمل لعنفٍ أكثر، وليس أقل.

يأمل نظام الأسد بأن يستفيد من مؤيديه الإيرانيين، والروس لاستعادة الأراضي التي ثارت ضده في عام 2011، الأرض التي لاقى سكانها مستوياتٍ لا توصف من العنف. يجب أن تُحمَّل موسكو، وطهران المسؤولية عن دورهما في الكارثة الإنسانية للصراع السوري، حيث قُتل ما يقدر بنحو 400 ألف شخص منذ عام 2011. ولا ينبغي التغاضي عن الغياب الواضح لاستراتيجيةٍ أميركية متماسكة لمستقبل سورية بعد (داعش). الرئيس ترامب يقدّم القليل من الرؤية، ويفضل السماح لجنرالاته بتوجيه الأجندة.

فشلت الضربات الجوية الأميركية التي تسببت بوقوع إصاباتٍ خطرة بين المدنيين، في تبديد هذه الـلامبالاة. وعلى الرغم من عدم وجود خطةٍ واضحة لسورية، فقد تبنت إدارة ترامب نهجًا أكثر عدوانيةً تجاه إيران، وأفادت التقارير أنها تسعى إلى كسر تحالف موسكو العسكري والدبلوماسي مع طهران لإنهاء حرب الأسد.

يجب أنْ يُنظر إلى الوضع السوري المعقد في ضوء عمليات إعادة الاصطفافات الإقليمية. وفي وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، كان رئيس الوزراء العراقي -وهو حليفٌ رئيس لإيران- في الرياض في محاولة لتعزيز المصالحة.

تخطط السعودية و”إسرائيل” لمفاوضات تجارية، كما أنَّ محاولات الدول الخليجية السنيّة لعزل قطر، التي تدعم حركة الربيع العربي، وتركيا التي تقول إنها ستنقل القوات إلى الإمبراطورية الغنية لإجراء مناوراتٍ عسكرية، حيث تزيد هذه الاضطرابات من احتمالات أنْ تؤدي الحسابات الخاطئة، أو الحوادث العرضية إلى إثارة صراعٍ أوسع؛ مما لا يمكن لأحدٍ أنْ يتحكم في تأثيره المتصاعد. هذه أوقات محفوفةٌ بالمخاطر. وهناك حاجةٌ ماسة إلى التفكير الذكي، وإلى الاتزان والتعقل من جميع الجهات في سورية.

اسم المقالة الأصليThe Guardian view on the fall of Raqqa: the deadliest phase
الكاتبالافتتاحية، Editorial
مكان النشر وتاريخهالغارديان، The guardian، 20/6
رابط المقالةhttps://www.theguardian.com/commentisfree/2017/jun/20/the-guardian-view-on-the-fall-of-raqqa-the-deadliest-phase
ترجمةأحمد عيشة



المصدر