ما علاقة “قسد” بتفجيرات إدلب؟


شهدت محافظة إدلب سلسلة انفجارات عنيفة وعمليات تفكيك لعبوات ناسفة، بعضها عشيّة عيد الفطر وأخرى مع يومه الأول، ما أسفر عن وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى، وسط تساؤلات عن الجهة التي تقف خلف هذه التفجيرات، حيث لم تعهد المحافظة تفجيراتٍ بهذا الشكل المكثف إطلاقاً ولا سيما بالنسبة للتوقيت.

ماذا حدث؟

في ليلة السبت – الأحد، قُتل أكثر من 10 مدنيين وأصيب 30 آخرون، جراء تفجير سيارة مفخخة في بلدة الدانا التابعة لمحافظة إدلب، وبحسب مصادر في الدفاع المدني فإن سيارة مفخخة انفجرت بالقرب من مطعم بيت كرم في الدانا، ما أسفر عن وقوع إصابات خطرة جداً إلى جانب القتلى، حيث أعقب التفجير نشوب حرائق واسعة ما تسبّب بخسائر كبيرة في ممتلكات المدنيين.

وتعرّضت بلدة الدانا قبل هذا الحادث بيومٍ واحدٍ فقط، إلى تفجيرين، الأول استهدف البلدة منتصف ليل الجمعة، وتسبّب بمقتل مدنيين اثنين، وسقوط 10 إصابات، في حين انفجرت عبوة ناسفة أخرى على حاجزٍ تابع لـ “هيئة تحرير الشام” من جهة بلدة سرمدا، حيث لم ترد أي تفاصيل عن حجم الخسائر البشرية وسط تكتّم من الهيئة.

وفي بلدة كفرومة التابعة لمعرة النعمان، فكك الدفاع المدني يوم السبت عبوة ناسفة فيها، وعلى إثرها شددت الشرطة المدنية دوريات الحراسة.

ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحد، حيث كان أهالي المدينة على موعدٍ مع تفجيراتٍ ممثالة في أول أيام عيد الفطر، ما زاد مأساة المدنيين.

وقالت مصادر محلية من داخل إدلب لـ “صدى الشام”: “إن عبوة ناسفة انفجرت في حي الضبّيط بمدينة إدلب يوم الأحد، أول أيام العيد، ما أوقع إصابات في صفوف المدنيين وأدّى لدمارٍ واسع في المرافق العامة والبُنى التحتية، موضحةً أن الانفجار جاء تزامناً مع فجر العيد حيث يتجمّع الأهالي في المساجد وشوارع المدينة تمهيداً للخروج إلى المقابر”.

وأضافت المصادر أن دراجة نارية مفخّخة انفجرت أمام المخفر القديم في بلدة أرمناز، ولم تؤدّي إلى أية إصابات بسبب عدم وجود مدنيين في موقع التفجير.

ومن جهةٍ أخرى فكّكت فرق الدفاع المدني الأحد، سيارة مفخّخة أمام أحد مساجد مدينة إدلب كانت معدّة للتفجير، حيث تُشير مصادر لـ “صدى الشام” إلى أن السيارة لو انفجرت لكانت حصدت أرواح العشرات من المصلين في المسجد، حيث تشهد معظم مساجد سوريا عموماً اكتظاظاً غير مسبوق خلال صلاة العيد.

بالإضافة لوقوع عدة حوادث تفجير في كل من مدينة إدلب وبلدتي الدانا وأرمناز، تم تفكيك سيارة مفخّخة أمام أحد مساجد مدينة إدلب، كان من الممكن أن تحصد أرواح العشرات من المصلين نتيجة الاكتظاظ خلال صلاة العيد.

هجمات مختلفة

على مدى الأشهر الماضية، شهدت محافظة إدلب العديد من التفجيرات وبلغت ذروتها في شهري آذار ونيسان الماضيين، غير أن تلك التفجيرات كانت في جميع الحالات تأخذ طابع الاغتيالات وعمليات التصفية الشخصية.

ويستدل الناشط الإعلامي المقيم في مدينة إدلب أحمد إبراهيم، بأن معظم ضحايا تفجيرات العبوات الناسفة تلك كانوا من العسكريين في فصائل المعارضة.

ويقول إبراهيم لـ “صدى الشام”: “إن مدينة إدلب شهدت أيضاً حوادث هجوم على مقرات عسكرية ومخافر شرطة، وحتى السيارة المفخّخة التي انفجرت قبل فترة كانت تستهدف الشيخ المحيسني”، لافتاً إلى أن التفجيرات في تجمعات مدنية لم يسبق أن حصلت من قبل.

ويضيف أنه لا يوجد أي عداء بين الفصائل داخل محافظة إدلب من شأنه أن يدفعها إلى القيام بهذا التصعيد، وهذا ما يؤكّد وجود أيادٍ خارجية قامت بهذه التفجيرات.

هذه التفجيرات بالمفخخات والعبوات الناسفة لم يسبق أن استهدفت تجمعات مدنية في إدلب، وكانت تأخذ عادةً طابع الاغتيالات وعمليات التصفية التي يقع ضحيتها عسكريون في فصائل المعارضة.

 

معلومات مؤكّدة

 

يخوض تنظيم الدولة “داعش” معارك مصيرية في مدينة الرقّة، وهو ما يجعل من المستبعد أن يكون قادراً على التصعيد خارج المدينة بعمليات من هذا النوع، فمن هي الجهة التي يمكن أن تقف خلف تفجيرات إدلب “المخطّطة” بشكلٍ محكم كما يبدو؟

مصدر عسكري مطلع على سير الأحداث التي شهدتها مدينة إدلب قال لـ “صدى الشام”: “إن هناك معلومات مؤكّدة تُشير إلى أن “قسد” حاصرت 200 مقاتل من تنظيم “جند الأقصى” في محافظة الرقة، وقامت لاحقاً بإبرام اتفاق معهم بشكل سري لإرسالهم إلى محافظة إدلب”.

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن المقاتلين البالغ عددهم 200 شخصٍ وحاصرتهم “قوات سوريا الديمقراطية” كانوا خليطاً من مقاتلي تنظيم الدولة وجند الأقصى، ولكن عناصر الجند كانوا من الأغلبية.

وأوضح أن شرط العفو عن هؤلاء كان إرسالهم إلى محافظة إدلب، مبيّناً أن “قسد” قامت بالتخالص منهم من جهة، ومن جهةٍ أخرى فإنها أرسلت كياناً يزعزع الأمن في محافظة إدلب.

وأقر المصدر بصعوبة نقلهم من الرقّة إلى إدلب بسبب عدم وجود اتصال مباشر بين مناطق كلا الطرفين، ولكنه أكّد أن “قسد” سهّلت هذه العملية بشكل متعمّد لعلمها بأن خللاً أمنياً سيحصل في حال توجّههم إلى هناك.

وتابع: “لقد قام فيلق الشام بإلقاء القبض على أحد عناصر جند الأقصى في إدلب ممكن كانوا يحاولون زرع متفجّرات وهو ما يؤكّد الافتراض”، داعياً أمن الثورة والقوى الأمنية الخاصة بالفصائل لتشديد الرقابة والحراسة والاستطلاع مستقبلاً بسبب احتمال حدوث مزيد من التفجيرات ولا سيما مع استمرار وجود هؤلاء العناصر طُلقاء.

وكان عناصر تنظيم “جند الأقصى” قد خرجوا من إدلب إلى الرقّة بموجب اتفاق مع فصائل المعارضة، بعد اقتتال عنيف بين الطرفين.



صدى الشام