سيطرة النظام على حلب تَنشُر الخطف والفوضى بدلَ “الأمن والأمان”
29 يونيو، 2017
لطالما تذرع نظام الأسد وموالوه بالحاجة لاستعادة “الأمن” كي يقوم بعملياته العسكرية لإخضاع المناطق الثائرة. لكن التجربة تشير إلى أن إحكام السيطرة لا ينتج أمناً في مناطق يحكمها نظام ميليشيوي.
وعلى الرغم من سعي النظام إلى احتواء ممارسات “الشبيحة” التابعين له في حلب وامتصاص آثار ممارساتهم، إلّا أن التجاوزات راحت مع الوقت تخرج من يده في ظل توالي حوادث الخطف والسطو والاحتيال والسرقة والاغتصاب والقتل وإطلاق النار العشوائي على المدنيين.
قصة نجاة
كانت الشابة “ولاء”من ضحايا تلك الظواهر التي شهدتها مدينة حلب، والتي نجت عن طريق الصدفة من محاولة خطف قام بها مسلّحون موالون للنظام قبل نحو 20 يومً.
ولدى حديثنا مع إحدى قريبات “ولاء” روت لنا تفاصيل الحادثة “وقعت محاولة الخطف مساءاً قبل إسبوعين قرب منطقة العمالية في نهاية حي مساكن هنانو”.
وأضافت أن الفتاة تعرّضت لمحاولة خطف مباشرة من منطقة مكتظّة بالسكّان وسط سوقٍ شعبي، دون أن يتمكّن أحد من الموجودين من تخليصها، حيث توقّفت سيارة دفع رباعي في وسط السوق، ونزل منها عنصران وبقي معهم عنصران اثنان لم يغادروا السيارة، وفقاً لرواية قريبة ولاء.
وأوضحت أن عنصراً منهم سحب الفتاة من يدها وحاول شدّها متّجهاً بها نحو السيارة، فيما دخل الآخر إلى أحد المحلّات داخل السوق.
رضخت الفتاة لما فعله الخاطف وسط الشارع واتجهت معه نحو السيارة، حينها تقدّم أحد الموجودين في السوق نحو هذا العنصر وحاول الحديث معه بتروٍّ وإقناعه بترك الفتاة وشأنها ولا سيما أن عائلتها نازحة. وخلال الحديث فيما بينهما أفلتت الفتاة من يد العنصر ودخلت في زقاقٍ فرعي ولاذت بالفرار دون أن يتمكن الخاطفون من إمساكها. وإثر ذلك عاد العناصر عادوا إلى السوق وقاموا بـ “عمليات انتقامية من السكان هناك”.
بعدها ذهب والد الفتاة وثلاثة من أعمامها الى أقرب مخفر شرطة، وتقدّموا هناك بشكوى مع عدّة شهودٍ على الحادثة من السوق، وتم فتح محضر وإعطاء الشرطة مواصفات عناصر الميليشيا ورقم سيارتهم ونوعها وجميع المعلومات دون جدوى، فأحد عناصر الشرطة داخل المخفر أخبر والد الفتاة أنهم لا يستطيعون فعل شيءٍ معهم، وأن الشبيحة إذا عرفوا بالشكوى سيبحثون عنه للانتقام منه.
وسط سوقٍ شعبي مكتظّ بالناس في مدينة حلب تعرّضت فتاة لمحاولة خطف من قبل مسلّحين موالين للنظام، دون أن يتمكّن أحد في السوق من تخليصها، لكنها تمكنت من الفرار.
حوادث أكثر مأساوية
صحيح أن “ولاء” نجت من هذه الحادثة، لكن كثيراتٍ غير ولاء لم يحالفهنَّ الحظ بالنجاة، فبعد أيام من حادثة اختطاف ولاء، تعرّضت الشابة الحلبية “شهد عابدين”، 16 عاماً، للاختطاف وهي في طريق عودتها إلى المنزل في حي الشيخ خضر، برفقة إحدى قريباتها، وما يزال مصيرها مجهولاً حتى الآن.
وبعد أيام، ذكرت وسائل إعلام موالية للنظام أن الفتاة السورية سناء ذكرت (17 عاماً) قد خُطفت من السوق الشعبية في حي سيف الدولة بمدينة حلب، واقتادها الخاطفون الذين يتبعون لإحدى الميليشيات الموالية للأسد، إلى بناء سكني تسيطر عليه المليشيا، وتناوب 9 من العناصر على اغتصاب الفتاة.
بعد هذه الحادثة حاول شبيحة تابعون للنظام اقتحام سكن الفتيات في مدينة حلب الجامعية، ورغم تقديم شكوى إلى الإدارة لم يتم محاسبة الأشخاص الذين قاموا بعملية اقتحام، وسط خشية الفتيات من عمليات اختطاف جديدة.
تعددت حوادث الاعتداء على فتيات في مدينة حلب، فمنهن من تعرضت للخطف ولا يزال مصيرها مجهولاً، ومنهن من تم اغتصابها من قبل عناصر إحدى الميليشيات الموالية للأسد.
تعدّد القوى المسيطرة
لم يعد خافياً أن انتشار هذه الحالات من الخطف والتفلت الأمني بعد أشهر من سيطرة النظام على مدينة حلب، يعود إلى “الأدوات” التي كرّسها الأسد ضد المعارضة في المدينة والتي انقلبت عليه، وباتت هي المسبّب الرئيسي لزعزعة أمن المدينة.
ويعدّ لواء “الباقر” إحدى القوى الرئيسية التي تقوم بهذا الدور في حلب، ويتألف اللواء بصورة أساسية من مقاتلين من عشيرة “البقّارة” الكبير في حلب، ويتلقّى دعماً من إيران، وتخشى عناصر المخابرات والأمن من الاحتكاك مع هذه الميليشيا.
يقول الناشط أحمد الحلبي “اسم مستعار” كونه مقيم في مدينة حلب: “إن ميليشيا الباقر قامت قبل أيام باعتقال مدنيين على اوتوستراد الحمدانية بسبب عدم إفساح الطريق لهم خلال قيادتهم السيارة”.
وأضاف الحلبي لـ صدى الشام، أنه حتى عناصر الأمن العسكري والمخابرات الجوية تحاول تحاشي هذه الميليشيا والابتعاد عن طريقها قدر الإمكان كي لا يدخلوا مع مقاتليها باشتباكٍ مسلّح، مؤكّداً ان اللواء مسؤول عن أكثر من نصف الحوادث التي حصلت في مدينة حلب.
ولفت الحلبي إلى وجود ميليشيات أخرى، يعمل كل منها في المناطق التي يسيطر عليها ويقوم بعمليات “تشبيح” وقتل واختطاف كلٌ داخل هذه منطقته أو “قطاعه”.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]