هل ستكون الميليشيات في سوريا والعراق المدعومة من إيران هدفاً قادماً لأميركا بعد هزيمة تنظيم الدولة؟

29 يونيو، 2017

ترى الولايات المتّحدة الأمريكية وحلفاؤها الإقليميون أنّ مرحلة ما بعد تنظيم “الدولة الإسلامية” تتطلّب العمل على محاصرة ميليشيات مسلحة في العراق مقربة من إيران، بعد أن تضخّمت عدداً واكتسبت خبرة قتاليّة خلال حربها ضدّ التنظيم، ما يجعلها تهدّد المصالح الأمريكيّة في المنطقة، وتشكّل خطراً على دول الخليج المتحالفة مع واشنطن.

هذا التوجه بدا واضحا في تصريح مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ستيوارت جونز، قال فيه إنّ “الولايات المتّحدة بصدد اتّخاذ سياسة شاملة تتصدّى للمجموعات المسلّحة التابعة لإيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن”، وفق ما نقلت عنه صحف غربية مؤخراً.

وتزامن ذلك مع ما أفادت به صحف خليجية بأنّ الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، وعد ضيفه وليّ عهد أبو ظبي، الشيخ محمّد بن زايد، الذي زار واشنطن بين 15 و17 مايو/ أيار الماضي، بأنّ “واشنطن تعمل على إقرار عقوبات على حلفاء طهران المتورّطين في الإرهاب، وبينهم مسؤولون في الحكومتين العراقيّة واللبنانيّة”.

وتتهم دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، إيران بتهديد أمن المنطقة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين، وهو ما تنفيه طهران.

توجس أمريكي- خليجي

ولا يعتبر القيادي في تحالف القوى في العراق (سني)، محمد الكربولي، “ورود اسم العراق في سياق هذه التصريحات مصادفة، بل دلالة واضحة على توجس أمريكيّ وخليجيّ من النفوذ الإيرانيّ الواسع في البلد، عبر زعماء سياسيّين وقادة ميلشيات، ففي العراق توجد أحزاب وفصائل مسلحة معروفة بعلاقتها الوطيدة مع طهران، وتتلقّى منها الدعمين الماليّ والسياسيّ”.

وتابع الكربولي، في تصريحات لوكالة الأناضول أن “الولايات المتّحدة تحاول بين آن وآخر قطع التواصل بين الميليشيات الشيعيّة التابعة لإيران، وتحديد حركتها في بقع صغيرة، والغارة الأمريكية على قافلة للقوّات السوريّة، يوم 18 مايو/ أيار الماضي، هي رسالة تعبر عن إصرار واشنطن على منع أيّ تواصل بين بغداد ودمشق”.

ورأى أن “علاقة فصائل الحشد الشعبيّ (قوات شيعية عراقية موالية للحكومة) بإيران علاقة تبعيّة”، وأن “دور طهران يتجاوز مساعدة العراق في حربه على داعش، وذلك واضح في التدخل في جميع القضايا السياسية والأمنية”.

وفي 18 مايو/ أيار الماضي، أعلنت واشنطن أنها قصف قوات لنظام بشار الأسد وفصائل مسلحة موالية لإيران، كانت في طريقها إلى الحدود مع العراق جنوب شرقي سوريا، على مقربة من قاعدة التنف، حيث تتمركز قوات أمريكية خاصة تتولى تدريب مقاتلين من المعارضة السورية لقتال “تنظيم الدولة”.

وسيطرت مؤخرا فصائل شيعية مع الجيش العراقي على حدود البلدين، وهو ما يخدم خطط إيران في فتح ممر إمداد بري من أراضيها عبر العراق وصولاً إلى سوريا ولبنان، وهو ما يعرف بـ”الهلال الشيعي”.

وللمرة الأولى منذ أكثر من 6 سنوات التقت قوات النظام المدعومة عسكرياً من إيران، مع قوات “الحشد الشعبي” العراقي على حدود البلدين، يوم 18 يونيو/ حزيران 2017، على بعد قرابة خمسين كيلومترا شمال معبر “التنف” الحدودي السوري.

قائمة أمريكية

وكشف مصدر في رئاسة مجلس الوزراء العراقي أن غاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، وخلال زيارته العراق في 3 أبريل/ نيسان الماضي، مع رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد ، سلم رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، “قائمة تضم عشرات الأسماء لقادة في الحشد الشعبي ووزارتي الداخلية والدفاع (العراقيتين) لهم صلة وثيقة بإيران، ويتلقون الأوامر من رئيس الوزراء (العراقي) السابق، نوري المالكي (2006 – 2014).

المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، أوضح، في تصريحات للأناضول، أن “من الأسماء، التي طلبت واشنطن تنحيتها من مناصبها، نائب رئيس هيئة الحشد، أبو مهدي المهندس، وقائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، ومسؤولون آخرون بوزارة الداخلية”.

وأضاف أن “العبادي بدأ بتنفيذ ما طلبته الإدارة الأمريكية بإنهاء خدمة أمر اللواء الخامس الخاص في الشرطة الاتحادية (أبو ضرغام المطوري)، وهو قيادي في منظمة بدر، التي يترأسها القيادي في هيئة الحشد، هادي العامري”.

ووفق الخبير السياسي العراقي، إياد العنبكي، فإن “الكثير من قادة الحشد الشعبيّ معرفون بارتباطهم بإيران وتلقيهم الدعم منها، مثل أبو مهدي المهندس”.

وشدد العنبكي على أن “الأمر ليس سراً بشأن علاقة أحزاب وسياسيّين عراقيّين بإيران، إذ يتلقّون منها الدعمين الماديّ والمعنويّ، واحتمال فرض عقوبات أمريكية عليهم لن يخدم مصالح العراق”.

ومضى موضحاً أن “أغلب الذين يشار إلى أنّهم أصحاب علاقة وطيدة بطهران لهم شعبيّة في العراق؛ فهم اليوم يشاركون في العمليّة السياسيّة، وساهموا في المعارك ضدّ داعش”.

وإثر فتوى للمرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، بمقاتلة “تنظيم الدولة”، تشكل “الحشد الشعبي” من متطوعين وفصائل شيعية، عام 2014، عندما اجتاح التنظيم شمال وغربي العراق، وبات على بعد 100 كيلومتر شمال العاصمة بغداد.

وتمتلك الفصائل الشيعية المسلحة في العراق أذرعا سياسية، وتشير تقديرات إلى أن قواتها تعاظمت خلال الحرب ضد التنظيم، حيث يقدر عدد أفرادها حاليا بأكثر من 100 ألف مسلح، ساهموا في انحسار نفوذ التنظيم.

ورغم معارضة النواب السنة والأكراد في البرلمان، نجح نظراؤهم الشيعة في تمرير قانون، في 26 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، أصبح بمقتضاه “الحشد الشعبي” قوات رسمية لها كيانها الخاص على شكل “جيش رديف”، وهو ما اعتبره البعض تشكيلاً يشبه “الحرس الثوري” في إيران.

وفي أكثر من مناسبة، أعلن العبادي أن القوات العراقية، بما فيها فصائل الحشد الشعبي، لن تعبر الحدود للقتال في دول أخرى.

ورغم ذلك يكرر قادة في الفصائل الشيعية تلميحاتهم إلى إمكانية دخولها إلى سوريا لقتال “تنظيم الدولة”، بينما تقول المعارضة السورية إن هذه الفصائل في حقيقية الأمر تريد القتال بجانب قوات النظام المدعومة من إيران، ضد قوات المعارضة، وهو ما يبدو أنه يشكل صلب مخاوف الإدارة الأمريكية.

وبحسب العنبكي فإن “مساعي الإدارة الأمريكية إلى تحجيم الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران يعود إلى مخاوف واشنطن من أن تتحرك هذه الفصائل خارج الحدود بناء على رغبة طهران”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]