الفرانكوفونية


إيفا رشدوني

الفرانكوفونية مصطلح يدلّ على مجموعة الدول الناطقة باللغة الفرنسية، رسميًا أو جزئيًا. ظهرت فكرة إنشاء رابطة تجمع الشعوب المتكلمة بالفرنسية، بعد انهيار الإمبراطورية الفرنسية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، في محاولة منها لمواصلة الهيمنة على مستوطناتها ومستعمراتها في أصقاع العالم.

في سنة 1944 ألقى الرئيس الفرنسي آنذاك الجنرال (ديغول) خطابًا، دعا فيه إلى مشروع بناء الاتحاد الفرنسي لربط مؤسسات المستعمرات الفرنسية بفرنسا الأم.

بدأت تتبلور فكرة الفرنكوفونية الدولية في أثناء اجتماعٍ، عُقد في العاصمة النيجيرية نيامي، برعاية فرنسية بين الرئيس ليوبولد سيدار سنجور (السنغال) والرئيس الحبيب بورقيبة (تونس) والرئيس هماني ديوري (النيجر)؛ لإحداث وكالة التعاون الثقافي والفني بين الحكومات الثلاث، تجسيدًا لإمكانية التعاون بين مختلف المذاهب والأعراق (العرب والإسلام والمسيحية) التي كانت واقعة تحت الوصاية الفرنسية؛ ومن ثم أُنشِئت رسميًا المنظمة الدولية للفرنكوفونية. ويعَدّ الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الأب الروحي والمؤسس الحقيقي للفرانكفونية.

هدف المنظمة هو توسيع قيمة الحوار والترابط، والعمل على مواجهة الفكر واللغة الواحدة وهي الإنجليزية التي تسعى للهيمنة على العالم سياسيًا واقتصاديًا، تحت شعار العولمة، خصوصًا بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط القطب الروسي من المعادلة العالمية.

تُمثّل الفرنكوفونية مجالًا من أكبر المجالات اللّغوية العالمية؛ ذلك أنها ليست مجرّد تقاسم لغة فهي تعتمد أيضًا على أساس الاشتراك في القيم الإنسانية التي تنقلها اللغة الفرنسية. ويُمثل هذان العنصران الدّعائم التي ترتكز عليها المنظمة الدّولية للفرنكوفونية.

تضمّ المنظمة سبعين دولةً (58 عضوًا و26 مراقبًا) وهو ما يُمثل أكثر من ثلث الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وتضمّ 900 مليون نسمة، من بينهم 274 مليونًا ينطقون بالفرنسية بوصفها اللغة الأم.

من بين الدول الأعضاء في المنظمة دولٌ عربيةٌ مثل لبنان والمغرب وتونس وجزر القمر ودولة قطر (أعضاء أساسيين) ودولة الإمارات العربية المتحدة (عضو مراقب).
تقوم المنظمة بمجموعة أنشطة لترويج اللغة الفرنسية، وتعمل من خلال أربع مؤسسات رئيسة، وهي الوكالة الجامعية للفرنكوفونية AUF والقناة الفضائية TV5 وجامعة سنجور Univeristé Senghor والجمعية الدولية لرؤساء البلديات الناطقة بالفرنسية   AIMF.

لا يقتصر دور الفرنكوفونية على نشر اللغة فحسب، حيث تشارك، من خلال مؤسساتها، في المؤتمرات الدولية في كافة المجالات، وبخاصة التنمية المستدامة، وتفعيل دور المرأة ومشاركتها في الحياة العملية والسياسية، وبخاصة في الدول الأفريقية.  وقد أُعلن يوم الـ 20 من آذار/ مارس، يومًا عالميًا للاحتفال بالفرنكوفونية.




المصدر