مؤشرات متزايدة لعملية عسكرية تركية جديدة على الحدود مع سوريا.. ما المتوقع حدوثه بالمعركة المحتملة في عفرين؟

2 يوليو، 2017

تتزايد المؤشرات على عملية عسكرية مرتقبة في مدينة عفرين الواقعة على الحدود السورية التركية، فمن جهة كثف مسؤولون أتراك من تصريحاتهم خلال الأيام القليلة الماضية بضرورة مواجهة ميليشيات كردية في المدينة تهاجم المنطقة الحدودية، ومن جهة أخرى تواصل أنقرة حشد قواتها العسكرية قرب الشريط الحدودي.

وفي 29 يونيو/ حزيران 2017 قال نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، إن قوات بلاده سترد بالمثل ووفق قواعد الاشتباك على جميع النيران التي يطلقها مقاتلو ميليشيا وحدات “حماية الشعب” الكردية من مدينة عفرين باتجاه تركيا.

وقبلها بيوم واحد من تصريح قورتولموش، قال نائب رئيس الوزراء التركي ويسي قايناق إنه “ينبغي تطهير منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب شمالي سوريا من الإرهاب، من أجل أمن تركيا والمنطقة”، وفقاً لما ذكرته وكالة الأناضول.

ناصر تركماني الخبير في الشؤون التركية، أشار في تصريحات خاصة لـ”السورية نت”، اليوم الأحد، إلى أنه من المؤكد أن هنالك عملية عسكرية تركية جديدة على الحدود السورية التركية، لكنه أشار إلى السيناريو الأكثر ترجيحا للآن في دوائر القرار التركي، هو خوض هجوم عسكري على القرى العربية التي سيطرت عليها الميليشيات الكردية في عفرين، والممتدة من قرية مريمين حتى سد الشهباء، وهي منطقة تضم نحو 15 قرية.

وأشار تركماني إلى أنه حتى الآن لا يوجد قرار اتُخذ بالفعل لعملية عسكرية في عمق مدينة عفرين، وأضاف في هذا السياق: “بعض الأجنحة العسكرية في تركيا تطلب من القيادة التركية عملية عسكرية موسعة في عفرين إلا أنه لا قرار نهائي بذلك”.

وتوجد في منطقة عفرين قوات روسية أكدت موسكو نشرها هناك في مارس/ آذار 2017، وبحسب الهدف المعلن لتلك القوات هو الفصل وإيقاف الاشتباكات التي حصلت قبل نحو 4 أشهر بين القوات التركية الموجودة على الحدود والميليشيات الكردية في عفرين.

وتطرح العلمية العسكرية التركية الوشيكة في عفرين تساؤلات عما إذا كانت هنالك تفاهمات روسية تركية. وأشار تركماني في تصريحاته لـ”السورية نت” أن هدف روسيا من دخول عفرين كان قطع الطريق أمام الولايات المتحدة للتمدد باتجاه الغرب والشمال الغربي لسوريا، خصوصاً منطقتي إدلب وجبل التركمان، أكثر من كونها وجدت للفصل بين تركيا والميليشيات الكردية.

وعزا ذلك إلى أن الروس يعتبرون غرب سوريا والمناطق المحيطة بها منطقة حساسة لهم، خصوصاً لقربها من قاعدتها العسكرية في حميميم والتي تنشر فيها روسيا صواريخ اس 400، مشيراً أن أي قوة تقترب من إدلب أو مناطق جبل التركمان تمثل فعلياً خطراً استراتيجياً على مناطق النفوذ الروسي في الساحل.

ورأى الخبير تركماني أن الروس أرادوا أيضاً من نشر قواتهم في عفرين منع تمدد إيران باتجاه الغرب، معتبراً أن لدى موسكو قناعة بأنه لا يمكن الاعتماد الكامل على إيران لحماية مصالحها في سوريا، لكون إيران لديها مشروعها الخاص في سوريا، لا سيما وأن الميليشيات الكردية ستكون على استعداد لقبول التعاون مع طهران في سوريا في حال رأت بذلك تحقيقاً لمصالحها.

ونقل تركماني ما سمعه عن مسؤولين أتراك أنه لا توجد مشكلة ما بين أنقرة وروسيا، وقال إن أحد المسؤولين تحدث إليه قائلاً أن “قبول روسيا صفقة بصواريخ اس 400 لتركيا أكبر دليل على أنه لا خلاف بين روسيا وتركيا في سوريا، وأوكرانيا، والدول الناطقة باللغة التركية”، فضلاً عن أن موقف حلف شمال الأطلسي “الناتو” من تركيا وروسيا يقرب بين البلدين.

لا تصادم

ومن المستبعد في حال قررت تركيا البدء بعملياتها العسكرية في عفرين أي تصادم مع الروس، وبحسب ما ذكره تركماني لـ”السورية نت” فإن قوات روسية كانت منتشرة سابقاً على خط التماس الحدودي بين سوريا وتركيا، بدءاً من منطقة جنديرس حتى باب السلامة، إلا أنه مؤخراً تراجعت تلك القوات من خطوط التماس وتمركزت في معسكر الطلائع الواقع ببلدة كفر جنة في عفرين، وفي معسكر آخر تابع لقوات وحدات “حماية الشعب” الكردية.

وأضاف في هذا السياق، أن وجود قوات روسية في منطقة معينة من عفرين لن يمنع تركيا من قيام عملية عسكرية فيها، لأن تركيا لديها علم بأماكن انتشار روسيا.

وبحسب التركماني فإن تركيا لا تزال ترسل تعزيزاتها العسكرية إلى الحدود، وقال إن 7 آلاف عنصر من القوات الخاصة التركية أصبحت متمركزة على الحدود، وأنه أمس السبت في منطقة كركخان الحدودية الواقعة ضمن الأراضي التركية وصل رتل جديد من الدبابات.

وكانت أنباء انتشرت خلال الأسبوع الفائت تحدثت عن احتمال دخول القوات التركية إلى مناطق فصائل المعارضة التي كانت تقاتل ضمن عملية “درع الفرات” في الشمال السوري ومنها إلى عفرين.

طبيعة الهجوم المحتمل

لكن تركماني أشار إلى أن محللين عسكريين أتراك مقربين من صناع القرار، أشاروا إلى أن الخيار الأكثر ترجيحاً إقدام القوات التركية على عمليات إنزال جوي، مسنود بسلاح الجو، لا أن تتقدم القوات التركية برياً نظراً لوعورة مناطق عفرين التي يغلب عليها الطابع الجبلي، ما يجعل القوات المهاجمة عرضة للأسلحة المضادة للدبابات والدروع التي تمتلكها الميليشيات الكردية، وبينها صواريخ أمريكية وألمانية وروسية حديثة.

كما يشير المحللون إلى أنه من ضمن الخيارات المفضلة للعملية العسكرية السيطرة على التلال المرتفعة ما يمنحها تفوقاً نارياً.

وعن الموقف الأمريكي من العملية التركية الوشيكة، اعتبر تركماني أن أمريكا تراوغ في سياستها مع تركيا، وأنها ترفض تحرك تركي في عفرين، لا سيما وأن الكثير من أبناء عفرين يشاركون الآن في معركة الرقة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأنه في حال حدوث عملية عسكرية تركية في عفرين، سيضطر هؤلاء إلى العودة والقتال في مدينتهم ما قد يؤثر على عمليات أمريكا في الرقة، وهو ما لا تريده، سيما وأن إيران ونظام الأسد يتقدمان نحو معقل “تنظيم الدولة” في سوريا.

وتحمل العملية العسكرية التركية الوشيكة رسائل عدة، أبرزها – بحسب تركماني – أن أنقرة فقدت ثقتها بواشنطن ووعودها فيما يتعلق بالميليشيات الكردية، وأن تركيا تمتلك خطة إنقاذ لحماية أمنها القومي وللمضي في إقامة منطقة آمنة شمال سوريا تكون حدودها المحيطة بها محمية وخالية من أي تهديد.

ولم يستبعد تركماني وفق التفاهمات الحاصلة في سوريا بين الدول الكبرى أن يكون هناك حديث جديد عن وضع مدينة حلب التي يسيطر عليها النظام حالياً.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]