تفجيرات دمشق… “إرهاب الدولة”


نزار السهلي

بين فترة وأخرى، يحلو للنظام السوري العزفُ على نغم التفجيرات الإرهابية، لحن أجاد اللعبَ على أوتاره في كل المحافظات السورية. منذ ستة اعوام، يجهز النظام مفخخاته ويُسهل عبورها وإيصالها إلى مناطقها، لتحصد أرواح الأبرياء، عملًا باستحضار دلائل كذب مفضوح، كشفته كاميرات إعلامه منذ “وضع أكياس الساندويش”، تحت جسر الزاهرة في تفجير الميدان الأول بداية العام 2012، إلى كل العمليات الإرهابية التي تحمل بصمات النظام في شكلها وإخراجها المفضوح، الفائدة كبيرة ومردودها أكبر في تبريرات النظام لقتل السوريين، لا يكتفي بتدمير وتفجير كل حواضرهم، بل يصل إلى وسمهم بالإرهاب؛ التجارة التي تنجيه من العقاب، وتعينه على إكمال جريمته.

يستدر النظام عطف المجتمع الدولي، وكانت مهمته الأولى إشعال الإرهاب والتفجيرات بين المدنيين، لأنه يدرك أن كل الروايات التي يطلقها خاسرة، حتى في ترتيب مسرح الجريمة، من تفجير حي القزاز إلى كفرسوسة والميدان إلى حمص وحماة وحلب، ودرعا، مع كل جولة لموفدين غربيين أو عرب كان النظام يجهز بعض التفجيرات التي تناسب الحدث والرواية، يفعلها اليوم مع كل تقرير وإدانة جديدة تسجلها المنظمات الدولية حول استخدامه لآلة القتل الكيميائية، وافتضاح جرائمه المتواصلة، ينبغي أن يكون ابن “الإرهاب” حاضرًا بقوة للتغطية على الأب.

في محيط العاصمة دمشق من جهة الشرق، تجري عمليات إرهابية منذ خمسة أعوام؛ مجازر كيماوية وحصار، وفي محيطها الغربي طائرات دمرت البشر والحجر وهجرت سكانها، أكثر من مليون شخص محاصرون في الغوطة الشرقية، قصف يومي بالصواريخ والطائرات والمدفعية يسقط عشرات الضحايا كل يوم، فضلًا عن تدمير معظم البنى التحتية لقرى ومدن الغوطتين.

عمليات التفجير التي شهدتها دمشق، على مدار الأعوام الخمسة الماضية، ترتدي قيمة ودلالة خاصة جدًا لدى النظام، من حيث زمانها وتوقيتها والأهداف التي توقعها؛ التفجير بأبعاده ودوافعه ونتائجه يرتقي لإرهاب الدولة الذي يمارسه النظام في دمشق على كل الشعب السوري، ارتدادات هذا الإرهاب تذهب إلى ما هو أعمق وأبعد، إذا ما أخذنا استثمار النظام في عمليات الإرهاب التي كرسها في ممارساته العدوانية، فوق الجغرافيا والديموغرافيا السوريتين، إضافة إلى طبيعة المواجهة التي احتكم إليها الأسد لمواجهة المجتمع السوري، تكفي لفضح كل المزاعم التي يبني عليها لاستدرار عطف المجتمع الدولي.

الإرهاب مفتوح على مداه في سورية، وإرهاب النظام مهّد لزعزعة وتدمير عمق الصراع كما يتوهم الأسد بإشعال مفخخات الإرهاب المتنقل على كامل الجغرافيا السورية. إرهاب النظام لن يلغي أو يغيب المضمون الأساس لثورة شعب قام ضد ظلم وإرهاب دولة، تمارسه عليه صبح مساء، وليل ونهار. كل عمليات الإرهاب واستيراد المرتزقة وتكالب العالم معه لن يغير شيئًا من تلك المعادلة وحقيقتها الساطعة على الأرض، من أقام الأفران البشرية وقتل مئات الالاف وهجر الملايين، واعتقل عشرات الآلاف وقتل مثلهم في المسالخ البشرية هو إرهابي فاشل عدو لشعبه وللإنسانية.




المصدر