لاجئ سوري محكوم بالسجن 300 عامٍ في اليونان


كان نور يحلم بحياة آمنة بعيداً عن الحرب والمعتقلات، فقرر الهروب إلى تركيا بعد أن اعتقل في سجون النظام وعانى الأمرين، لكنه لم يتوقع أن تقوده الرحلة إلى سجون بلد آخر.

نور السامح شاب سوري يبلغ من العمر (27) عاماً، تخرج من كلية العلوم الإدارية بجامعة الاتحاد الخاصة عام 2014 يملؤه الطموح بإيجاد عمل وتأسيس أسرة، كأي شاب آخر، لم يكن الطريق سهلاً له لبداية حياة هادئة ومستقرة كما اعتقد، حيث غادر سوريا هرباً من الحرب، إذ كان ملاحقاً بسبب نشاطه الثوري فضلاً عن تأخره عن الخدمة العسكرية بحسب القائمين على الحملة المخصصة للدفاع عنه، لم يكن وضعه حال وصوله إلى تركيا أفضل، حيث وجد نفسه دون مأوى لأيام، كما لم يكن يملك سوى أحلامه التي لا تكفيه لمتابعة الرحلة والوصول إلى أوروبا، فكافح ليجد أعمالاً بسيطة ليؤمن قوته، وليجمع المبلغ الذي سيغير مستقبله.

طريق شائك

تعرض السامح خلال محاولته للهروب عبر البحر من تركيا إلى أوروبا لعدة عمليات نصب واحتيال من المهربين بين تركيا واليونان، وقال إنه اضطر لقبول اتفاق يمكنه من السفر مجاناً على متن قارب شراعي سياحي شريطة أن يعمل أثناءها كمترجم بين المسافرين والقبطان (المهرب) نظراً لإتقانه اللغة الانكليزية، إلا أن خفر السواحل اليوناني اعترض القارب، وأُلقي القبض على نور والقبطان.

وبقي نور خلف القضبان بسبب عدم قدرته على تعيين محام للدفاع عنه أمام القضاء، فأدين بتهمة تهريب اللاجئين وحكم عليه بالتالي بالسجن لمدة 300 عام بتاريخ 10 حزيران 2016، كما أخبره المحامي الذي وكلته له الدولة آنذاك وبحسب ما نقلت عدة مواقع على رأسها موقع “زمان الوصل” والذي أضاف أن نور يقبع في أحد السجون اليونانية، بانتظار محكمة الاستئناف المحددة في26 تشرين الأول 2017.

وقفة احتجاجية

بينما ينتظر نور مستقبل مجهول في ظلام السجن اليوناني، حاول أصدقاؤه كل ما بوسعهم لمساعدته، إذ قامت مجموعة من أصدقائه في عدة دول أوروبية مختلفة مؤخراً، بحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مطالبين المنظمات الإنسانية أو الحقوقية وغيرها باتخاذ إجراءات حقيقية لمساعدته، إضافة إلى ذلك قاموا بوقفة احتجاجية إلى جانب بعض الناشطين الحقوقيين أمام السفارة اليونانية في فيينا بالنمسا ضد الحكم الذي وصفوه بالـ “جائر”، ليصل صوت نور إلى الرأي العام. وتقول والدته السيدة حكمت السامح، التي لم تعرف النوم منذ رحيل ابنها وسجنه: “كل من عرف نور سيدرك بأنه مظلوم، ابني ذو أخلاق عالية، كان يمضي وقته بالعلوم والمعرفة وحلم بمستقبل كبير، هذه التهمة ظالمة جداً ومصيبة حلت علينا”. كما أوضح مُنظم الاحتجاج بأن الوعود بالمساعدة جاءت كثيرة سواء من منظمات أو أشخاص، غير أنها مجرد وعود لم تلامس الواقع حتى الآن بأي شيء، وأكد على حرصهم الشديد على متابعة القضية إلى أن تثبت براءة الشاب ويخرج حراً.

أكثر من حالة مشابهة

يقول الناشطون أن قصة نور ليست الوحيدة من نوعها، مؤكدين أن هناك عدداً من الشبان الذين يقبعون خلف القضبان اليونانية، متهمين المهربين باستغلال هؤلاء الشبان بدفع مبالغ أقل لرحلتهم، مقابل قيادة المراكب المطاطية التي تعرف بـ(البلم)، من شواطئ أزمير أو بودروم التركية، إلى أحد الجزر اليونانية، وعندما يعترضهم الأمن اليوناني يعتقلون سائق المركب، بتهمة التهريب أو تجارة البشر ويبقى المهرب الحقيقي حراً بعيداً عن أنظار العدالة.

يُذكر أنه بحلول نهاية عام 2016، بلغ عدد اللاجئين، وطالبي اللجوء، الذين وصلوا إلى اليونان عن طريق البحر حوالي 174 ألف شخصٍ، وأكثر من 434 شخصاً لقوا حتفهم، أو اعتُبِروا في عداد المفقودين أثناء محاولة عبور بحر إيجة وفقاً لمنظمة العفو الدولية، كما يوجد حوالي 4 آلاف شخص رهن الاعتقال في اليونان وفقاً لتقرير Human Rights Watch لعام 2016.



صدى الشام