الطائفية السياسية والأمر الواقع في سورية


أحمد مظهر سعدو

يرى البعض أن الطائفية السياسية باتت أمرًا واقعًا في الحال السورية، ويُحمّلون نظامَ الأسد مسؤوليةَ تعميم هذه الظاهرة التي تعوق توصل السوريين إلى عقد وطني سويّ.

في هذا الصدد، قال عماد برق، وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، لـ (جيرون): “لقد باتت الطائفية السياسية أمرًا واقعًا في الحالة السورية، وإن عملية إعادة رأب الصدع غدت أمرًا صعبًا، في الظروف الداخلية والدولية الحالية، ولكنها ليست مستحيلة”.

من جهة ثانية، أعرب حسن جبران، أستاذ علم الاجتماع ورئيس جامعة حلب الحرة سابقًا، عن قناعته بأن الطائفية السياسية تقف وراء الطائفية الدينية وتغذّيها، وقال لـ (جيرون): “ليس هناك طائفية دينية، وإنما هناك طائفية سياسية تقف وراء الطائفية الدينية وتغذّيها وتنمّيها، وتجعلها تتجلى وتتأجج في الحال السورية، ولم يكن المجتمع السوري يعاني من مسألة الطائفية الدينية، إلا أن “العلوية السياسية” هي التي خلقت الطائفيةَ المضمرة، ثم تحولت الطائفية المضمرة، لاحقًا مع هذه الثورة، إلى طائفية سياسية ضد المتظاهرين، وأنا أرى أن الطائفية السياسية انتهت إلى الأبد، وأن الطائفية الدينية تتجسد، لكنها زائلة كلما اتجهنا نحو إلغاء الطائفية السياسية، فعندما لا يكون هناك طائفية لا يمكن الحديث عن أقلية دينية، وإنما نتحدث عن أقلية وأكثرية سياسية، وهذا يعني أننا قد حجّمنا كثيرًا الطائفية السياسية، وستتلاشى أو تُقزّم بدورها الطائفية الدينية، سورية الآن تعيش الطائفية، لكن في المستقبل لن يكون هناك طائفية إلا في حدودها الدنيا، حدود الاعتقاد، وليس التجسيد السياسي”.

وحذّر جبران من أن “سورية اليوم تعيش طائفية سياسية، وتعيش بدورها طائفية دينية واضحة المعالم، لكن هذه الحالة ليست نهاية التاريخ، وإنما هي حالة متبدلة، وتبدلها مرهون بأداء سياسي راقٍ؛ فعندما تحل المواطنة أو يحلّ مفهوم الإسلام، بمعناه الصحيح الذي تجلى سابقًا في زمن الازدهار، فإن الطائفية ستندحر وتتلاشى، وإن المشاريع الاقتصادية بدورها ومشاريع التنمية كفيلة بإلغاء الطائفية؛ ذلك أن تحسن الأوضاع الاقتصادية ورفع مؤشرات التنمية يقود بدوره إلى علاقة عكسية مع الطائفية، وهذا يعني أنّ الأداء السياسي الجيد والأداء الحكومي الجيد، من خلال مؤشرات اقتصادية، كفيلٌ بالخلاص من هذا الوباء”.

غير أن الأبَ إبراهيم فرح، رئيس كنيسة إدلب الحرة، يخالف هذا الرأي، ويقول: “لا وجود للطائفية السياسية في سورية إلا في رؤوس البعض”.

من جهة أخرى، يرى خليل سيد خليل، عضو المجلس المحلي في كفر تخاريم، أنه “يمكن جبر ما كُسِر، بتلاحم أبناء الشعب السوري، وعبر تخلصهم من الظلم والتسلط الممارس من كل الأطراف التي تسعى لتكريس الواقع المفروض علينا، إن وعي شعبنا سيحبط كل ذلك، وينفض عنه ما يسعى له أطراف الصراع، في بناء دولته المدنية التي يعيش فيها جميع أبناء هذا الوطن، تحت مظلة واحدة”.

ورأى عمر شحرور أن “الطائفية السياسية أو سياسة التمييز الديني كانت موجودة ومطبقة، وتُمارس، كسياسة يومية، في كافة مواقع الحياة وأشكالها في سورية منذ 1963، ولكن يمنع التحدث فيها أو عنها، لكيلا يتم تشخيصها كمرض رهيب ومعالجتها، وبالتالي تحتاج إلى زمن طويل للتخلص منها”، وتحدث عن الحلول الممكنة والمتاحة، وقال: “الحلول تحتاج إلى برنامج وطني واسع وجامع، وتستطيع القوى والشخصيات الوطنية السورية -أيًّا كان انتماؤها وخلفيتها الدينية أو القومية أو الثقافية- أن تجدَ نفسها ممثلة ومجسدة فيه”.




المصدر