أتاجان لـ”صدى الشام”: عملية “سيف الفرات” مسألة حياة أو موت بالنسبة لتركيا


تشير تصريحات المسؤولين الأتراك المتزامنة مع تحركات عسكرية في الشمال السوري إلى احتمالية نشوب صدام تركي- كردي في مدينة عفرين، ومن المتوقع بحسب تسريبات إعلامية أن تكون المواجهة كبيرة، بالنظر إلى حجم القوات التركية التي ستشارك في العملية المرهونة (كما يبدو) بما سينتج عن الجولة القادمة من محادثات أستانا.

ومن المؤكد أن المواجهة العسكرية لن تكون بهذه السهولة، في ظل تواتر أنباء عن استعدادات عسكرية مماثلة من جانب الوحدات الكردية في محيط مدينة عفرين، بالقرب من خطوط التماس.

وفي هذا السياق أكد المحلل السياسي التركي، باكير أتاجان، أن تركيا عازمة على اجتثاث الوحدات الكردية من المنطقة، بهدف الوصول إلى حالة من الاستقرار، مبيناً أنه “لا يوجد سقف محدد لهذه العملية التي ستستهدف أدوات الولايات المتحدة في المنطقة”.

واعتبر أتاجان في حوار مع “صدى الشام”، أن الحديث عن وجود علاقة جيدة بين روسيا وتركيا فيه مغالطة، مشيراً إلى أن المصالح المتبادلة بين الطرفين شكلية وقصيرة المدى.

وفيما يلي نص الحوار الكامل. 

– تحدثت صحيفة “قرار” التركية عن بدء العد التنازلي لعملية “سيف الفرات” في الشمال السوري ضد الوحدات الكردية، ما حقيقة هذه العملية؟

إن العملية هذه لا بد منها لتركيا، وهي قصة حياة أو موت بالنسبة لنا، لأن ما يحصل في شمالي سوريا أمر مهم جداً لتركيا، وخصوصاً في الفترة الأخيرة، تركيا اليوم لا تحارب وحدات الحماية الشعبية ولا تنظيم “داعش”، وإنما تحارب الولايات المتحدة الأمريكية التي أسست التنظيم  الذي تحارب وتنسق باسمه، وتفعل ما يحلو لها في الداخل السوري أو العراق أو الدول الأخرى باسم التنظيم، وكذلك هو الحال بالنسبة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يحارب شكلياً إلى جانب جيش الولايات المتحدة، ولذلك نحن الآن أمام قوة كبيرة متمثلة بالولايات المتحدة، وعلى ذلك لا بد لتركيا من موقف صارم حيال ما يحصل في الشمال السوري، وخصوصاً في الفترة الأخيرة، أي بعدما بدأت الولايات المتحدة بتسهيل دخول بعض قيادات التنظيم بين الحين والآخر إلى مناطق درع الفرات، لكي تثير الفوضى في المنطقة تارة باسم “داعش” وتارة أخرى باسم الوحدات الكردية، وثانياً وهو الأهم الجميع يعلم أنه لا فرق بين تنظيم “داعش” وبين الوحدات الكردية، وقد يكون الاختلاف مقتصراً على الهيئة أي اللحية وما شابه.

– بحسب تأكيد صحيفة “قرار” أيضاً، فإن عدد القوات العسكرية التركية التي ستشارك في العملية ستكون ضعف عدد التي شاركت في عملية درع الفرات، ما هي أهداف العملية، وهل هناك سقف محدد لها؟

إن تركيا تسعى جاهدة لاستقرار الشمال السوري، المنطقة مهمة جداً ليس  لتركيا فقط بل لكل سوريا وكذلك لكل الشرق الأوسط، لأن المخططات الهادفة لتقسيم سوريا كبيرة، وتركيا لن تسمح حسب قدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية بتنفيذ هذه المخططات وستستمر بذلك إلى ما لا نهاية إلى حين عرقلة كل ذلك، أما عن سقف العملية أقول لا يوجد سقف معين، والسقف التركي هو إفشال المخططات التقسيمية لجعل المنطقة مناطق نفوذ أميركية وروسية وغير سورية.

– وسائل إعلام محلية كردية نقلت عن القائد العام لوحدات حماية الشعب الكردية، سيبان حمو، تهديده باقتحام ريف حلب الشمالي والشرقي بالكامل في حال تمت مهاجمة عفرين، ونقلت أيضاً قوله إن العملية العسكرية التي تخطط لها تركيا لن تحقق أهدافها، ما هو تعليقكم على هذه التصريحات؟ وهل ستمتد المعركة إلى داخل مدينة عفرين، أم ستقتصر على القرى العربية التي تسيطر عليها الوحدات الكردية في ريف حلب الشمالي؟

يجب أن نعرف جيداً أن تركيا لا تريد ولن تسعى إلى انتزاع مناطق في عفرين أو منبج أو جرابلس أو تل أبيض أو رأس العين من سوريا، لكنها تريد طرد حزب الاتحاد الديمقراطي وأصله حزب العمال الكردستاني وكذلك طرد التنظيم، بمعنى آخر نريد طرد الإرهاب من المنطقة، وليس هدف تركيا، بحال من الأحوال، السيطرة على كل هذه المناطق التي ذكرناها، وكما هو معروف فإن تركيا تعتبر المكونات الكردية والعربية والأرمنية والآشورية والشركسية والتركمانية والسريانية وغيرها في المناطق أخوة، وهي كذلك مكونات متممة للشعب التركي بحميع مكوناته، ولا تسطيع تركيا أن تكون طرفاً إلى جانب طرف آخر بل على العكس، نحن لنا علاقات جيدة جداً مع المكون الكردي في سوريا وفي تركيا وفي العراق وفي إيران، لأننا تاريخياً أخوة، ولا هدف لنا أن نبعدهم عن الأراضي التي يقيمون فيها.

وبخصوص تصريحات المسؤول في الاتحاد الديمقراطي، أقول إن تركيا تقول وتنفذ ما تقوله لأنها تطرد الإرهاب إن كان متمثلاً بطرف كردي أو عربي أو تركماني.

– هل هناك خشية تركية من تحول العملية إلى ساحة صراع كردي- تركي مفتوح على الأراضي السورية؟

لا بد من وجود هذه المخاوف، لأن الولايات المتحدة كما هو معروف هي من أسست حزب الاتحاد الديمقراطي التابع أو الفرع لحزب العمال الكردستاني الإرهابي، بالتالي إن كل ما يجري هو عبارة عن تنفيذ الخطة القديمة الساعية إلى خلق المشاكل مع الأكراد في تركيا وسوريا والعراق وإيران، لكن بوتيرة غير منتظمة.

الولايات المتحدة تعطي أوامرها لحزب العمال الكردستاني تارةً بالتحرك، وتارةً أخرى تعطي أوامرها لهؤلاء المرتزقة بالكف عن التحركات، وعلى كلٍ لن تنتهي الصراعات بهذه السهولة، وسوف تستمر إلى سنوات طويلة.

– مصادر محلية في عفرين أشارت إلى انسحاب روسي من المدينة بالتزامن مع دخول أرتال عسكرية تركية إلى الشمال السوري، ما دلالة هذه الخطوة الروسية من منظوركم، وما هي طبيعة التنسيق الروسي التركي، وفي حال كان هناك اتفاق روسي- تركي، ما هي ملامحه؟

أنا شخصياً أشك في الروس وكذلك في الولايات المتحدة، لأنهما متفقتان مع بعضهما بعضًا على حماية مصالحهما التي لن تتحقق إلا بتقسيم سوريا، الروس في بعض الأحيان يعطون الضوء الأخضر لتركيا لحماية مصالحهم، وكذلك تفعل الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك يجب أن نرى بعيداً، وسندرك أن هذه المخططات ليست في صالح الشعب السوري ولا التركي أيضاً، وإنما هي مخططات لتحقيق مصالح روسيا والولايات المتحدة، وهذه المخططات الجديدة ليس لها هدف إلا خدمة مصالحهما في منطقة الشرق الأوسط، أما عن الأقاويل التي تشير إلى وجود علاقة جيدة بين روسيا وتركيا، فهي مغلوطة ولربما هناك وجود مصالح متبادلة لكنها شكلية وقصيرة المدى، إن كل هذه الدول كشرت عن أنيابها ومخططاتها أصبحت معروفة للجميع ولدى الشعبين السوري والتركي خاصة.

– بخصوص إدلب، تفيد الأنباء بوصول تعزيزات عسكرية تركية إلى المناطق المحاذية للشريط الحدودي في ولاية هاطاي، هل باتت الظروف مهيأة لتوغل القوات التركية في المدينة، أم ترون أن الظرف لمّا ينضج بعد؟

لإدلب أمور خاصة لمّا يتم الاتفاق عليها بعد، ولكن تركيا تسعى إلى حفظ الأمن فيها، بما يخدم مصالح الشعب السوري، وليس الشعب التركي، لأن الشعب السوري هو من يدفع الضريبة الباهظة، وتركيا تسعى لحماية السوريين من التشريد والقتل والإرهاب من كل الأطراف الأخرى إن كانت الوحدات أو تنظيم “داعش” أو أي تنظيمات متطرفة أخرى.

– ما هو تصور تركيا للقادم في إدلب، لا سيما وأن المدينة تشهد تصعيداً، وهناك أبناء تشير إلى اعتقالات تقوم بها فصائل لأشخاص بتهمة العلاقة مع “درع الفرات”، وهذا التصعيد على ما يبدو ينذر بصدام تركي مع بعض الفصائل في حال دخلت القوات التركية إلى المدينة؟

التصعيد في المدينة موجود، ويجب أن نذهب للولايات المتحدة التي تريد زعزعة الأمن والاستقرار في إدلب والمنطقة لتنفيذ أجنداتها، عبر أدواتها المتمثلة بهيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى التي تعمل لحماية مصالحها، ولذلك تركيا لن تبقى مكتوفة الأيدي، وسوف تضرب هذه الأطراف بقوة.

– كيف ستتعامل تركيا مع مقاطعة بعض فصائل المعارضة لمحادثات أستانا، وعلى من سوف تعتمد في تطبيق البنود التي قد تخرج عن هذه المحادثات؟

تركيا تعتمد على بعض الفصائل التي كانت موجودة منذ بداية الثورة وإلى يومنا هذا وإن بمسميات متغيرة في بعض الأحيان، والفصائل التي تعمل تحت أجندات دول أخرى لا تهم تركيا سواء حضرت أم تغيبت، فتركيا تسعى إلى العمل مع الفصائل الثورية التي يهمها حماية الشعب السوري من الإرهاب، وكذلك الحفاظ على أمن واستقرار سوريا، ولا تسعى إلى التعامل مع الفصائل التي تتلقى دعماً من دول أخرى بهدف تحقيق أجندات الدول الداعمة، وبهدف قتل الشعب السوري.

 

– من هي الفصائل الثورية التي تقصدها؟

ربما تتغير الأسماء في بعض الأحيان، لكن بالعموم هي الفصائل التي لا تزال على موقفها من الثورة السورية، أي التي تريد إسقاط نظام الأسد.

– المجموعة الضامنة لوقف إطلاق النار ستعقد اجتماعاً يوم الإثنين في العاصمة الكازاخية أستانا، ما هي أجندات هذا الاجتماع الذي ستشارك فيه تركيا بصفتها ضامناً، وهل سيتم بحث التحركات العسكرية التركية فيه، أم أن تركيا ستتحرك منفردة؟

إن بحث التحركات العسكرية أمر طبيعي ولا بد منه، لكن لن تتوج الاجتماعات بنتيجة بهذه السرعة، ونحتاج إلى المباحثات القادمة وما بعدها وما بعد بعدها أيضاً، لأنه وكما هو معروف هناك اختلاف في وجهات النظر، إن كانت من جهة تركيا أو إيران أو روسيا، وهذه الدول تفكر بمصلحتها، ولبعضهم مطامع تجعل من وجودهم في سوريا أمراً لا بد منه، أي أن الاتفاق فيما بين هذه الدول بهذه السرعة ليس بالأمر السهل، ونحتاج إلى وقت طويل وإلى مؤتمرات أخرى، لكن يجب أن يعرف الجميع أن ما يهم تركيا هو مصلحة الشعب السوري وحسب، والأخوة التي تربطه بشعبها.



صدى الشام