الملف الزراعي يغيّر قواعد لعبة التهجير في درعا


مضر الزعبي: المصدر

لجأت قوات النظام إلى الخيار العسكري والتصعيد من عملياتها في محافظة درعا خلال الأسابيع الماضية، بعد فشلها بتحقيق أي مكاسب في ملفي المعابر التجارية والمصالحات المحلية، رغم العروض غير المسبوقة التي قُدمت للأهالي، والتي تعكس حرص النظام على إعادة المناطق الثائرة إلى بيت الطاعة مع الإبقاء على سكانها فيها لأسباب عدة قد يكون الملف الزراعي أهمها.

السلة الغذائية

وتعتبر محافظة درعا السلة الغذائية للجنوب السوري، وعلى الرغم من سنوات الحرب السبع ومن تضرر القطاع الزراعي في المحافظة كباقي القطاعات الحيوية، إلا أنها مازالت تصدّر منتجاتها الزراعية لباقي المناطق الجنوبية ولاسيما الموسم الصيفي، بحسب تاجر الخضار سليمان الحريري الذي قال لـ “المصدر” إن سوق (الهال) في العاصمة دمشق مايزال يعتمد بشكل كليّ على موسم حوران الصيفي من الخضار والفواكه، وما زالت المحافظة تحتلّ المرتبة الأولى بالتوريد لتجار الجملة في العاصمة.

وأضاف الحريري أن أي خلل في عملية توريد المنتجات الزراعية من درعا إلى أسواق العاصمة ولو ليوم واحد ينعكس بشكل فوري على الأسعار، وهذا ما يدفع النظام لإبقاء منافذ لإخراج المحاصيل الزراعية من المناطق المحررة إلى المناطق الخاضعة لسيطرته، كما أن النظام لا يرغب بتهجير المزارعين لأن ذلك سينعكس بالدرجة الأولى على الأسواق في المناطق الخاضعة لسيطرته، ولاسيما عقب الأرتفاع الأخير بأسعار الخضروات في شهر نيسان/أبريل الماضي، وعودة انخفاضها نسبياً مع بدأ الموسم الصيفي في حوران.

وأشار التاجر إلى أن النظام لا يمانع من أي عملية تهجير لسكان المدن ولاسيما القريبة من العاصمة، على عكس الأرياف التي يعتبرها مورداً هاماً للمنتجات الزراعية ولها دور كبير باستقرار الأسعار في الأسواق، لذلك هو يعمل على تقديم مجموعة من العروض لكسب هذه الحاضنة، ومؤخرا بدأ باتباع أسلوب العصى والجزرة.

فشل بالتحكم بالأسواق

خلدون الرفاعي وهو مزارع من ريف درعا الشمالي قال لـ “المصدر” إن النظام خلال شهر نيسان/أبريل الماضي عمل على إيجاد آلية جديدة تمكنه من التحكم بالأسواق في المناطق المحررة، وذلك من خلال افتتاح معبر تجاري شرق درعا وهو معبر (خربة غزالة)، بهدف إغلاق المعابر بين محافظتي درعا والسويداء، وهي معابر تحت سيطرة الميليشيات في محافظة السويداء ولا صلاحية مباشرة للنظام عليها، كما أنه كان يهدف لأخذ الأتاوات من التجار.

وأضاف أن الأهالي في المناطق المحررة رفضوا التعامل مع قوات النظام بمعبر (خربة غزالة) مما دفع النظام لاغلاق المعبر، و البدأ بأستخدام أساليب جديدة للضغط على الأهالي وكان من هذه الأساليب التصعيد العسكري وهو العمل على فصل ريف درعا الغربي عن ريفها الشرقي، من خلال السيطرة على جمرك درعا القديم الرابط بين المناطق المحررة، وبهذا الشكل يصبح ريف درعا الغربي محاصر ولايمكن أتمام أي عملية تبادل عن طريق معابر السويداء المتاخمة لريف المحافظة الشرقي.

وأشار أن الهدف من خطوة النظام هو أجبار أهالي ريف درعا الغربي على تعامل مع معابر النظام بشكل مباشر لتصريف منتجاتهم ولاسيما أن الاسواق المحلية لا تستوعب أكثر من 5 في المئة من مجمل المنتجات الزراعية و الحيوانية في المحافظة.

الناشط في السويداء سامي الأحمد قال لـ “المصدر” إنه بات من الواضح أن النظام يعمل على إجبار الأهالي على التعامل معه بشكل مباشر، فهو بحاجة للمنتجات الزراعية ولكن لا يريد أن يكون الملف الزراعي ورقة ضغط عليه، ويعمل على تحويله لورقة ضغط على الحاضنة الشعبية كونه بات يشكّل مصدر الدخل الأساسي لهذه الأسر.

وأضاف أن النظام عندما أراد أن يُتم مصالحة بلدة (محجة) شمال درعا استخدم الملف الزراعي كورقة ضغط، فمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، واشترط إتمام المصالحة مقابل عودة النشاط الزراعي وكان له ما أراد.

في السياق أيضاً استخدم الملف الزراعي كورقة تهديد وحرمان الأهالي من ملكية أراضيهم كما حدث مطلع العام الجاري مع مهجرين كل من (خربة غزالة ونامر) شرق درعا عندما وجّه النظام تهديداً للمزارعين بمصادرة أراضيهم في حال لم يقوموا بزراعة أراضيهم بـ (القمح) وتسليم المحصول لمؤسسة (الحبوب) في حكومة النظام.





المصدر