شروط تركية تؤدي لتسريح مئات الموظفين السوريين من المنظمات


رفضت السلطات التركية خلال الأشهر القليلة الماضية تجديد إقامات العمل لمئات الموظفين السوريين العاملين في قطاع المنظمات الدولية على أراضيها لأسباب مختلفة، بعضها يتعلق بشروط جديدة لمنح التجديد، وأخرى قيل أنها متعلقة بالمؤسسة التي يعمل بها هؤلاء، الأمر الذي أدى لفقدان مئات منهم وظائفهم خلال الأشهر الماضية، وتهديد من تبقى منهم بالمصير نفسه.

وتأتي هذه الإجراءات الجديدة بالتزامن مع توسيع الحكومة التركية رقابتها على المنظمات النشطة في سوريا، وإغلاق عدد كبير منها في جنوبي تركيا بحجة عدم موافقة عملها للترخيص الذي مُنحت لأجله، وإخلالها بالمصالح التركية.

إلا أن بعض العاملين في هذه المنظمات شككوا بهذه الأسباب، وأكدوا أن وزارة العمل التركية طلبت منهم مؤخراً بشكل رسمي توظيف 10 مواطنين أتراك مقابل كل أجنبي يعمل في المنظمة، كشرط للموافقة على تجديد الإقامات.

خيارات

تقول مصادر مطلعة فضلت عدم الكشف عن هويتها إن أغلب المنظمات الدولية التي تعمل حالياً في سوريا ولها مكاتب تنسيق في تركيا مثل (سيريا ريليف و سيف تشلدرين وIRS، ACTED،GOLD ، IMC ، MRSF) بالإضافة إلى عدة منظمات محلية سورية أخرى، تلقت رسائل بضرورة مراعاة الشروط التركية الجديدة للسماح بعملها أو إغلاقها.

وقد تسبب عدم تجديد إقامات العمل للموظفين السوريين بتسريحهم، ومن تابع عمله وإقامته منتهية تعرضت مؤسسته لغرامات مالية كبيرة، وهو ما يعني أن أمام هذه المؤسسات خلال الفترة القادمة خياران فقط: إما الاستجابة للشروط التركية وتخفيض عدد الموظفين السوريين والاعتماد على أتراك بدلاً عنهم، أو إغلاق المكاتب في تركيا والانتقال إما إلى الداخل السوري أو لإحدى دول الجوار، وفقاً للمصادر.

وتكمن المشكلة الأساسية في صعوبة تحقيق الشروط التركية نظراً للنسبة الكبيرة المفروضة خاصة أن عمل هذه المنظمات مختص بالشأن السوري، ويعتمد على إقامة مشاريع تنموية ومتابعة عملها، وتقديم إغاثة لأهل الداخل، وإجراء زيارات ميدانية وهو ما يصعب على الموظفين الأتراك القيام به.

لماذا؟

حول أسباب تغيير السلطات التركية أساليب تعاملها مع المنظمات قال رئيس “تجمع المحامين السوريين الأحرار” غزوان قرنفل في تصريح لـ “صدى الشام”: “ليس هناك تعليمات جديدة معلنة بهذا الشأن”، معتبراً أن رفض تجديد الإقامات “لا يرتبط بالشخص نفسه، بقدر ما هو مرتبط بالمنظمة التي يعمل بها، ومصدر تمويلها، وطبيعة النشاط الذي تقوم به، ومكان تنفيذه ومدى الشفافية في الإعلان عنه، بحيث يتطابق ما تعلن عنه المنظمة، مع ما تعلمه السلطات التركية بموجب تحرياتها الخاصة”.

وراى قرنفل أن ما يجري في هذا الإطار “مرتبط بالمصالح الأمنية والوطنية التركية” وهي الجانب الأساسي الذي يحكم أي قرار جديد، وفق قوله.

وكانت السلطات التركية أعلنت بعد محاولة الانقلاب إغلاق 370 منظمة غير حكومية بسبب صلتها بالإرهاب، كما سحبت قبل أشهر قليلة أيضاً الترخيص من منظمة المساعدات الإنسانية الدولية “ميرسى كوربس- فيلق الرحمة” وأجبرتها على وقف نشاطها تجاه اللاجئين السوريين.

لا مراعاة للظروف

 لا يتوقف تأثير القرارات التركية الأخيرة على قطاع المنظمات فقط وفق ما يؤكده العديد من السوريين بل يتعداه إلى عشرات الشبان الآخرين الذين يعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على شركات تجارية سورية أنشأت حديثاً في تركيا، ويعتقد الكثير من هؤلاء أن عدم وجود آلية واضحة تحقق للعمال السوريين استقراراً في سوق العمل سيظل يشغل بال هؤلاء لاسيما مع كثرة القرارات التي تتخذ بحقهم بين ليلة وأخرى.

ورغم أن قطاع المنظمات هو المتضرر حالياً بالدرجة الأولى إلا أن سوق العمل للسوريين لا يزال يصطدم بالكثير من العواقب أبرزها الشروط التركية الجديدة  التي باتت تعامل السوري كمستثمر أو عامل أجنبي بعيداً عن الظروف الإنسانية التي اضطرته للنزوح.

فبحسب إحصائية تركية صدرت بداية العام الحالي أنشأ السوريون في تركيا منذ بداية العام 2011 أكثر من 4000 آلاف شركة تجارية في عموم البلاد.

لكن هذه الشركات تواجه خلال الفترة القادمة امتحاناً آخر يتمثل بتحقيق شرط جديد مماثل لوضع المنظمات وهو توظيف أتراك بنسب محددة، إلى جانب العمالة السورية، وهو ما سيؤدي بهذه الشركات إلى الإغلاق الفوري الناجم عن الإخلال بالشروط التي أقرتها القوانين الجديدة في حال عدم التنفيذ.

وتكمن صعوبة تنفيذ هذه الشروط في الكلفة المادية المضاعفة التي ستتحملها تلك الشركات غداة تحقيق هذه الشروط للاستمرار في العمل، كما سيعني في الوقت ذاته تسريح موظفين سوريين للتخفيف من النفقات والعدد المحتمل للموظفين الأتراك.

يشار إلى الوضع القانوني للسوريين في تركيا يندرج في فئتين إحداها وضع الحماية الإنسانية وهو من وصل إلى تركيا من سوريا بشكل مباشر ويتمتع بحق البقاء في تركيا و الحصول على العلاج والمساعدات بشكل مجاني بينما يعاني من صعوبات في تأمين فرص عمل بسبب حاجته إلى إذن من السلطات، وفئة ثانية وصلت إلى تركيا عبر المعابر الرسمية وحصلوا على إقامات (عمل أو سياحية).



صدى الشام