صالح القلاب يكتب: «أستانة» فشل ولا جديد!


صالح القلاب

ليس مستغرباً أن يفشل اجتماع أستانة الأخير، الذي قاطعته جبهة الجيش الحر الجنوبية، فـ “الأجندات” المتعددة بقيت مختلفة ومتضاربة، وكما كانت عليه في كل الجولات السابقة، وموازين القوى على الأرض وفي جبهات القتال لم يطرأ عليها ما يجعل الروس يتحكمون بهذا المسار ويملون شروطهم وشروط حلفائهم، وخاصة الإيرانيين، على الثورة السورية، وأيضاً على الولايات المتحدة الأميركية وتركيا.

لقد أراد الروس من هذا الاجتماع “شطْب” مسار جنيف نهائياً، وتحويل مشروع “المناطق” ليست الآمنة، بل الأقل توتراً، إلى واقع نهائي، وعلى أساس أن تصبح هذه المناطق مجرد أجرام تدور حول دمشق العاصمة، ويديرها عملياً نظام بشار الأسد الذي لا قرار له لا في هذا المجال ولا في غيره، حيث إن القرار بالنسبة إلى كل شيء في سورية للروس والإيرانيين.

قبل هذا الاجتماع وعشية انعقاده، كانت المعارضة السورية بكل فصائلها قد تعرضت لضغوط فعلية شديدة من الروس ومن غيرهم للذهاب إلى “أستانة” والموافقة على كل ما سيطرح فيها، وحقيقة كانت هناك مخاوف من أن الأتراك قد يكونون متورطين في هذه المناورة (المؤامرة)، وبالذهاب في النهاية إلى تقسيم هذا البلد العربي على أساس هذه المناطق الأقل توتراً، وبحيث تكون هناك مرحلة انتقالية تخضع خلالها دمشق وجوارها للروس والإيرانيين، وكي يبقى نظام الأسد إن ليس للأبد فلفترة طويلة.

لكن ثبت أن الذين ذهبوا إلى الاجتماع، (اجتماع أستانة الذي فشل فشلاً ذريعاً، والذي لم يخرج عملياً بأي شيء)، من ممثلي فصائل الشمال في المعارضة السورية لا تختلف مواقفهم عن مواقف إيران، وكل هذا وقد اتضح أن للولايات المتحدة والأردن موقفاً مخالفاً لا يمكن تجاوزه أو القفز من فوقه.

وقد طرأت مستجدات كثيرة بالنسبة إلى ما يسمى “الأزمة السورية”، إذ يلاحظ أن الفرنسيين قد “انقلبوا” على الموقف الأخير لرئيسهم إيمانويل ماكرون، وأنهم بينما كان اجتماع أستانة يصطدم بعقبات ويقف أمام أبواب كلها مغلقة قد أعلنوا، بلسان ناطق باسم الدولة الفرنسية، أنه من غير الممكن التوصل إلى حل لهذه الأزمة مادام بشار في موقع المسؤول.

والواضح أن كلمة السر بالنسبة إلى هذا الاستعصاء كله هي أن الإدارة الأميركية “لا تزال” لم تُعط الرئيس فلاديمير بوتين ولو بعض ما يطلبه ويطالب به في “القرْم” وأوكرانيا وبعض دول البلطيق وفي أوروبا الشرقية، وأيضاً في “القطر العربي السوري” نفسه… مما يعني أن الحل المطلوب المُنْصف لهذه الأزمة لا يزال بعيداً، وأن آلة الدمار في هذا البلد ستستمر في الدوران فترة طويلة.

المصدر: الجريدة

صالح القلاب يكتب: «أستانة» فشل ولا جديد!




المصدر