تأويلات مزاجية تحكم قوانين الهجرة الأميركية


روشان بوظو

تتعرض سياسة الولايات المتحدة، تجاه قضايا اللجوء، لانتقادات شديدة من الأوساط الحقوقية والسياسية الأميركية، وخصوصًا أنها ترفض استقبال لاجئين، ومن سورية على وجه الخصوص، وتحول الجدل إلى سجال عامّ حول سياسات الولايات المتحدة وتعاملها مع حلفائها، وحول آلية التعامل مع قضايا اللجوء، ضمن قوانين رخوة قابلة للتأويل والتعديل وفق مزاج مسؤول الهجرة.

في شرح آلية عمل قانون اللجوء، قال المحامي جيسون دزوبو، المختص بقضايا اللجوء وصاحب موقع (ذا اسايلمست) المعني بشرح قوانين اللجوء، لـ (جيرون): “بعد أحداث أيلول/ سبتمبر 2001، أقرّ الكونغرس الأميركي توسيعًا كبيرًا لصلاحيات قانون الهجرة السابق، ليمنع أي جماعة إرهابية من استغلال نظام الهجرة الأميركي، حيث يمكن لأي جماعة، استخدمت سلاحًا لأي غرض آخر غير المكسب النقدي الشخصي، أن تُصنّف، بموجب هذا القانون، منظمة إرهابية. وهذا يشمل المنظمات التي لم تُفكّر فيها حكومة الولايات المتحدة بوصفها منظمات إرهابية، لأن أنشطتها تتفق مع أهداف سياستنا الخارجية، وعَدَّ هذا القانون أن تقديم كأسٍ من الماء -وإن كان تحت تهديد السلاح- لأي مجموعة إرهابية، هو دعم مادي، والمشكلة أن الكثير من الأشخاص، في ظل هذه القواعد، سيُصنَّفون كإرهابيين أو كداعمين للجماعات الإرهابية، حتى إنّ الكاتب الحائز على جائزة نوبل “إلي ويسل” الناجي من المحرقة اليهودية سيُعدّ داعمًا للإرهاب؛ لأنه أُجبِر على العمل في  معسكرات عمل الرقيق في المعسكرات النازية!”.

وأضاف دزوبو: “إن منع الإرهابيين ومؤيديهم من دخول الولايات المتحدة هدفٌ مهمٌ دون شك، لأنه يحمي بلدنا، ويحمي نظام الهجرة واللجوء لدينا، ولكن بندَ الدعم المادي فضفاض جدًا وغير قادر على التمييز بين الإرهابيين وضحاياهم، والأسوأ من ذلك أنه يُعامل الضحايا وكأنهم إرهابيون”.

ودعا إلى: “العمل على تغيير هذا القانون من أجل إصلاح الهجرة. وآمل أن نأخذ بالحسبان أولئك الذين وقعوا ضحايا للإرهابيين وضحايا مرةً ثانية، بسبب قانوننا الواسع لمكافحة الإرهاب”.

من جهته قال المحامي ستيفين شولمان، المختص في قضايا اللجوء وحقوق الإنسان: “على الرغم من أن قانون الهجرة واسع وصارم في تصنيفه للإرهاب، حيث يشمل القانون -عدا عن المجموعات المصنفة من قِبل الولايات المتحدة- أيَّ مجموعة من شخصين أو أكثر يستخدمون الأسلحة من أجل مكاسب غير نقدية، ولا يُعطي هذا القانون الحق للوكالة أو المحكمة بتحديد ما إذا كانت هذه المجموعات تعمل بشكل يتماشى مع مصالح الولايات المتحدة أم لا، لكن يحق لوزراء الدولة والأمن الداخلي، بالتشاور مع النائب العام، أن يأذنوا بإعطاء إعفاءات من التهم المرتبطة بالإرهاب، لبعض المجموعات على أرضية عدم تطابق هذه التهم”.

وأكد شولمان أنه “تم تنفيذ ذلك بالفعل مع عدة مجموعات، من بينها المجلس الوطني العراقي والحزب الديمقراطي الكردي وغيرهم، ولم يُقدَّم أي استثناء للسوريين حتى هذه اللحظة، وبحسب خبرتي في هذا المجال، فإن عملية الحصول على استثناء عملية شاقة، وتتطلب كثيرًا من الجهد، وعلى الرغم من المطالبات العديدة الحقوقية والإنسانية الساعية لتخفيف حدّية قانون الهجرة، إلا أن هذه معركة صعبة جدًا داخل الكونغرس، ومن الصعب أن تُنفّذ بين ليلة وضحاها”.

وكان المعارض السوري رضوان زيادة قد شارك في تنظيم مؤتمرات في تركيا تحت رعاية أميركية، حضرتها شخصيات من قادة الجيش السوري الحر وأعضاء المجلس الوطني، وهو ما عدّه مسؤول الهجرة الأميركية تمويلًا ماديًا لجماعات عنفية؛ وبناء عليه رُفض منح المعارض السوري حق اللجوء في الولايات المتحدة. وحول قانون الهجرة الأميركي هذا، قال زيادة لـ (جيرون): “صدر هذا القانون، بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، ويتضمن الكثير من الشروط الفضفاضة، ومنها التعامل مع منظمات غير مصنفة كمنظمات إرهابية، لكنها قد تكون ارتكبت أعمالَ عنف تجعلها تُصنّف إرهابية تحت معيار اثنين وثلاثة، وهذا التصنيف الذي يعملون على تطبيقه على الجيش السوري الحر، وهذا القانون يمنع تقديم أي مساعدة نقدية لهذه المجموعات”.




المصدر