نيو يورك تايمز: روسيا تستخدم سلاحًا قويًا في سورية: حافز الربح


أحمد عيشة

دخان متصاعد من حقل نفطي بالقرب من حمص، سورية، في شباط/ فبراير، بينما القوات الحكومية تتقدم نحو المدينة. وكالة الصحافة الفرنسية -صور جيتي

نقلت وسائل الأنباء الروسية أنَّ الكرملين سيحضر سلاحًا جديدًا لمكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية، باستخدام حوافز قائمة على السوق، مرتبطة بحقوق النفط والتعدين، لمكافأة المقاولين الأمنيين الخاصين الذين يؤمنون الأراضي من المتطرفين.

وحتى الآن، من المعروف أنَّ شركتَين روسيتَين تلقتا عقودًا بموجب السياسة الجديدة، وفقًا للتقارير، وهما: (إفرو بوليس) Evro Polis التي من المقرّر أنْ تتلقى أرباحًا من آبار النفط والغاز التي تستعيدها من “الدولة الإسلامية”، باستخدام جنود متعاقدين، و(ستروي ترانس غاز) التي وقعت صفقة استخراج الفوسفات، من موقع كان تحت سيطرة المتشددين في ذلك الوقت.

وتُعدّ الاتفاقات المبرمة مع الحكومة السورية حوافزَ للشركات التابعة لمقاولي الأمن الروس الذين يقال إنهم يستخدمون نحو 2500 جندي في البلاد لطرد “الدولة الإسلامية”، المعروفة أيضا باسم (داعش)، خارج أراضٍ قريبة من تدمر، في وسط سورية.

معظم الحروب، في الشرق الأوسط، يُشتبه في وجود بعض الأشكال من الصفقات، ولكن نادرًا ما تكون صريحةً، كما هو الحال في العقود الروسية.

قال إيفان ب. كونوفالوف، مدير مركز دراسات الاتجاهات الاستراتيجية، عبر الهاتف، عن هذه الصفقات التي وُقّعت، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي: “إنَّ الأمر بسيط ٌجدًا، طالما كانت الشركة توفر الأمن، يتوجب على البلد الذي يحصل على تلك الخدمة أنْ يدفع، وليس مهمًا كيف يتم الدفع”.

وفي صفقة النفط، ستحصل شركة (إيفرو بوليس) Evro Polis التي تشكلت في الصيف الماضي، على حصة بنسبة 25 في المئة من النفط، والغاز الطبيعي المنتج على الأراضي التي تستعيدها من (داعش)، وفقا لما ذكره الموقع الإخباري،Fontanka.ru . ويوجد لدى الموقع سجلٌ من التقارير الدقيقة عن شركات الأمن الخاصة في روسيا.

وكانت آخر مقالة في موقع (فونتانكا) حول هذا الموضوع، ونشرت الأسبوع الماضي، وضحت كيف كانت تتعاون (إيفرو بوليس) مع مجموعةٍ أمنية خاصة غامضة، تسمى (فاغنر) Wagner، وهي التي تقترح العقوبات الأميركية أنها قدمت أيضًا جنودًا متعاقدين للحرب في أوكرانيا.

وتختلف هذه الصفقة عن الممارسات الشائعة في شركات النفط، والشركات الأخرى التي تستعين بمصادر خارجية للأمن في المناطق الساخنة في الشرق الأوسط، وأماكن أخرى. وذكرت المقالة أنَّه، بموجب العقد، فإن الأمر ليس مجرّد حراسةٍ للآبار، ولكن سيتوجب استعادتها أولًا.

وأضافت: إن “هذا الاتفاق يعود إلى زمن فرانسيس دريك، وسيسيل رودس”، مشيرةً إلى شخصيتَين من تاريخ بريطانيا، مزجت حياتهما المهنية بين الحرب والمنفعة الخاصة.

شركة (إفرو بوليس)، وفقًا لسجلات موقع (فونتانكا) وسجلات الشركات العامة في روسيا، هي جزءٌ من شبكة من الشركات التي يملكها يفغيني بريغوزين، رجل الأعمال من سانت بطرسبورغ، وهو مقرّب من الرئيس فلاديمير بوتين، والمعروف باسم “شيف الكرملين” لعقوده في الخدمات الغذائية الحصرية مع الإدارة. كما توفر شركته (كونكورد كاتيرينغ) الغذاءَ للعديد من المدارس الحكومية في موسكو، وفقًا لما ذكرته التقارير الإخبارية الروسية.

وأفاد صحفيون أنَّ السيد بريغوزين شارك في تجربةٍ روسية حديثة أخرى، لاستعادة النفوذ في الخارج، مع إبقاء التكاليف متدنية: فقد أنشأ مصنع ما يسمى “المتصيدون” على الإنترنت في سانت بطرسبرغ، وهو مكتبٌ مكتظ بالأشخاص الذين يتقاضون أجورًا منخفضة، وفق هوياتٍ غير حقيقية للتأثير على الرأي العام في البلدان الأجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة.

في الشهر الماضي فرضت وزارة الخزانة في واشنطن عقوباتٍ على ديميتري أوتكين مؤسس (فاغنر)، وهي المجموعة الأمنية الخاصة التي ذكر التقرير أنها ستستعيد آبار النفط والغاز السورية لصالح (إيفرو بوليس). بين موقع (فونتانكا) أولًا علاقة السيد أوتكين بفاغنر، في مقال في عام 2015.

وفي الصفقة الأخرى، فازت شركة الطاقة الروسية (ستروي ترانس غاز) بحقوق استخراج الفوسفات في وسط سورية، بشرط أنْ تؤّمن موقع المناجم، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الروسية.

شركة (ستروي ترانس غاز) التي يملكها روسيٌّ آخر، والواقعة تحت عقوبات الولايات المتحدة، غينادي تيمشينكو، وقعّت اتفاقًا مع الحكومة السورية؛ لاستئناف استخراج الفوسفات من منجم الشرقية الذي كان تحت سيطرة (داعش) في ذلك الوقت. وبموجب الاتفاق، يقوم مقاولٌ عسكري روسي خاص مجهول، بحراسة الموقع.

في هذه الحالة، قام الجنود الروس والإيرانيون والسوريون -بدلًا من مقاولي القطاع الخاص- بالعمليات التي طردت مقاتلي (داعش)، في أيار/ مايو، من موقع التعدين.

وتوقع التقرير أن ترسو سفينة روسية محملة بمعدات تعدين، في مدينة طرطوس الساحلية السورية، حيث تمتلك روسيا قاعدةً بحرية حتى قبل بدء العملية العسكرية.

ولم يعلق المسؤولون الروس علنًا ​​على أي صفقة، كما لم تردّ وزارة الطاقة الروسية على أسئلةٍ مكتوبة، حول صفقة النفط والغاز المعلن عنها، ولم يرد مالك إيفرو بوليس على رسالةٍ إلكترونية مرسلة إلى عنوان مدرج في سجلات الشركة.

وردًّا على سؤال حول مكالمة هاتفية مع الصحافيين حول اتفاق النفط السوري، قال ديميتري س. بيسكوف، السكرتير الصحفي للكرملين: “نحن لا نراقب بعض الأنشطة الاستثمارية” للشركات الروسية في الخارج.

وقال المحلل العسكري السيد كونوفالوف: إنَّ الحكومة السورية أكثر استعدادًا لعقد مثل هذه الصفقات، وتداول الموارد الطبيعية مقابل الأمن. وأضاف: “إنهم يحصلون على الجانب الأفضل من هذا العقد، إنهم يحصلون على مشاركتنا في القطاع الأمني ​​في سورية، وهذا أمرٌ مفيدٌ جدًا”.

وأشار تقرير موقع (فونتانكا) إلى أنَّ المقاولين الأمنيين الروس قد وضعوا الاتفاق بالفعل موضع التنفيذ، وباشروا القتال لطرد “الدولة الإسلامية” من حقول الغاز الطبيعي بالقرب من تدمر.

الروس يتدربون ويقاتلون جنبًا إلى جنب مع وحدة من الجيش السوري، تسمى (صيادي داعش)، ويُرَوّج لهم على نطاقٍ واسع، في وسائل الإعلام الإخبارية الروسية. وتقرير فونتانكا مرتبطٌ بمقطع فيديو تم تصويره بكاميرا يرتديها جندي ناطق بالروسية مع (صيادي داعش) في أثناء معركة نارية في الصحراء. “بكلّ ودّ، لا تطلق النار”! صاح الجندي باللغة الروسية، على ما يبدو، ينادي على الجنود الروس الآخرين في مكان قريب.

اسم المقال الأصليRussia Deploys a Potent Weapon in Syria: The Profit Motive
الكاتبأندرو كرايمر، Andrew Kramer
مكان وتاريخ النشرنيو يورك تايمز، The New York Times، 5/7
رابط المقالةhttps://www.nytimes.com/2017/07/05/world/middleeast/russia-syria-oil-isis.html?_r=0
ترجمةأحمد عيشة



المصدر