مدنيو الغوطة الشرقية بين سندان الحصار ومطرقة النزاعات


وليد الحمصي: المصدر

أوضح مدنيون ونشطاء من الغوطة الشرقية أن منطقتهم تعاني من صعوباتٍ على كافة الأصعدة نتيجة الحصار الذي يفرضه النظام، وتهديدات الاقتتال الداخلي بين الفصائل.

وقال “محمود الشامي”، أحد أبناء الغوطة الشرقية ويبلغ من العمر 30 عاماً، إن الأهالي يعانون بشكل كبير بسبب الحصار المفرض على الغوطة الشرقية الذي أدى لانعدام المواد الطبية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.

وأضاف الشامي في حديث لـ (المصدر)، أن المواد الغذائية لا تتوفر في الأسواق، وإن وجدت فهي بأسعار مرتفعة بسبب دخولها عن طريق تجار تابعين للنظام أو المهربين، مشيراً إلى أن عائلته تعجز عن شراء حاجياتها بشكل كامل بسبب الغلاء.

وتابع بأنه لا يتوفر في بلدته أي صيدلية خاصة إنما يضطر الأهالي لمراجعة المشافي الميدانية لأخذ الأدوية، لافتاً إلى أن معظم هذه الأدوية تكون منتهية الصلاحية.

وأشار إلى أنه ما زاد معاناته هو اقتتال الفصائل في الغوطة، وإنشائها الحواجز بين المدن والبلدات، مؤكداً أنه لم يعد يأمن التنقل مع أسرته لمسافات كبيرة بسبب تعدد الحواجز وفوضى السلاح ونزاعات الفصائل.

ونوّه الشامي إلى أنه يخشى في الأيام القادمة أن يتم تهجيرهم من مدنهم كما حصل في باقي المناطق المحاصرة، مطالباً الفصائل بترك الخلافات الداخلية وحماية الجبهات.

وفي السياق، قال الطبيب “أيمن الدروبي” العامل في المكتب الطبي الموحد في منطقة المرج، إن منطقة الغوطة الشرقية قد تقبل على كارثة إنسانية بسبب انعدام أدوية السكري والقلب والأمراض المزمنة، بالإضافة لـ أدوية الأطفال، موضحاً أن معظم الأدوية التي تعطى للمرضى منتهية الصلاحية تعطى على مسؤولية المريض.

وأضاف الطبيب الدروبي في حديث لـ (المصدر)، أن شخصين توفوا من أصحاب مرضى الكلى بسبب عدم توفر الأدوية اللازمة لهم، مشيراً إلى أنه يوجد في منطقة الغوطة الشرقية 4 أجهزة لغسيل الكلى فقط، تتعطل بشكل مستمر بسبب ضغط العمل عليها.

وأشار الطبيب إلى أن النظام سمح بدخول دفعة من الأدوية لكنها لا تكفي لـ 10 في المئة من أهالي الغوطة الشرقية، منوهاً إلى أن لقاحات الأطفال تشكل عبئاً أيضاً على المنظومة الطبية لعدم توفرها وخطورة إصابة الأطفال بأمراض قد تودي بحياتهم.

هذا قال الناشط الإعلامي “كمال الشامي”، إن النظام سمح بإدخال بعض المواد الغذائية إلى مدينة دوما في الغوطة الشرقية عبر شركة “المنفوش”، وهي شركة تابعة للنظام، وذلك بعد إبرام اتفاق بدخول المواد الغذائية فقط إلى مدينة دوما، في محاولة منه لشق الصف الداخلي وخلق نزاعات داخلية.
وأضاف الناشط الشامي في حديث لـ (المصدر)، أن المواد الغذائية شهدت مؤخراً ارتفاعاً كبيراً بالأسعار، حيث وصل سعر كيلو الرز إلى 2000 ل.س، ومثله البرغل والسكر، فيما سجلت المحروقات أعلى نسبة، حيث وصلت جرة الغاز إلى 45 ألف ل.س، ولتر المازوت إلى 3000 ل.س، لافتاً إلى أن حليب الأطفال يشكل العقبة الكبرى لدى معظم العائلات لعدم توفره بشكل نهائي.

وتابع الناشط قائلاً إن معظم المدنيين في الغوطة الشرقية يعانون من البطالة بسبب تعطل أغلب المهن اليدوية وعدم توفر المواد للعمل، فيما يعاني الفلاحون من تلف أغلب محاصيلهم من الفاكهة كـ المشمش والإجاص والدراق، بسبب عدم سماح النظام لهم بالبيع خارج الغوطة الشرقية.

ونوّه إلى أن نزاعات الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية يشكل عبئاً إضافياً على المدنيين بسبب انقسام الغوطة إلى قطاعات يقع كل منها تحت سيطرة فصيل معين.

وأشار إلى أن النزاعات لا تقتصر فقط على المواجهات العسكرية، إذ رفعت السواتر الترابية وأغلقت بعض الطرقات بين مناطق سيطرة كل طرف من الأطراف المتنازعة، مما دفع المدنيين للخروج في مظاهرات تنديداً بالتضييق الذي يزيد من وطأة حصار النظام السوري المفروض على الغوطة منذ ما يقارب خمسة أعوام.

وبدوره صرح المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة “ستيفان دو جاريك”، في 11/04/2017 أن منظمته لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاء تدهور الوضع الأمني والإنساني للمحاصرين في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وأضاف ستيفان أن الإمدادات التجارية والإنسانية لا تزال ممنوعة من الوصول إلى الغوطة الشرقية -التي تضم نحو أربعمئة ألف مدني، مما أدى لارتفاع كبير بأسعار السلع الأساسية، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة لم تتمكن منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي من دخول الغوطة الشرقية المحاصرة.

وحث دو جاريك أيضاً جميع أطراف النزاع على الالتزام بحماية المدنيين والبنية الأساسية المدنية، بما يقتضيه القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.

وأشار إلى تأثر المرافق الأساسية من مراكز طبية ومدارس وغيرها بالحصار الذي يحول دون دخول الإمدادات الغذائية والطبية، فضلاً عن القصف والقتال على أطراف المنطقة التي تضم مدنا وبلدات مكتظة بالسكان من بينها مدينة دوما.

وكان قد فرض النظام حصاراً خانقاً على منطقة الغوطة الشرقية التي تأوي ما يقارب 400 ألف نسمة معظمهم من النساء والأطفال أواخر عام 2013، بعد بسط سيطرته على منطقة عدرا العمالية.





المصدر