معهد واشنطن: حركة نزوح نشطة داخل سورية


جيرون

أعلن مكتب المفوض السامي، للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنّ ما يقرب من نصف مليون سوري عادوا إلى ديارهم بين شهرَي كانون الثاني/ يناير، وأيار/ مايو 2017. واتّسم تقرير المفوضية بلهجة متفائلة إزاء احتمال عودة الملايين إذا ما تعزّز السلام والاستقرار في سورية، إلا أن دراسة تحليلية صادرة عن معهد (واشنطن) تثبت أن الرقم الذي أُعلن عنه مبالغ فيه، وأن “أكثر من ثلثي العائدين إلى ديارهم هم نازحون داخل سورية، وليسوا لاجئين”، كما جاء في تقرير المفوضية.

أكدت الدراسة الصادرة عن المعهد أخيرًا أن “443 ألفًا من العائدين هم في الواقع مشردون داخليًا، وما زالوا يعيشون في سورية، من أصل 6.3 ملايين مشرّد داخلي مسجل. وكان 31 ألفًا منهم لاجئين فقط، يعيشون خارج سورية، قد فروا إلى البلدان المجاورة (لبنان وتركيا والعراق ومصر والأردن). وعلاوةً على ذلك، حتى مع عودة عدد قليل من اللاجئين إلى سورية، لا يزال عدد اللاجئين الذين يخرجون منها يزداد بنسبة أكبر، وهو واقع ناجم إلى حد كبير عن استمرار عدم الاستقرار في جميع أنحاء البلاد. ففي الفترة بين كانون الثاني/ يناير، وأيار/ مايو 2017، ارتفع عدد اللاجئين السوريين المسجلين، من 4.9 ملايين إلى 5.1 ملايين”. وفقًا لـلمفوضية.

وأوضحت دراسة المعهد أن مفهوم المشرّدين داخليًا أوسع بكثير من مفهوم اللاجئين “إذ يشمل كل من غادر منزله أو سافر مسافات قصيرة جدًا أو طويلة جدًا، وبالطبع من شأن الانتقال إلى مسافات أقصر أن يعزز احتمال العودة”.

ومن بين العائدين الذين دوّنت المفوضية أسماءَهم “مئات المشردين داخليًا الذين كانوا يقيمون غرب حلب إلى شرقها، في حين عاد المشردون داخليًا الذين أقاموا في ضواحي دمشق إلى القابون أو قدسيا، عندما أعاد الجيش السوري احتلالَ هاتين المنطقتين في خريف عام 2016”.

وعن العوامل التي تؤدي إلى تعقيد العودة إلى سورية ذكر التقرير: “ما تزال العقبة الرئيسة أمام العودة هي انعدام الأمن؛ غير أن هذه النظرية تختلف وفقًا للأصل الجغرافي، والمستوى الاجتماعي- الاقتصادي، وبطبيعة الحال، احتمال الضلوع في مقاومة النظام السوري. ومع ذلك، فإن عاملًا مشتركًا يجمع كافة الرجال السوريين الذين تراوح أعمارهم بين 15 و45 عامًا، ألا وهو الخوف من تجنيدهم في صفوف الجيش السوري أو جماعات المعارضة أو (قوات سورية الديمقراطية) الأكبر حجمًا، وفقًا لمكان إقامتهم؛ وبالتالي، لا تزال العديد من الأسر تفضّل مغادرة سورية، بصورة احترازية، عندما يشارف أبناؤها على بلوغ الثامنة عشر من العمر، وهو سنّ التجنيد الإجباري. وطالما أن القتال مستمر، فسيواصل اللاجئون الهربَ من البلاد، وستكون عودة أعداد كبيرة منهم محدودة. وعند انتهاء القتال، لن يكون هناك شيء يُطمئن مئات الآلاف من الفارين من الخدمة العسكرية سوى العفو وحده”.

أما فساد المسؤولين السوريين، فيشكّل السبب الثاني لبقاء اللاجئين في البلدان المجاورة، ومنها لبنان، وفقًا للتقرير الذي نبه إلى أن السوريين في لبنان “يعيشون أوضاعًا غاية في القساوة إلا أن خوفهم من الاعتقال التعسفي يحول دون عودتهم إلى سورية”. مستشهدًا بقصص للاجئين في لبنان، كانوا معتقلين لدى أجهزة النظام، “أُرغموا على دفع مبالغ كبيرة للاستخبارات السورية، مقابل الإفراج عنهم، على الرغم من علاقتهم الجيدة مع السلطات السورية، فضلًا عن الخوف من الاختطاف بالنسبة لأبناء الأُسر الغنية، وأولئك الذين لديهم أسَرٌ تعيش في الخارج”.

نبه التقرير إلى أن الأحوال المعيشية الصعبة في سورية (عدم توافر الخدمات الرئيسة من مياه وكهرباء) والتدهور الاقتصادي، يحولان دون عودة عدد كبير من اللاجئين حتى الذين لم تتعرض بيوتهم وأملاكهم للدمار. ولفت إلى أن قرار “العودة إلى سورية، بالنسبة لكثير من السوريين، يعني التخلي عن وضعهم كلاجئين، ومن ثم إمكانية الهجرة إلى بلد آخر، في الوقت الذي تتنامى الرغبة في الهجرة بشكل إضافي، بسبب ملايين اللاجئين السوريين الجدد منذ عام 2012 الذين يعيشون في البلدان الشمالية (معظمهم في ألمانيا والسويد وكندا) والذين يشاركون تجربتهم مع أقاربهم”.

أوردت دراسة المعهد آخرَ استطلاع أجرته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، حول رغبة اللاجئين السوريين في العودة إلى بلدهم، وأظهر أن “6 في المئة فقط من اللاجئين السوريين يريدون العودة إلى بلادهم في المستقبل القريب، في حين يقول 8 في المئة إنهم لن يعودوا أبدًا”.




المصدر