السودان والمناطق المحررة تشكّل حلاً .. “ضرائب الوافدين” في السعودية تضيّق خيارات السوريين


بدأت المملكة العربية السعودية اعتباراً من بداية شهر تموز الجاري بتطبيق ضريبة على “المرافقين والمرافقات” للعمالة الوافدة، والتي أقرها مجلس الوزراء ضمن برنامج التوازن المالي، بواقع 100 ريال كرسم شهري على كل مرافق للعمالة الوافدة في السعودية، دون استثناء لأي جنسية بما فيها التي تشهد بلدانها حروب مثل سوريا واليمن.

وتعتبر هذه الضرائب غير مسبوقة في تاريخ المملكة كونها ستتضاعف كل عام، حيث سيكتفى العام الحالي بتحصيل 100 ريال عن كل مرافق فقط. أما في عام 2018 فسيتم تطبيق رسوم إضافية على الأعداد الفائضة عن أعداد العمالة السعودية في كل قطاع بواقع 400 ريال شهرياً عن كل عامل وافد، فيما ستدفع العمالة الأقل من أعداد العمالة السعودية 300 ريال شهرياً، وسيدفع كل مرافق 200 ريال شهرياً في هذا العام.

ويرتفع هذا المبلغ عام 2019 ليصبح 600 ريال للعمالة الوافدة في القطاعات ذات الأعداد الأقل من السعوديين، وفي القطاعات ذات الأعداد الأعلى من السعوديين إلى 500 ريال شهرياً، على أن يرتفع مقابل كل مرافق إلى 300 ريال شهرياً.

تأثيرات

يعود سبب إقرار هذه الضريبة بحسب وزير المالية السعودي، محمد الجدعان إلى “تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في الميزانية بحلول 2020” حيث ستحصل المملكة مما يقارب 12 مليون أجنبي يقيمون على أرضها على زيادة بنسبة مليار ريال هذا العام، ليرتفع هذا الرقم إلى 65 مليار ريال بحلول عام 2020.

وحول تأثير هذه القرارات على الجالية السورية المقيمة في السعودية والتي يصل عددها إلى 2,5 مليون بعضهم يقيم منذ سنوات، قال محمد الصالح المدرس السوري في مدينة جدة، إنّ هناك صدمة حقيقية في أوساط السوريين جراء ما اعتبره “ترحيلاً قسرياً وغير مبرر لهم”.

وأوضح الصالح في تصريح لـ “صدى الشام” أنّ معظم السوريين هنا توقعوا أن يستثنوا من هذا القرار خاصة في ظل عدم قدرة معظمهم على العودة إلى بلادهم، لكن”ومع إقرار هذه الضريبة وتضاعفها بعد عام سيكون من المستحيل على الكثير منهم البقاء خاصة إذا علمنا أن معظمهم يقيم بصفة زائر، ما يرفع التكاليف لأرقام كبيرة لن يكون لدى معظمنا القدرة على تسديدها”.

ويتراوح متوسط دخل العامل السوري العادي في المملكة بين 2000 إلى 3000 آلاف ريال، ونظراً للمصاريف الشهرية في ظل الغلاء الذي طرأ على الحياة في المملكة مؤخراً، فسيصبح من الصعب على السوريين الاستمرار خلال الأعوام القادمة بعد هذه الزيادة، وفق قول المدرس السوري.

ويوضح الصالح أن الحرب أثرت بشكل كبير على السوريين كون الكثير منهم تورط باستقدام عائلته وربما أقربائه، ونظراً لصعوبة الحصول على إقامات عمل اضطر هؤلاء لاستقدامهم بصفة زائر، وهؤلاء يعانون كثيراً لإيجاد فرص عمل ويحصلون على أجور منخفضة، وبعبارة أوضح سيدفع هؤلاء ما يحصلون عليه كضرائب دون تأمين الحد الأدنى من معيشتهم.

احتمالات

أمام هذا الواقع الجديد يرى الخبير الإقتصادي ابراهيم اليوسف أن التأثيرات المحتملة ستضرب أولاً أصحاب الدخول المنخفضة في المملكة مثل العمال و ذوي الدخل المحدود الذين سيبادرون فوراً للبحث عن مكان جديد، كون المدفوعات لا تغطي النفقات.

ويوضح اليوسف الذي أقام في السعودية لما يناهز عشرة أعوام أنّ الإجراءات القانونية التي تعتمدها المملكة في هذا الشأن صارمة ولا إمكانية لأي أحد للتهرب من تجديد شرعية وجوده، ودفع الضرائب خاصة مع تكثيف الحملات الأمنية لهذا الشأن.

وحول الحلول التي يمكن للسورين اعتمادها أكدّ الخبير الاقتصادي أنه ومع إغلاق معظم الدول أبوابها بوجه السوريين وطلب فيزا للدخول ستكون أمام هذه الفئة وقت قليل وخيارات محدودة للبحث عن موطن بديل وقد تكون السودان الفرصة الأقرب لهم رغم ارتفاع تكاليف المعيشة بها.

ووصف اليوسف في تصريحه لـ “صدى الشام” الوضع بـ “كارثي” خاصة لمن لجأ إلى هذا البلد خلال السنوات الأخيرة فقط .

وطالب اليوسف في الوقت نفسه بالتركيز إعلامياً على وضع هؤلاء والضغط على الحكومة السعودية من قبل كافة الجهات الحقوقية المعنية لاستثناء المقيمين الذين تشهد بلدانهم حروباً كونهم يحملون صفة لاجئ وليس باحث عن العمل.

وخلال الأعوام الأخيرة تقلصت قائمة الدول التي تستقبل المواطنين السوريين بدون فيزا لاسيما العربية والمجاورة فبعد فرض لبنان وتركيا والأردن ومصر ودول الخليج قبلها تأشيرات على دخول المواطنين السوريين، وتطبيق إجراءات صعبة ومشددة على استقبالهم لم يعد متاحاً لهم حالياً إلا السودان وعدة دول في أفريقيا وأمريكا الجنوبية وشرق آسيا.

معبر للوصول

 طالب بعض السوريين في المملكة خلال الأيام الأخيرة بفتح ممرات لهم للوصول إلى المناطق المحررة في سوريا عبر تركيا أو الأردن.

وقال محمد نجار الذي لجأ إلى السعودية بشكل مباشر قبل عامين، إنه حاول مراراً التقدم للحصول على فيزا إلى تركيا بعد أن ضاقت به الأحوال في المملكة بسبب قلة فرص العمل والغلاء، مشيراً إلى أن جميع محاولاته باءت بالفشل.

وقال نجار” إذا كانت جميع الدول ترفض استقبالنا لماذا لا يوفرون لنا طريقاً للوصول إلى المناطق المحررة في سوريا؟ هل يريدون تسليمنا إلى النظام؟ في الحقيقة هذه الإجراءات تؤكد ذلك. ماذا سأفعل إذا لم أدفع هل سيتم ترحيلي إلى أجهزة النظام أم إلى السودان التي يعد وضعها أصعب من هنا؟

وأكدّ نجار لـ “صدى الشام” أن معظم العائلات المقيمة هنا ترغب بالعودة إلى بلدها لكنّ وضعها الأمني يحول دون ذلك، متمنياً في الوقت ذاته أن يتم اتفاق بين السلطات التركية والسعودية للسماح لمن يرغب بالسوريين بالوصول إلى المناطق المحررة كونها قضية انسانية.



صدى الشام