“حزب الله” يلتهم “لبنان واحة الحرية”


حيّان جابر

شهد لبنان، في الفترة الماضية، ممارسات عنصرية وتحريضية ضد اللاجئين السوريين على المستوى الرسمي، وصلت حد اعتقال 400 شخص من مخيمات عرسال، توفي بعضهم تحت التعذيب.

تمثل هذه الممارسات ناقوس خطر على اللبنانيين أيضًا، الأمر الذي يتطلب توحيد جهود الوطنيين السوريين واللبنانيين لمنع تكرار مثل هذه الحوادث والجرائم، بمختلف الطرق والوسائل والإجراءات القانونية، مثل المطالبة بتحقيق مستقل وعلني في الأسباب الحقيقية لوفاة المعتقلين، ومن ثم محاسبة المسؤولين عنها، سواء أكانت نتيجة للتعذيب أثناء التحقيق أم نتيجة لظروف أخرى كما ادّعى الجيش اللبناني.

هناك حاجة سورية إلى تصعيد خطاب الاحتجاج والإدانة الإعلامي والحقوقي والسياسي من أجل مواجهة هذه الممارسات القمعية واللاإنسانية والإجرامية في لبنان “حزب الله”. هناك حاجة لبنانية أيضا تنطلق أولًا من دوافع محلية من أجل التصدي لممارسات المؤسسة العسكرية المذكورة، وممارسات المؤسسة السياسية اللبنانية التي احتضنت هذه الممارسات. وثانيًا، بدافع أخلاقي تجاه إخوة وجيران دفعتهم ظروفهم وأوضاعهم في دولتهم إلى اللجوء إلى لبنان الدولة الأقرب لهم جغرافيًا وعاطفيًا. حيث يتحمل النظام السوري وحلفاؤه الإقليميون والدوليون، وعلى رأسهم “حزب الله” اللبناني، المسؤوليةَ السياسية والقانونية والأخلاقية عن مغادرة كثير من السوريين لقراهم وبيوتهم ومدنهم، والإقامة مؤقتًا في مخيمات اللجوء اللبنانية.

لا يمكن عزل الأحداث الأخيرة، بحق اللاجئين السوريين في عرسال، عن سلوك وممارسات الجيش اللبناني في حق اللبنانيين أنفسهم، ومنها -على سبيل الذكر لا الحصر- ما حصل أمام مجلس النواب اللبناني، قبل بضعة أسابيع من اعتداء القوات الأمنية والعسكرية المكلفة بحماية مجلس النواب على بعض الناشطين المدنيين والسلميين، وغيرها من مظاهر الاعتداء أو الصمت على اعتداء جهات وأطراف غير رسمية –زعران المافيا الحاكمة- على مرأى ومسمع القوات الأمنية والعسكرية أثناء الاحتجاجات اللبنانية الشعبية المتعددة مؤخرًا، كما لا يمكن غض النظر عن ممارسات “حزب الله” الإجرامية، وهو أحد أهم مكونات الدولة اللبنانية الحالية في سورية وفي لبنان، أبرزها احتلاله بيروت في 2008.

يشكل مجموع هذه الممارسات والإجراءات المرتكبة مؤخرًا بناءَ منظومة قمع واستبداد لبنانية ذاتية، لا تقل إجرامًا وعنفًا عن نظيرها السوري، وهي لن تتهاون في التصدي، بأقصى درجات العنف والإجرام، لأي تحرك يعارض سياسةَ المافيا الحاكمة أو يعيق فرض رؤيتها السياسية والاقتصادية، سواء كان العائق قادمًا من الحركات الاحتجاجية الشعبية أم من التواجد المؤقت لبعض اللاجئين السوريين وربما الفلسطينيين.

بيانات الدولة اللبنانية، ومكوناتها السياسية المنفردة التي تسارع دومًا إلى تبرير جميع سلوكيات المؤسسة العسكرية والأمنية القمعية والإجرامية، تعكس قابلية الدولة لسحق القانون والدستور اللبناني والدولي، في سبيل الحفاظ على مصالح وتوجهات مكونات الدولة الطائفية، وخصوصًا مكونها المسيطر في هذه المرحلة، والمتمثل في تحالف “حزب الله” والتيار الوطني الحر أو التيار العوني.

قد لا يملك السوريون اليوم –والفلسطينيون كذلك- الأدواتِ والمنابر القانونية من أجل التصدي لجميع الممارسات الإجرامية والقمعية والعنصرية الفردية والمنظمة التي تطال السوريين خارج سورية، ولا سيّما في لبنان؛ ولذلك يتطلب الأمر وجودَ عمق لبناني معارض ومحتج على هذه الممارسات، وواع للمناورات السياسية اللبنانية.




المصدر