واشنطن بوست: كيفية جعل هزيمة الدولة الإسلامية نهائية


أحمد عيشة

جنود عراقيون يحتفلون في وسط الموصل. (سترينجر/ وكالة الصور الصحفية الأوروبية)

بعد أشهرٍ من القتال الصعب في المناطق الحضرية، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، يوم الإثنين، النصر على “الدولة الإسلامية” في آخر معقلٍ استراتيجي لها في العراق. احتفل العراقيون في الشوارع، كما هتف الأميركيون كذلك.

إنَّ تحرير الموصل، والتحرير المحتم والمرتقب للرقة في سورية، لن يكون نهايةً “للدولة الإسلامية”، ولأيديولوجيتها الشريرة؛ ولكنه يسحق ادعاء الجماعة بوجود “دولة” فعلية؛ وبناءً على ذلك تقلل هزيمتهم من مصدر إلهامٍ للمتطرفين الذين يمارسون العنف، أو يضيّعون النفوس ببساطةٍ على وسائل التواصل الاجتماعية، لمهاجمة الأميركيين، وأصدقائنا. هذه خطوةٌ ضرورية إلى الأمام في مجال مكافحة الإرهاب، والأميركيون أكثر أمنًا لذلك.

الفضل في تحرير الموصل ينبغي أن يعود إلى القوات العراقية الباسلة التي نفذت المعركة، وكذلك لقوات البيشمركة الكردية؛ لكن الفضل أيضًا يعود للأداء الرائع من قبل قوات الولايات المتحدة، وقوات التحالف في حملتهم الجوية، والعسكرية في عملية تدريب وتجهيز وتمكين قوات الأمن العراقية، التي بدأت منذ أكثر من عام.

كان إجراء الحملة بهذه الطريقة ضروريًا بشكلٍ استراتيجي، لتهيئة الظروف لهزيمةٍ دائمة حقًا لتنظيم “الدولة الإسلامية”. أما البديل فكان يمكن أن نستخدم قوات برية أميركية من البداية. لكن هذا كان يمكن أن ينقص من ميزتنا العسكرية أمام العدو في المناطق الحضرية لبلدٍ أجنبي، وربما أيضًا قد يحرّض بعض الذين يساعدون الحملة (أو على الأقل يجلسون على الهامش) للانضمام إلى العدو. وأخيرًا، فإن من شأنه ربما أن يترك مشكلة تحقيق الاستقرار بعد انتهاء الصراع، ومشكلة الحكم، من دون حلّ. لقد أثبت التاريخ أنَّ هذه المهمة يصعب أن يحققها الغرباء أو الأجانب.

الأهم من ذلك، والفضل في ذلك إلى خليفتي، وزير الدفاع جيم ماتيس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، جوزيف دانفورد، ليس فقط لاستمرار هذا الحملة العسكرية، ولكن أيضًا لاستمرار البحث عن سبلٍ لتسريع ذلك. وبعد ذلك هناك القادة العسكريون المشهورون: جو فوتيل، من القيادة المركزية الأميركية، وقادة الحملة: سيان ماكفارلاند، وستيف تاونسند، ومجموعةً من القادة الآخرين.

في حين هناك الكثير للاحتفال به بعد سقوط الموصل، نحن بحاجةٍ أيضًا لأن نُصلّب أنفسنا من أجل الطريق المتبقي أمامنا. هزيمة “الدولة الإسلامية” في الموصل والرقة ضرورية، ولكنها غير كافية.

في هذه المرحلة، أنا أقلُّ قلقًا بشأن الحملة العسكرية في العراق، من الحملات السياسية والاقتصادية التي يجب أن تلي الحملة العسكرية. ما لم يكن العراقيون راضين عما سيأتي بعد ذلك، سيكون هناك انحدارٌ نحو الفوضى والتطرف. أعتقد أيضًا أنّنا بحاجة إلى حضورٍ عسكريّ أميركي من أجل تحسين قوات الأمن العراقية، وتمكينها للحفاظ على السلام. إن شركاء التحالف أساسيون وضروريون: إيطاليا، على سبيل المثال، بارعةٌ في تدريب الشرطة. ويمكن لدول الخليج العربية أنْ تقدّم إسهامًا كبيرًا لأمنٍ دائم في منطقتهم، من خلال تقديم المساعدة الاقتصادية الأساسية.

ستكون سورية أكثر تعقيدًا. ومن بين القرارات الأكثر أهمية التي اتخذتها إدارة ترامب، الموافقة على توفير الأسلحة، والتدريب لعناصر كردية من “قوات سورية الديمقراطية” لمحاصرة الرقة. كان هذا مثيرًا للجدل؛ لأنَّ تركيا تعارض مثل هذه الخطوة، لكنها الخيار الوحيد القابل للتطبيق لتحرير الرقة. على الرغم من أنّ القرار النهائي لم يحدث خلال إدارة أوباما، لكني أيدّتُ بقوة دعم “قوات سورية الديمقراطية”، بما في ذلك الأكراد. الآن، أيام “الدولة الإسلامية” في الرقة صارت معدودة. وبالتطلع إلى الأمام، سيكون من المهم أن نستمر في طمأنة تركيا، وهي حليفٌ للناتو، من خلال إلزام “قوات سورية الديمقراطية” بالتزاماتها.

لم تلعب روسيا أيّ دورٍ بناءٍ في تلك الانتصارات الوشيكة التي تقودها الولايات المتحدة. أرسل الرئيس فلاديمير بوتين القوات إلى غرب سورية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، والحث على انتقالٍ سياسي بعيدًا عن نظام بشار الأسد القاتل؛ ولم ينفذ بوتين أيًّا من هذا. أي تعاون أميركي أوسع مع روسيا، أبعد من عمليات عسكرية لإنهاء الصراع سيتطلب من موسكو تلبية الشروط التي لم تلبها قط. ينبغي على الولايات المتحدة أن تتجنب الإغواء بمناورات جديدة لبوتين.

في مكانٍ آخر، ولبعض الوقت في المستقبل، الكفاح ضد الإرهاب المتطرف سيحتاج إلى متابعة. في أفغانستان، على سبيل المثال، وأنا ممتنٌ للرئيس باراك أوباما لإقرار توصياتي أنا ودانفورد، أولًا لتأخير الانسحاب، وبعد ذلك لزيادة عدد قوات الولايات المتحدة التي تقدّم المشورة، والمساعدة للقوات الأفغانية، وحكومة الرئيس أشرف غاني. أيدّتُ بقوة المساعي المتواصلة لتحسين الوضع الأمني ​​هناك. إنها ليست مجرد أنّنا لا يمكن السماح لأفغانستان مرةً أخرى بأن تصبح قاعدةً لمهاجمة الولايات المتحدة؛ بالإضافة إلى ذلك الحفاظ على شراكة أمنية في منطقةٍ ذات أهمية استراتيجية.

سنحتاج إلى الحفاظ على عزمنا لإنجاز تحقيق هزيمةٍ دائمة “للدولة الإسلامية”. لكن حتى الآن، دعونا نشكر قواتنا وقادتهم.. دعونا نشكر القوات العراقية والسورية التي استعادت الأراضي من الجماعة الإرهابية. ينبغي على العالم أنْ يدرك أنه لا يمكن لأحدٍ سوى الولايات المتحدة أن يقود مثل هذا التحالف نحو الفوز. هذا ردٌّ مناسب لكل من يعتقد أن فوضانا الداخلية، والسياسة الحزبية هما سببٌ للشك بقوة الولايات المتحدة.

اسم المقالة الأصلي How to make the Islamic State’s defeat last الكاتب أشتون كارتر، Ash Carter مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post، 12/07/2017 رابط المقال https://www.washingtonpost.com/opinions/how-to-finally-defeat-the-islamic-state–and-make-it-last/2017/07/12/4d72ecc8-6717-11e7-a1d7-9a32c91c6f40_story.html?utm_term=.88051154810f ترجمة أحمد عيشة


المصدر