“قسد” تضيف جريمة جديدة إلى سجلّها


تداول نشطاء حقوق الإنسان السوريون مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، لتعذيب عناصر تابعين لـ “قوات سوريا الديمفراطية” لمدني سوري في منطقة من المُرجّح أنها ضمن أو في محيط محافظة الرقّة السورية.

يُظهر هذا المقطع عنصرين من “قسد” ومعهما عنصر ثالث يصوّر، وأمامهما مدني تم إجباره على الجلوس على الأرض وبجانبه جثّة لمدني آخر يُعتقد أن الميليشيا المدعومة أمريكياً قامت بقتله أيضاً قبل تصوير المقطع.

وخلال المقطع يظهر المدني وهو يترجى العنصرين ألا يقتلاه، ثم يُقدم أحدهم على إطلاق الرصاص على جسده وبعد وفاته جراء إطلاق النار مباشرةً يقوم العنصر ذاته بإطلاق الرصاص لعدّة مرّات ومنها على رأسه لإخفاء هوية الجثة وتشويه معالمها، ثم يأتي ويقف أمام الكاميرا ويشير للجثّة وهو يقول “هذا مصير كل داعشي” علماً أن الضحية لا يحمل أي من العلامات التي تدل على انتمائها للتنظيم، ثم يكمل إطلاق الرصاص على الجثّة بعد توجيه اتهامه، وينضم إليه عنصر آخر ليُكملا إطلاق النار على الجثة لتشويهها تماماً.

وأكّد الناشط الإعلامي أبو محمد الرقاوي، إن المقطع تم تصويره في «قرية الدراوشة» في ريف الرقة الشرقي، مشيراً في تصريح صحفي إلى أن الرجل الضحية الذي ظهر في المقطع المصور مدني، ويدعى «علي الحميد العلاش»، وهولا ينتمي لأي جهة عسكرية، حيث كان يعمل منذ سنوات في لبنان.

محاولة النفي

هذا المقطع المسرب خلّف صدمة نتيجة تصفية أحد المدنيين بكل دم بارد، وفي المقابل حاولت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» احتواء الموقف، فأصدرت بياناً نفت فيه وجود أي دليل على انتماء العناصر إلى صفوف قواتها سوى ادعائهم اللفظي، على حد قولها.

وجاء في البيان، أن ما حدث جريمة مكتملة الأركان ولا تعبر عن أخلاقنا ومبادئنا، ولدينا من القوة والانضباط ما يكفى للتصدي لهذه الظواهر وردعها وإنزال أقسى العقوبة بمرتكبيها واطلاع الرأي العام على كل حيثيات التحقيق.

وأكد البيان، أن لجان التحقيق المختصة بدأت تحقيقاً وبحثاً عن هؤلاء الجناة للوصول إلى الحقيقة سواء لجهة التثبت من كونهم ينتمون لقوات سوريا الديمقراطية، حيث لن نتردد في كشف ملابسات هذه الجريمة التي تسيء لها وتنال من تضحياتها في مواجهة الإرهاب حسب البيان.

ليس الأول

حملة “الرقة تُذبح بصمت” أكّدت هوية الضحية “العلاش” الذي ينحدر من محافظة الرقّة، وأن الجُناة هم من وحدات الحماية الكردية التي تمثل العمود الفقري لـ “قوات سوريا الديمقراطية”.

وكان قد انتشر مقطع فيديو آخر للميليشيا ذاتها بشكلٍ متزامن، يظهر علاج عناصرها لمقاتل من “داعش”، وسؤاله عن انضمامه للتنظيم وكيفية دخوله إلى الرقّة وتسليم نفسه.

هذا الفيديو سبقه مقطع فيديو آخر، يُظهر عناصر من الميليشيا ذاتها في غُرفة مغلقة كانوا يعذّبون مدنياً داخلها بشكلٍ وحشي عبر الجلوس فوق الجثّة على كرسي حديدي صلب وضربه بشكلٍ مبرح.

واعتبر الناشط الحقوقي سامر طلاس أن أي اعتداء على أي مدني في سوريا حالياً يندرج ضمن جرائم الحرب، واستند طلاس في تصريح لـ “صدى الشام” إلى الاتفاقية رقم 3 من اتفاقيات جنيف الـ 4، التي تنص أنه في حال وجود نزاع مسلّح فإن جميع الأطراف تلتزم بحماية المدنيين وسلامتهم وضمان محاكمتهم بشكلٍ قانوني، وعدم التعرّض لهم أو قتلهم أو تشويههم، أو المس بكرامتهم الشخصية أو معاملتهم بشكلٍ مهين أو إعدامهم ميدانياً دون إجراء محاكمة.

ولفت طلاس إلى أن مقطع الفيديو يحتوي على كل هذه الانتهاكات التي نصَّ عليها القانون الدولي، مضيفاً أن التهمة الجاهزة دائماً لتبرير الجريمة تكون أنّ الضحية عنصر من تنظيم “داعش”، وأوضح أنه في حال حصول ملاحقة قانونية فإن المحاسبة تكون حسب انتهاكات العناصر وتسلسل المسؤولية بينهم.

ذريعة دائمة

باتت معركة الاستيلاء على مدينة الرقة التي أطلقتها “قوات سوريا الديمقراطية” في السابع من حزيران الماضي بحجة طرد تنظيم “داعش” سبباً وذريعة لارتبكاب شتى أنواع الانتهاكات إلى درجة دفعت ناشطين لتسبيه ممارسات “قسد” بحق أهالي الرقة، بممارسات شبيحة نظام الأسد مع انطلاق الثورة السورية عام 2011.

وكانت الأمم المتحدة اتهمت ميليشيات “قوات سوريا الديمقراطية” بارتكاب انتهاكات وإساءات في المناطق التي استولت عليها في الرقة، مثل مدينة الطبقة، بما في ذلك أعمال نهب واختطاف واحتجاز تعسفي، وتجنيد الأطفال، كما تُتهم هذه الميليشيات بضلوعها بعمليات التغيير الديموغرافي والتهجير بحق العرب.



صدى الشام