مستقبل مجهول ينتظر السويداء بعد اتفاق الجنوب


أقرّ الجانبان الأميركي والروسي في السابع من الشهر الجاري أول “منطقة آمنة” أو ما يحب الروس أن يطلقوا عليها “منطقة تخفيف التصعيد”، في جنوبي وجنوبي غربي سوريا، لتشمل فعلياً محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء.

وتتميز هذه المنطقة بخصوصية لما لها من تعقيدات جيوسياسية وديمغرافية، إضافة إلى التداخل في مناطق السيطرة، فضلاً عن وجود السويداء ضمنها، والتي تعدّ بالأصل منطقة نفوذ أمريكية.

تعتقد مصادر معارضة في دمشق، أن تشكيل هذه المنطقة جاء “نتيجة فشل المجتمع الدولي بتشكيل حكومة وحدة وطنية أو هيئة حكم يكون المشتركين فيها ممثلين لمصالح الدول الفاعلة في سوريا”، وتشير المصادر إلى أن “التوجه اليوم هو تقاسم سوريا ضمن مناطق نفوذ تقوم عليها إدارات، بالتوازي مع الحفاظ على الشكل الخارجي الموحد لسوريا”.

وضع خاص

ترى مصادر متابعة أن دخول السويداء ضمن المنطقة الآمنة رغم بقائها طوال السنوات الماضية خارج الصراع المسلح، سببه موقعها الجغرافي على الحدود الأردنية حالها كحال درعا والقنيطرة، وتؤكد أنه لو لم تكن السويداء داخل تلك المنطقة، فإن وضعها الراهن تحت سيطرة النظام كان سيجعله تُستخدم كإسفين إيراني يطال الحدود ويقطع المنطقة الجنوبية عن منطقة التنف التي ما يزال الأميريكيون متمسكين بها، وذلك لأنها تشمل المثلث الأردني العراقي السوري.

ويبدو مستقبل إدارة السويداء والقوى المسيطرة عليها غير واضح، في حين تفيد تسريبات بأنه سيتم تشكيل إدارات محلية لمناطق المعارضة في درعا والقنيطرة، فيما ستشكل الفصائل المسلحة قوة عسكرية لحفظ الأمن، وهناك ترجيحات أن يشكل مجلس عسكري بين النظام والمعارضة للتنسيق والإشراف على محاربة الإرهاب. في المقابل يبقى الوضع في السويداء إلى اليوم بيد مؤسسات حكومة النظام إدارياً، وحتى الشرطة وقوى الأمن التابعة له ما تزال موجودة إلا أن فاعليتها محدودة، ويتم الاعتماد على الفصائل المحلية في حال حدوث أي إشكال.

جيران

تُعتبر السويداء اليوم المنفذ الرئيس لجارتها درعا، وخاصة للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام التي تحصل منها على المواد الرئيسة وعلى رأسها الوقود بنوعيه النظامي والمكرر بشكل بدائي والقادم من دير الزور عبر البادية السورية إلى أطراف السويداء الشرقية، حيث ينقله البدو إلى القرى الحدودية ومن بعدها ينقله أبناء المحافظة إلى الجهة الغربية من السويداء، وفي أحيان كثير يوصله البدو في بأنفسهم إلى داخل درعا، وفضلاً عن ذلك يجري نقل الأشخاص من وإلى درعا، سواء كان منهم من يرغب بالمتابعة إلى تركيا، أو من يكون عائداً إلى أهله في درعا.

وتتمركز في المنافذ الرئيسة الواصلة بين محافظتي درعا والسويداء، حواجز تمتد على طول الحدود الإدارية بينهما، في حين يعتمد الأهالي على الطرق الزراعية وغيرها التي خبروها سابقاً.

فاعلون أساسيون

تقوم إدارة محافظة السويداء على وجود 6 أشخاص فقط من خارج المحافظة، هم المحافظ وقائد الشرطة ورؤساء الأفرع الأمنية الأربعة، ما يعني أن المؤسسات بيد أبناء المحافظة.

يقول أحد وجهاء السويداء، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ صدى الشام: “إن المسؤولين الذين هم ليسوا من أبناء السويداء مؤثرون حالياً، لكن إن خسرناهم فلن تتأثر الأوضاع في المحافظة”، ويضيف “كما يوجد في المحافظة عدة فصائل مسلحة محلية، قد تشكل نواة عسكرية لحماية أمن المحافظة، إضافة إلى 45 ألف شاب، ممتنعين عن الخدمة العسكرية”.

ويستبعد المصدر أن “يكون هناك قطيعة مع حكومة النظام في دمشق لاحقاً سواء بقي النظام أم رحل، وهو أمر ستقرره الاتفاقات الدولية، فقد يكون للسويداء دور الوسيط في نقل البضائع وما شابه، كما يتوقع أن يكون هناك معبر حدودي مع الأردن، الأمر الذي سينشط الحركة الاقتصادية مع دمشق مع الحفاظ على الاستقلالية الإدارية”.

جهود

يلفت ناشطون إلى وجود تحركات في المحافظة منذ نحو 3 أشهر، لتشكيل هيئة مدنية اجتماعية، تكون مسؤولة عن متابعة مؤسسات الدولة وتصل لدرجة التدخل في الشؤون الأمنية، وقد سعى لتأسيس هذه الهيئة طرفان هما: العميد وفيق ناصر، رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء ودرعا، ومشايخ العقل وقيادات مدنية من المحافظة، وتفيد المعلومات بأن الطرف الأول أفشلت جهوده قيادات حزب البعث العربي الاشتراكي، وأمن الدولة الذي يدعم التوجهات الإيرانية، أما الثاني فما يزال يكثف مساعيه في هذا الإطار لإنجاح نموذجه الذي يلقى دعماً مجتمعياً.



صدى الشام