“مقالب أبو غالب”..مخاطرة العمل المستقل


يستعد الممثل نزار أبو حجر، لتقديم شخصية “أبو غالب” التي قدمها في مسلسل “باب الحارة”، لكن هذه المرة ضمن عمل درامي مستقل، ومن المتوقع أن تنطلق عمليات تصوير المسلسل الجديد خلال الأيام القادمة في دمشق.

وبعدما استغنى مخرج ومنتج “باب الحارة” بسام الملا عن خدمات أبو حجر بدءاً من الجزء الرابع، قرّر الممثل إحياء شخصية “أبو غالب” التي أداها في الأجزاء الأولى من المسلسل من خلال العمل الكوميدي الجديد.

ويظهر “أبو حجر” في مسلسله الجديد “مقالب أبو غالب” بالشخصية نفسها كما كانت في “باب الحارة” تماماً كـ”بائع بليلة” مع أحداث مثيرة وشيقة ولكن بأسلوب كوميدي.

وكانت وسائل إعلامية تحدثت عن انسحاب الممثل من “باب الحارة” نتيجة خلافات مع الملا، ويشكل “مقالب أبو غالب” فرصة لأبو حجر لإثبات الذات بالتعاون مع المؤلف مروان قاووق والمخرج خلدون مرعي.

وأنهت الشركة المنتجة مؤخراً جميع الإجراءات القانونية بخصوص ملكية الحقوق الفكرية للشخصية العائدة أصلاً للكاتب مروان قاووق الذي يملك حقوق مسلسل “باب الحارة” وشخصياته.

أفق النجاح

تتجلى حساسية خوض التجربة الجديدة لـ “أبو حجر” في اعتماده على جانب محدد يمثل جزءاً من مسلسل آخر، وبغض النظر عن مدى نجاح شخصية “أبو غالب” سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، فإن جدوى تحويل الجزء إلى كلّ، ستحدده إمكانية توفر نصّ ومخرج جيّد قبل كل شيء، وذلك مرتبط بالانعتاق بنسبة كبيرة من النموذج الأساسي أي “أبو غالب” باب الحارة، وهنا تبرز الحاجة إلى وجود مشروع وإرادة نجاح بالأساس يقوم عليها المسلسل، أي الرغبة بتقديم شيء يتجاوز مجرد الرّكون إلى أمجاد مفترضة تم تحقيقها سابقاً على نطاق ضيق والرغبة بتوسيعها وحسب،  وليست المسألة هنا على علاقة بمدى الإعجاب أو الانبهار بالشخصية من عدمه بقدر ما هي محكومة بالتزام القائمين على العمل بتحقيق إنجازٍ ما وهو ما يخضع لمعايير واضحة ومعروفة من الطبيعي أن تتكلل بأصداء إيجابية إذا ما توفرت.

تجارب

 ليست تجربة أبو حجر هي الأولى في هذا السياق فقد سبق وأن شاهدنا أمثلة أخرى استند صانعوها على لوحة هنا أو شخصية هناك، ولعل أوضح النماذج هو مسلسل “أبو جانتي.. ملك التكسي” الذي جاء بعد أن أعاد النجم السوري سامر المصري بمشاركة رازي وردة، كتابة لوحة من لوحات مسلسل (بقعة ضوء – الجزء الثالث) لكن بثلاثين حلقة هي قوام مسلسل “أبو جانتي”، وفيه يلعب سامر المصري تحت إدارة المخرج محمد زهير قنوع، شخصية سائق تاكسي يتعرف كل يوم على أشخاص جدد لتُخلق معه قصص مضحكة تستمد أحداثها من عمق الواقع السوري. وإلى جانب المصري، شارك في المسلسل كل من: أيمن رضا، وسامية الجزائري، وأندريه سكاف، وشكران مرتجى.

ومع الاعتراف بشعبية “أبو جانتي” والكاراكتر الذي كرّسه لدى الجمهور إلا أن هناك عدة مآخذ على العمل أبرزها تكريس الملل عن طريق شخصيات ثابتة على مدى ثلاثين حلقة، مما أوهن العمل كما هو الحال في شخصية الفنانين أندريه سكاف وفادي صبيح، وتكرار معاناتهما يومياً وبشكل مبتذل، فالأول ما زال يماطل في دهان الشقة والآخر يحاول التقرب من المدرب واللعب بشكل أساسي في تشكيلة الفريق، وقِسْ على ذلك من مواقف مقحمة ولا محلّ لها من الإعراب.

أما النموذج الآخر الذي يمكن القياس عليه فهو “ضيعة ضايعة” الذي ولد من رحم إحدى لوحات “بقعة ضوء” أيضاً والتي جاءت بعنوان “جيران”، ومع أن الكاتب ممدوح حمادة ينسب فكرة “ضيعة ضايعة” إلى لوحات كتبها في العام 1994 لم يكتب لها الدعم الإنتاجي في ذلك الوقت، إلا أنها تبقى روافد إضافية لأن لوحة “جيران” أعطت ما هو أكثر من شخصيتي “جودة أبو خميس” و “أسعد خرشوف”، فقد رسمت تلك اللوحة الملامح والبنية الأساسية لـ “ضيعة ضايعة” سواء على صعيد الإطار المكاني والحبكة الدرامية وقبل كل شيء العلاقة بين الشخصيات.

مخاطرة

 يعدّ حجم المخاطرة الفنية كبيراً في مثل هذه التجارب، لأن القائمين عليها يكونون أمام خيارات محدودة تشكل الوجه السلبي للاعتماد على نجاح جزئي، ومن هذه الخيارات القيام بتكثيف مضامين الشخصية “الناجحة” سابقاً على صعيد الأداء والمواقف والأحداث وإعادة ضخها في قوالب وبنى وحبكات درامية جديدة.
أما احتمالات فشل هذا النوع من المسلسلات فيعود إلى القيام بالتقاط بعض الملامح الأصلية وإخضاعها لعمليات شدّ و”مط” تشبه إلى حد كبير عمليات التجميل التي تحاول الاستفادة من القليل الجيّد للإيحاء بما هو أكثر، حتى لو كلف ذلك حشواً واستطراداً بلا طائل أو مبرر.



صدى الشام